سطع نجمه عالمياً في أواخر السبعينيات، خصوصاً بعد نيله "جائزة سيزار" عن فئة أفضل ممثل في فيلم "The Last Metro"، ثم نال جوائز عالمية كثيرة منها جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان السينمائي، عن فيلم "Cyrano de Bergerac"، كما رُشّح لنيل جائزة أوسكار في العام نفسه.
ولد الممثل الفرنسي جيرارد ديبارديو يوم 27 كانون الثاني/يناير عام 1948، بشاتورو في فرنسا لعائلة أرثوذكسية، وبدأت مسيرته الفنية في عام 1964 في باريس.
200 فيلم ومسيرة حافلة
قدّم جيرارد ديبارديو حوالى 200 فيلم، ومنها Le Comte de MonteCristo وThe Man in the Iron Mask، بينما يبقى من أهم أدواره "كريستوف كولومبوس" مكتشف أميركا، في فيلم 1492: Conquest of Paradise، ودور Obélix في سلسلة "Asterix & Obelix".
كما حصل على تكريمات كثيرة، منها وسام جوقة الشرف من رتبة فارس من الدولة الفرنسية، ووسام الإستحقاق الوطني الفرنسي.
إكتشف موهبته الغنائية متأخراً
إكتشف جيرارد ديبارديو موهبته الغنائية متأخراً، فأصدر ألبوماً موسيقياً بعنوان: "جيرار ديبارديو يغني باربرا"، تكريماً لذكرى صديقته الفرنسية مونيكا أندريه سيرف الشهيرة باسم "باربرا"، التي تنوعت مواهبها بين التأليف والتلحين والغناء والتمثيل. وجال مدناً حول العالم مغنياً، ووصل في جولته إلى مهرجانات بيت الدين في لبنان عام 2019.
تخلى عن الجنسية الفرنسية وإعتنق الإسلام ثم الأرثوذكسية.. وماذا عن اليهودية؟
أعلن جيرارد ديبارديو في عام 2012 أنه تخلّى عن جنسيته الفرنسية، بعد أن وصف رئيس الوزراء جان مارك أيرو أنذاك قرار الممثل بالإنتقال إلى بلجيكا، للهرب من الضرائب المفروضة في فرنسا بـ"الأمر المثير للشفقة".
وقال ديبارديو في رسالة معلنة بعثها لرئيس الحكومة، نُشرت في صحيفة "جورنال دو ديمونش": "مثير للشفقة، قلت مثير للشفقة؟!.. أنا لا أطلب موافقة، يمكنني على الأقل أن أُحترم. ليس كل من ترك فرنسا قد أهين كما أُهان".
وأضاف "أنا أعيد لكم جواز سفري ورقم الضمان الاجتماعي الخاص بي الذي لم أستخدمه البتة.. ما عدنا من الوطن نفسه بعد اليوم، إنني أوروبي بحت، مواطن عالمي".
وعُرف بمزاجية متقلبة بالنسبة إلى معتقداته، إذ سبق أن إعتنق الدين الإسلامي لمدة عامين، وقال في تصريحات سابقة للصحافي لوران نيومان إنه عندما وصل إلى باريس في عام 1965 كان قد إعتنق الإسلام قبل عامين، وكشف أن أغاني أم كلثوم التي سمعها كانت السبب في تعلقه بالإسلام، وأنه كان يؤدي الصلوات الخمس في جامع باريس الأكبر ويقرأ القرآن.
ولطالما شكّلت الروحانيات والديانات إهتماماً بالنسبة له، وهو الباحث الدائم عن نفسه، فقد كان مهتمّاً بالبوذية والهندوسية والتلمود والقرآن والكتاب المقدس، كما إهتمّ بالصوفية والفلسفة.
لكنه عدل عن رأيه إذ إعتنق الأرثوذكسية من الدين المسيحي، وتعمّد في كنيسة القديس أليكسندر نيفيسكي في باريس، متمّماً كل الطقوس المرجوة منه.
وبحسب صحيفة "Le Point" فإن مسعى جيرارد ديبارديو لم ينته بالضرورة بالإنضمام إلى المجتمع المسيحي الأرثوذكسي، وسيفكر في التحول يوماً ما إلى اليهودية، نظراً لـ"القرب بين اليهودية والإسلام"!
الجنسية الروسية
واجه جيرارد ديبارديو مشاكل مع الحكومة الفرنسية، تتعلق بتهرّبه من الضرائب، فلجأ إلى قرية نيشان البلجيكية القريبة من الحدود الفرنسية والمعروفة بإستقبالها المهاجرين الأثرياء، وإشترى فيها منزلاً، معلناً حينها العيش هناك.
