مؤلف موسيقي لطالما رفع إسم بلده لبنان عالياً أينما حل. صحيح أنه مغترب في فرنسا منذ سنوات طويلة، ولكن مبادرته لإنقاد لبنان من الغرق أكثر بسبب فساد سياسيه، خطفت كل الأضواء.
ما فعله إبراهيم معلوف في حفل "Unis pour le Liban" هو إنجاز عالمي، إذ دق ناقوس الخطر لإنقاذ بلده الأم، فجمع فنانين من لبنان وفرنسا والعالم، ليساهموا بحناجرهم الذهبية في جمع ما يمكن جمعه من أموال ليبقى اللبنانيون صامدين في وجه كل المؤامرات الداخلية والخارجية، وليبقى أرز لبنان شامخاً دوماً.
موقع "الفن" إلتقى المؤلف الموسيقي إبراهيم معلوف، وكان لنا معه هذا الحوار.
قبل كل شيء ،أهنئك على أمسية "Unis pour le Liban"، سبق أن قلت إنك حلمت بهذه الأمسية الفنية في الرابع من آب. كيف عملت على تحقيق ذلك؟ كيف تواصلت مع قناة فرانس 2 والعديد من أقنية التلفزيون والراديو لتحقيقها وعرضها؟
ما حدث هو أنه منذ 4 آب مساء، بعد إنفجار مرفأ بيروت، كان لدي تفكير فني، وقلت في نفسي إنه يجب أن يحدث شيء لإعطاء صورة أخرى عن لبنان، غير صور الدمار والإغتيالات والقتلى طوال الوقت، أردت أن نرسم لبنان أكثر بهجة ومتعة وإيجابية.
تلقائيًا، حاولت تحفيز جميع أصدقائي الفنانين على المشاركة في هذه المبادرة. إتصلت بالإليزيه، وتواصلت مع تلفزيون فرنسا، وإتصلت بإذاعة فرنسا. في الواقع، لقد تواصلت مع جميع الفنانين والمؤسسات التي كانت بحاجة إلى تحفيز لجعل هذا الحدث أجمل ما يمكننا القيام به لهذه المناسبة. بدأ الموضوع على هذا النحو، وشعر الجميع بأنهم معنيون بالأمر وقبلوا بالمشاركة. هكذا وصلنا إلى تحقيق هذه المبادرة .أخيراً حاولت تحفيز شبكتي بأكملها.
على أي أساس إخترت المطربين؟ كانوا رائعين وخصوصاً في الأغنيات الثنائية والثلاثية. رؤيتهم وهم يغنون سويًا كانت أمراً رائعاً، لم نرَ مثل هذا المشهد في لبنان بسبب الغيرة التي تسيطر بين أغلب الفنانين.
أعتقد أن ما سمح بضمان مشاركة العديد من الفنانين في هذا الحدث هو حقيقة أن القضية كانت مهمة. هذا هو السبب الذي طرحته عندما تحدثت إليهم جميعًا . قلت لهم: لسنا هنا للترويج لأنفسنا، نحن هنا لتلميع صورة لبنان والفرانكوفونية والرابط الموجود بين فرنسا ولبنان، ولنحاول أن نجعل ذلك المساء أجمل ما يمكن لتشجيع اللبنانيين في الدراما التي يعيشونها. نحن هنا أيضًا لتشجيع الفرنسيين على إرسال الأموال. كان هذا هو الشيء الوحيد الذي حفز الجميع على الحضور، تم وضع كل "الأنا" جانباً ولو لفترة هذه الأمسية.
كيف نفذت هذا المشروع؟ بعد يوم من التيليون والماراثون، هل جمعت الكثير من الأموال لبيروت؟
لقد كان جمع التبرعات نجاحًا حقيقيًا، إذ تمكنا من جمع ما يزيد قليلاً عن مليون ونصف المليون يورو حتى الآن، ونأمل أن نتمكن من الاستمرار في جمع المزيد. أعتقد أنه مع التبرعات القادمة والمساعدات الإضافية التي ستصل، ستبلغ التبرعات 2 مليون أو حتى أكثر من ذلك بقليل. أعتقد أن النجاح مهم جدًا، والتعبئة كانت مهمة جدًا والمال مطلوب حقًا.
هل إخترت جمعية الصليب الأحمر اللبناني لتتسلم الهبات لأنها بعيدة عن الفساد؟ وبالتالي تصل المساعدات بكل مصداقية إلى الأشخاص المتضررين.
موضوع توزيع النقود مهم جداً بالنسبة لنا، ونحن قررنا أن يذهب نصف الأموال التي تم جمعها إلى الصليب الأحمر اللبناني. من الواضح أننا سنكون حذرين للغاية، وستكون هناك متابعة حقيقية لمعرفة كيفية توزيع هذه الأموال. النصف الآخر من الأموال سيذهب إلى الجمعيات التي تعمل على حماية الثقافة والفنون والتراث اللبناني. لذلك نحن أمام توزيع في فئتين، الصليب الأحمر اللبناني الذي سيعمل على الجانب الإنساني والصحي، والمؤسسات الأخرى ستعمل على الجانب الثقافي. هذا شيء مهم جدًا بالنسبة لي، ومن الواضح أنه لا يوجد شيء يمكن تقريره من دون أخذ رأيي، سأكون منتبهًا جدًا لموضوع توزيع الأموال.
