"هذا العبقري" هكذا وصفته السيدة فيروز، إنه الملحن والمؤلف والموزع الموسيقي والمغني زياد الرحباني، إبن فيروز والمؤلف والملحن الراحل عاصي الرحباني.
منذ طفولته برزت موهبته الكبيرة، وبدأ بالأغنيات المنفردة حتى وصل إلى المسرحيات والمعزوفات الكبيرة، التي تضاهي كبار المؤلفين الموسيقيين في العالم، حتى أنه إخترع الربع نوتة الشرقية في موسيقى الجاز الغربية.
إشتهر بموسيقاه الحديثة ومسرحياته الإجتماعية السياسية الناقدة، التي تصف الواقع اللبناني المؤسف بأسلوب ساخر، كما تميّز بالعمق في معالجة المواضيع التي يطرحها، وهو صاحب مدرسة في الموسيقى اللبنانية والمسرح المعاصر.

نشأة زياد الرحباني

زياد الرحباني إبن عاصي الرحباني وفيروز، شقيقتاه مساعدة مخرج الراحلة ليال، والمخرجة ريما، وشقيقه هالي، وهو من ذوي الحاجات الخاصة.
ولد زياد الرحباني في الأول من شهر كانون الثاني/يناير عام 1956 بمنطقة أنطلياس في متن لبنان، تلقى تعليمه في مدرسة الجمهور للآباء اليسوعيين في لبنان، وبرزت موهبته الموسيقية في وقت مبكر.
حقق والداه شهرة واسعة في لبنان والعالم، وكان لا بد أن يتأثر إبنهما بفنهما، إلا أنه أسس هوية فنية خاصة به، فلقد إخترع الربع نوتة في الجاز الغربي، أو ما يسمى بالجاز الشرقي، وألّف العديد من المعزوفات منها وصلت إلى العالمية، من بينها "أبو علي"، وتحوّل بعدها إلى شخصية مثيرة للجدل في عصره، من خلال موسيقاه وأشعاره ومسرحياته وبرامجه الإذاعية.



عاصي الرحباني يكتشف زياد الرحباني

في عامه السادس، إعتاد زياد الرحباني أن يستمع الى ألحان والده، فكان يقاطع فروضه المدرسية بسؤال والده عن مقطوعاته عن كل لحن جديد يعزفه، وليرى ما كان ينقصه.
وحين يدندن زياد ألحاناً ويسمعه والده عاصي، يسأل ابنه: "أين سمعت هذا اللحن من قبل؟"، فيجيبه: "لم أسمعه مطلقاً، بل هو يتردد في ذهني منذ حين"، حينها أدرك عاصي الرحباني موهبة إبنه زياد الموسيقية.

أعمال زياد الرحباني الأولى

أول أعمال زياد الرحباني كان كتاباً بعنوان "صديقي الله"، والذي كتبه بين عامي 1967 و1968، حين كان بعمر الثانية عشرة، فكتب: "في الأرض ليس من كتّاب، كلنا كتّاب نكتب حياتنا على الأيام، وكل يخاف على حبره، ولا يعطي منه الآخر"، لكنّه ركز على الموسيقى فيما بعد.
عام 1971 كان أول لحن له لأغنية "ضلي حبيني يا لوزية"، التي غنتها الفنانة هدى (خالته)، في مسلسل "من يوم ليوم"، وبعمر ١٧ عاماً، أي في عام 1973، قدّم أول لحن لوالدته فيروز، وهو لحن أغنية "سألوني الناس"، حين كان والده عاصي في المستشفى، فقد كان مقرراً لفيروز أن تؤدي الدور الرئيسي في مسرحية "المحطة" للأخوين رحباني، ولهذا كتب المؤلف والملحن الراحل منصور الرحباني، شقيق عاصي الرحباني، كلمات أغنية "سألوني الناس"، التي عبّرت فيها فيروز عن شوقها وحبها لزوجها عاصي الرحباني، وغنتها في مسرحية "المحطة".
لاقت أغنية "سألوني الناس" رواجاً واسعاً بين الجمهور، ويقول مطلع الأغنية: "سألوني الناس عنك يا حبيبي... كتبوا المكاتيب وأخدها الهوا.. بيعز عليي غني يا حبيبي... لأول مرة ما منكون سوا".

كان أول ظهور لزياد الرحباني على المسرح في دور الشرطي، ضمن أحداث مسرحية "ميس الريم"، والذي يسأل فيروز عن إسمها وضيعتها، في حوار مغنى، وألّف زياد المقدمة الموسيقية بإيقاع موسيقي جديد، أدخله إلى مسرحيات الأخوين رحباني.
بعدها ألّف مسرحية "سهرية"، من بطولته والفنانين جوزيف صقر ومروان محفوظ وجورجيت صايغ، وحقّقت رواجاً كبيراً، وتابعها الجمهور بشغف.
بعدها توالت المسرحيات، ولكن بأسلوب مختلف جداً، وإتخذت مسرحياته الشق السياسي والإجتماعي الواقعي، الذي يمس حياة المواطنين اليومية، خصوصاً مع بداية الحرب اللبنانية.

