هو من الشخصيات الفنية البارزة، التي صنعت جزءاً من السجل الفني للمغرب، ورسخت في عقول كل المغاربة.
عُرف الممثل عبد الجبار لوزير بعفويته وحضوره القوي في المسرح والتلفزيون والإذاعة، في مسيرة إستمرت لما يناهز الستين عاماً، من الأعمال المسرحية والمسلسلات التلفزيونية والإذاعية.
لم يدرس المسرح بل درس في الكتّاب القرآني، وكان رمز الطريقة المراكشية، المدينة التي ربطها المغاربة بالنكتة وخفة الدم والبهجة، التي مثّلها بأسلوبه الفطري وبشاشته ولكنته الطريفة.
نشأته
ولد عبد الجبار لوزير بدرب لڭزا قرب رياض العروس، بمدينة مراكش المغربية عام 1928، وسط أسرة متوسطة الحال، فكان والده يعمل إسكافياً، قبل أن يتحول إلى تربية الماشية والفلاحة.
قضى سنوات طفولته بين الأحياء الشعبية للمدينة القديمة في مراكش، وبدأ في تعلم العديد من الحرف التقليدية وتميّز فيها، كصناعة الجلد والخشب، وقبل أن يلج عالم كرة القدم عندما كان في الخامسة عشرة من عمره، ويلتحق بعد ذلك عام 1948 بفريق الكوكب المراكشي، في نفس سنة تأسيسه، ولعب حارس مرمى لفريق الفتيان.
مسيرته الفنية
تشبع عبد الجبار لوزير بفن "الحلقة"، الذي تشتهر به ساحة جامع الفنا بمراكش، فتعلم فن الحكي وأصول التمثيل، قبل أن ينضم للعديد من الفرق المسرحية المحلية، ويشارك معها في مسرحيات عرضت داخل المغرب وخارجه، ومن أهم الفرق التي إنضم إليها الأمل والأطلس والوفاء المراكشية.
دخل عالم المسرح عبر صديقه المسرحي الراحل محمد بلقاس، وإستهل مسيرته بمسرحية "الفاطمي والضاوية"، التي شاهدها الملك الراحل محمد الخامس، وإنطلقت بعدها رحلة المسرح عبر "أنا مزاوك في الله"، "سيدي قدور العلمي"، "الزواج بالحيلة"، ثم "الحراز"، التي كان الملك الراحل الحسن الثاني، من إقترح تحويلها إلى مسرحية.
كما شارك في العديد من الأعمال المسرحية، ومنها "غلطة أم"، "الشلح والعساس"، "أوليدات جامع الفنا"، "الدار الكبيرة"، "هبل تربح"، "مرض النسيان"، "هالالاي"، "الكراب"، "الزواج بالحيلة"، "مكسور الجناح"، "لبس قدك يواتيك"، "البسايطية".
عبر عبد الجبار لوزير إلى السينما، من بوابة دور ثانوي في فيلم "لورانس العرب" عام 1962، ثم تعددت بعدها الأعمال بين "عندما تنضج الثمار"، "حلاق درب الفقراء"، "فرسان المجد"، "عبده عن الموحّدين"، "البراق"، "مبروك"، "عبدو في عهد الموحدين"، "إنها تثلج في مراكش"، "عقاب "، "زمان كنزة"، "ولدامو"، "أبو أمل"، "المكروم".
ومن الأعمال التلفزيونية التي شارك فيها، نذكر "إنسان في الميزان" و"دار الورثة".
شارك ضيفاً في برنامجي "جار ومجرور" و"الحياة سينما"، كما شارك في برنامج "با الحنين"، وبرنامج "الشجعان حكاية بطل"، وهو تقديم شهادات حول الممثل عبد الرؤوف.
ورافق تجربة الفرقة المراكشية المجددة في العديد من مسرحياتها، مع الممثل الراحل عبد الهادي طوهراش، بإدارة المخرج عزيز بوزاوي.
وقد حصل عبد الجبار لوزير على العديد من التكريمات والجوائز في العديد من الملتقيات، عن مجمل أعماله، والتي كانت سلسلة "دار الورثة" آخرها.
واجه الإحتلال الفرنسي وسُجن
شارك عبد الجبار لوزير في حركة المقاومة الوطنية ضد الإحتلال الفرنسي، وكانت له أدوار بطولية في مناهضته، وتعرض لشتى أنواع المضايقات وإعتُقل وسجن، بسبب مواقفه الوطنية الشجاعة، بعد نفي الملك الراحل محمد الخامس أيام الحماية الفرنسية.
معاناته من مرض السكري ووفاته
دخل عبد الجبار لوزير الى المستشفى العسكري في آب/أغسطس عام 2010، إثر غيبوبة نتيجة لتأثره بمرض السكري وضغط الدم، وتم وضعه تحت العناية الطبية المركزة بغرفة الإنعاش، لكن بعد فترة تحسنت حالته الصحية، وتجاوزت مرحلة الخطر.
وفي 2 أيلول/سبتمبر عام 2020، توفي عبد الجبار لوزير عن عمر ناهز الـ92 عاماً، بعد مُعاناته من مضاعفات مرض السكري، وشيّع جثمانه في جنازة مهيبة الى مثواه الأخير، بمقبرة باب دكالة، بحضور أقاربه وأصدقائه ومحبيه.