تفاجأنا لحظة علمنا بوجود الممثل اللبناني القدير أنطوان كرباج في مأوى للعجزة. لحظات إختناق تشعر فيها حين تدرك أن من كان عراباً لخشبة المسرح، يقضي آخر عمره في دار للعجزة، رغم أنه من الممكن أن يكون السبب عجز عائلته عن خدمته في حالات صحية معينة.
ندرك أن عائلة كرباج قد تجد صعوبة في التعامل مع وضع الممثل الصحي بعدما أصيب بمرض السرطان لفترة، وبعدها بمرض الألزهايمر إذ يصبح الإنسان غير قادر على التحكم بنفسه، وندرك أيضاً أن مأوى مستشفى الروم هو من أرقى المراكز لمعالجة هذه الحالات، وتكلفته باهظة جداً، ونعرف أنهم لم يتخلوا عن والدهم.
إبنة الممثل أنطوان كرباج، رولا كرباج، صبت غضبها ولامت المطمئنين على صحة والدها، وطلبت منهم الإنشغال بحياتهم الشخصية بدلاً من الانشغال بأمور والدها الشخصية، ونسيت أن والدها هو الذي أبدع في أداء شخصيات "يوسف بك كرم"، "سليم الديك"، "بربر آغا"، "جان فالجان"، "نجيب هيثم"، "الحاكم الغاشم"، "الأمير الأحمر"، "الملك"، "الوالي"، "اليوزباشي عساف" "فاتك المتسلّط" وغيرها من الأدوار الأسطورية، هي شخصيات طُبعت وترسخت في أذهان الناس منذ سنوات.
إسمحي لنا رولا، هذا أنطوان كرباج الذي قدّم تاريخاً فنياً كبيراً وأدوار بطولة خارقة، هو كما أذكره الصوت الصارخ على خشبة الرحابنة ومعظم المسارح الباقية، ومنها مسرح بعلبك، وهو ملك الأدوار الجبارة والقوية.
لم نتوقع أن يكون رد رولا بهذا الشكل تجاه الناس الذين يملكون الحق في معرفة الحقيقة والسؤال عن سبب غياب أنطوان كرباج عن الشاشة كل تلك السنوات، أليس من حقنا أن نسأل؟
لإبنة أنطوان كرباج نقول :"أخطأتِ في حكمك على الناس، وأدركنا أننا محقون بالسؤال عن الكبير أنطوان كرباج عندما تلقينا ردة فعلك السلبية".
أنطوان كرباج في مأوى العجزة في مستشفى الروم، وبالتالي لا يسعنا أن نقول إلا أنه معزز في هذا المكان، وسواء تواجد بين عائلته أو في مأوى، فهو يبقى الممثل الذي أسر قلوبنا وضميرنا، وأوصل رسالته الفنية الى كل شخص منا، بإخلاص وابداع واحتراف.
أنطوان كرباج مدرسة بالتمثيل، وكل أعماله يجب أن تدرّس من جيل لجيل.
أنطوان كرباج أينما كنت.. نحبك.