زياد الرحباني الصحافي

لم يقف فكر زياد الرحباني عند حدود خشبة المسرح، بل كان ينشر أفكاره السياسية في عدد من الصحف اللبنانية والبرامج الإذاعية، من بينها إذاعة "صوت الشعب"، وقد تميز بجرأة كبيرة.
قدّم العديد من البرامج الإذاعية، التي كانت تبث عبر إذاعة "صوت الشعب" في لبنان، والتي عبّر فيها عن مواقفه السياسية من الحرب اللبنانية، ونذكر من برامجه: "تابع لشي تابع شي"، "العقل زينة"، "ياه ما أحلاكم"، "نص الألف خمسمية" و"الإعلان رقم 1 و 2 و 3 و 4".
إنتسب زياد رحباني إلى الحزب الشيوعي، وفي مهرجان الذكرى الثانية والثمانين لتأسيس الحزب، ألقى كلمته وتتطرق فيها إلى إعادة هيكلة الحزب الشيوعي اللبناني، قائلاً إنه لم يخرج من الحزب إلا من كان يجب أن يخرج، وعبر عن إنتمائه العميق قائلاً: "الشيوعي لا يخرج من الحزب إلا إلى السجن أو البيت".
ومن مواقفه السياسية التي عبّر عنها في مقابلة تلفزيونية، إعتبر أن تدمير مخيم اللاجئين الفلسطينيين في تل الزعتر، من أحزاب مسيحية يمينية عام 1976، كان السبب الأساس وراء إنفصاله عن أهله سياسياً وجغرافياً والإنتقال للسكن في ما كان يعرف ببيروت الغربية، كما صرح عن دعمه للمقاومة ومشروعها في مواجهة إسرائيل.
كتب زياد الرحباني في أكثر من جريدة لبنانية، من بينها جريدة "النداء" وجريدة "النهار"، في زمن الوجود العسكري السوري في لبنان، وتميّزت كتاباته بالجرأة والقدرة الهائلة على التوصيف. وقد كتب لفترة في جريدة "الأخبار" اللبنانية في عمود "مانيفستو"، دعماً لإنطلاقة الجريدة.
شارك زياد الرحباني بتأليف الموسيقى في مسرحية "موسم الطرابيش" مع الموسيقار إلياس الرحباني، الفنان عازار حبيب، والفنان جوزيف حنا، وأيضاً مسرحيتي "المحطة" و"ميس الريم".

مسرحيات زياد الرحباني

"سهرية" 1973
"نزل السرور" 1974
"بالنسبة لبكرا شو؟" 1978
"فيلم أميركي طويل" 1980
"شي فاشل" 1983
"بخصوص الكرامة والشعب العنيد" 1993
"لولا فسحة الامل" 1994
"الفصل الآخر".

الأغنيات التي ألفها لوالدته السيّدة فيروز

"أنا عندي حنين"، "حبيتك تنسيت النوم"، "البوسطة"، "عندي ثقة فيك"، "مش قصة هاي"، "كيفك إنتَ"، "بعتلك"، "ضاق خلقي"، "سلملي عليه"، "عودك رنان"، "سألوني الناس"، "قديش كان فيه ناس"، "نطرونا"، "حبو بعضن"، "دبكة يا جبل الشيخ"، مقدمة مسرحية "ميس الريم" ومقدمة مسرحية "بترا".
كما تعامل مع السيّدة فيروز في ألبومات عديدة، جالت فيها حول العالم، وهي ألبوم "وحدن" (1979)، "معرفتي فيك" (1987)، "كيفك إنتَ" (1991)، "إلى عاصي" (1995) والذي تضمن أغاني من كلمات الأخوين رحباني وتوزيع موسيقي زياد الرحباني، بالإضافة إلى ألبومات "مش كاين هيك تكون" (1999)، "فيروز في بيت الدين 2000"، "ولا كيف" (2001)، "ايه، في أمل" (2010)، كما أشرف على الألبوم الذي سجلته فيروز في لندن، والذي تضمن ترانيم ميلادية.

من أعمال زياد الرحباني

غنّى زياد الرحباني العديد من الأغاني بصوته، منها "أنا مش كافر"، "شو هالإيام الي وصلنالا" و"قوم فوت نام".
عمل زياد الرحباني لسنوات كثيرة مع الفنان جوزيف صقر، ولحّن له أغنية "أنا الي عليكِ مشتاق"، وأغاني ألبوم "بما إنو" التي شاركه فيها الغناء، ومن بين أغنيات الألبوم "تلفن عياش" و"مربى الدلال".
وقدّم ألبومين من الترانيم، أحدهما لليدي مادونا "إذهبوا في الأرض كلها"، والألبوم الثاني "سيدي" ويتضمن ترانيم للفنانين ماجدة الرومي وسامي كلارك ومادونا والكورس، كما لحن زياد الرحباني العديد من الأغنيات المنف لمادونا.
تعامل مع الفنانة التونسية لطيفة بألبوم "معلومات أكيدة" عام 2006، الذي تولى فيه تأليف كلمات الأغنيات والألحان، وعمل معها أيضاً على ألبوم ثانٍ بعنوان "باليدين".