كيف تفاعلت مع تعاطف الجمهور اللبناني مع هذا الحدث وجميع الأشخاص الذين حضروا هذه الأمسية؟
لقد تأثرت بشدة بردة فعل الناس، فقد كانت هناك تعبئة لا تصدق، حتى على مستوى مشاهدي التلفزيون، تم تحطيم جميع الأرقام القياسية المقدرة أو المتمناة. لذلك من الواضح أن ردة الفعل كانت مؤثرة للغاية. شعرت أن هناك الكثير من العاطفة والشعور بين الجمهور، وتلقينا الكثير من الرسائل على شبكات مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر رسائل البريد الإلكتروني وما إلى ذلك ... من أشخاص تأثروا كثيرًا بهذه المبادرة. شعرت بالسعادة عندما رأيت أن الناس بالإجماع كانوا يؤيدون هذه الطريقة للترويج للبنان ولصورة أخرى لهذا البلد.
أهنئك على زواجك من لؤلؤة نادرة، وهي بدورها تزوجت من موسيقي عظيم نحترمه ونحبه كثيراً. هل سيولد هذا الزواج ثنائياً فنياً بين هبة طوجي وإبراهيم معلوف أو ثلاثياً فنياً بين إبراهيم معلوف وهبة طوجي وأسامة الرحباني؟
كنت سعيدًا جدًا لأن أسامة الرحباني وهبة طوجي تواجدا معي في هذا الحفل، فقد كان ذلك شيئًا مهمًا جدًا وضرورياً بالنسبة لي لأن لبنان كان يجب أن يكون حاضرًا بأفضل ما فيه. بالنسبة لي، تعد هبة طوجي واحدة من أعظم المطربات اليوم في العالم العربي وأسامة الرحباني هو بالتأكيد أحد أعظم المنتجين والملحنين، وأنا تعاونت في الحفل مع هبة وماثيو شديد في أغنية "Mappemonde"، ومع أسامة وميلودي غاردو وماثيو شديد في أغنية "حبيتك بالصيف" بالنسخة الفرنسية. أنا تعاونت مع أسامة عدة مرات، وآمل أن يوجد المزيد من التعاون في المستقبل.
حدثني عن مشاركة لين خوري الأصغر بين الفنانين المشاركين في الحفل والتي كان لها حضور باهر.
شاركت لين خوري في أغنية "l'Envie d'aimer" مع مؤلف الموسيقى السينمائية خالد مزنر، ثم مع دانيال ليفي ومغنين فرنسيين آخرين.
قدم لنا المؤلف الموسيقي المبدع عبد الرحمن الباشا مقطوعة موسيقية مميزة للغاية، كيف إخترت الأغاني والمقطوعات الموسيقية التي تم تقديمها في الحفل؟
كنت أرغب في دعوة الأشخاص الذين أحبهم فقط وتأدية الأغاني التي أحبها فقط، لقد إخترت هذا البرنامج حقًا وفقاً لذوقي. سألت عبد الرحمن الباشا ماذا يريد أن يعزف، أخبرني عن هذه الأغنية الرومانسية الرائعة، التي ألفها في بيروت عندما كان في الرابعة عشرة من عمره. لذلك دعوته إلى عزفها في ديو مع عازفة التشيلو أستريغ سيرانوسيان. لقد عزفاها معًا بطريقة رائعة، وأنا كنت حقاً سعيداً جداً.
تركت أغنية "Les Cèdres" أثراً كبيراً في نفوسنا، خصوصاً أننا نحترم أرز لبنان كثيرًا، الذي أتت على ذكره التورات 72 مرة. من كتب كلمات هذه الأغنية؟ ولماذا إخترت Ycare بالذات ليغني الأرز القادر على التواصل مع السنديانة الفرنسية؟
Ycare هو مغنّ غير معروف جيدًا، رغم أن لديه موهبة رائعة، وهو من أصل لبناني عاش في إفريقيا مدة طويلة، وكتب كلمات هذه الأغنية التي هي تحفة صغيرة، أغنية رائعة للغاية، وكان أداء Ycare رائعاً كذلك، وأنا كنت سعيدًا جدًا لأنه إستطاع أن يحضر ويؤدي أغنيته، وهو من أوائل الأشخاص الذين دعوتهم إلى هذه الأمسية.
لماذا أعدت إطلاق مقطوعة "بيروت" مع موسيقي آخر، عبر صفحاتك على مواقع التواصل الإجتماعي، والتي كنت قدمتها عام 2013، ولم تقدمها في حفل "Unis pour le Liban"؟
كان من المهم جدًا بالنسبة لي إبراز هذه الموسيقى المسماة "بيروت" التي قمت بتلحينها منذ ما يقارب الـ 27 عامًا. لم أرغب في عزفها في تلك الليلة لأنها طويلة وبطيئة بعض الشيء، فهي كئيبة أكثر من بقية العرض، لكننا أصدرنا نسخة ثنائية مع البوق والغيتار. كانت بالنسبة لي وسيلة للمشاركة بدعم معنوي للتضامن مع مدينة بيروت.
في الختام، نقول لك إنك مبدع ونحن اللبنانيون نحبك كثيراً ونفتخر بك وننتظر وجودك وهبة في لبنان.
شكراً جزيلاً هلا على إهتمامك بـ"Unis pour le Liban"، أنا أتأثر كثيراً في كل مرة أسمع فيها التعليقات الإيجابية بشأن الحفل. آمل أن يبقى هذا الحفل في ذاكرة الناس لمدة طويلة، ويظل متينًا وجميلاً كصورة لبنان، أراكم قريباً إن شاء الله.