وسرعان ما ظهر وئام بارز بينه وبين روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، الذي منحه في عام 2013 الجنسية الروسية بمرسوم جمهوري، ومنذ ذلك الوقت ينصّب ديبارديو نفسه مدافعاً عن بوتين وعن "الدولة العظيمة"، كما يصفها.
العلاقة مع إسرائيل
أثارت علاقة جيرارد ديبارديو بإسرائيل جدلاً كبيراً، لكونه أعلن حبه للدولة والتفكير في إعتناق اليهودية.
وفي آذار/مارس عام 2017 ذهب مع الممثلة فاني أردانت لعرض مسرحية La Musica deuxième لمارغريت دوراس، وبهذه المناسبة أجرت معه صحيفة (Le Monde juif.info) مقابلة، قال فيها: "أنا حقاً أحب إسرائيل وأفضل القدوم إلى تل أبيب عبر شركة الطيران الإسرائيلية"، وأبدى إعجابه بشكل خاص بالعاصمة تل أبيب وفخامة شواطئها، التي قال إنه يحبها (بشكل خاص).
"ضد مُعاداة السامية الجديدة"
كما أثار جيرارد ديبارديو حفيظة العرب والمسلمين، عندما وقّع على بيان نشرته صحيفة "لوباريزيان" تحت عنوان: "ضد مُعاداة السامية الجديدة"، للمدير السابق لمجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية فيليب فال.
وأثار البيان ضجة في الأوساط الفرنسية، إذ جمعت فيه تواقيع أكثر من 250 شخصية فرنسية، طالبت بوضوح بإعتبار بعض آيات القرآن الكريم آيات "عفا عليها الزمن"، بتهمة دعوتها إلى "قتل وتعذيب اليهود والمسيحيين والمُلحدين".
إتهامات بالتحرش
تقدمت ممثلة عشرينية بشكوى أمام النيابة العامة في باريس، متهمة جيرارد ديبارديو بالتحرش بها في منزلها، وبعد تسعة أشهر من إنتهاء النيابة العامة من تحقيقها وتبيان أن "الإستقصاءات الكثيرة التي أجريت لم تسمح بإثبات الإنتهاكات المشار إليها في كامل أركانها الجرمية"، عادت هذه القضية وتفاعلت في أوائل شهر آب/أغسطس عام 2020، بعد أن أعيد إغلاقها من دون أي إدانة.
ومن شأن الشكاوى التي قُدمت في إطار الإدعاء بالحق المدني، أن يُعاد فتح التحقيق بشأنها تلقائياً بعد تعيين قاضٍ للتحقيق في القضية، ويعود القرار النهائي إلى النائب العام بشأن فتح التحقيق من عدمه، وهذا الأمر يحصل مع غالبية القضايا المماثلة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المدعية رغبتها في أن "تتمكن السلطات القضائية من القيام بعملها بسلام وهدوء"، وفق ما نقلت محاميتها إيلودي توايون-إيبون، التي أسفت بدورها، "للإغلاق غير المبرر للتحقيق الأولي"، فيما رفض محامي ديبارديو التعليق على إعادة فتح التحقيق من جديد.
غير مرحّب به في الجزائر
في عام 2018، أثار جيرارد ديبارديو جدلاً كبيراً في الجزائر، بعد ترشيحه لتقديم فيلم جزائري تاريخي، وجاء الإعتراض من نقاد، خصوصاً أنه كان متهماً بالتحرش كما جاء الإعتراض على إختياره بسبب وجود نجوم جزائرين يصلحون لتقديم الدور.
جدل حول تكريمه بمهرجان الجونة السينمائي عام 2020
أثار مهرجان الجونة السينمائي الجدل، عندما أعلن تكريم جيرارد ديبارديو ، بدورته الرابعة عام 2020.
وسلمّ رئيس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة المخرج بيتر ويبر، جيرارد ديبارديو جائزة الإنجاز الابداعي، والذي عبر عن سعادته بهذا التكريم، وقال إنه فخر كبير له أن يكون موجوداً في الجونة، وأن يتسلّم هذا التكريم.
كما أنه بدأ كلمته بالتحدث بالعربية بـ"السلام عليكم"، وختم بـ"شكراً".
وعلى الرغم من رفض عدد من الفنانين والمثقفين، هذا التكريم في بيان لهم، إلا أن المهرجان إلتزم الصمت ورفض التعليق على هذا الجدل.
ومن جهته، أكد المدير الفني للمهرجان أمير رمسيس في تصريحات له، أن القائمين على المهرجان لن يعلقوا على الأمر، وأن هناك محاولات لجرهم إلى مناقشات جانبية، وأن ضيوف المهرجان من فلسطين لم يعترضوا، وهم أصحاب القضية بالأساس.