هو سفير فوق العادة للغناء الجبلي السوري، عابراً فيه المسافات من خلال أداءٍ غنائي عالي المستوى، إستطاع كسر حاجز المكان والزمان، ليصل إلى متذوقي هذا الفن في كل أنحاء العالم، وكان من المطربين الإستثنائيين، الذين قلّ نظيرهم في ساحة الغناء العربي.
فؤاد غازي مطرب سوري ولد عام 1955 بقرية فقرو بمحافظة حماة في سوريا، وتوفي في 2 آب/أغسطس عام 2011، بعد معاناته مع المرض العضال.
تميّز بصوته الجبلي القوي
بدأ فؤاد غازي مسيرته في الغناء منذ كان في الخامسة من عمره، ليصبح سفيراً وفياً وصادقاً للأغنية السورية، ومتحفظاً على الغناء بأي لون عربي آخر. كما كان يختار كلمات أغانيه وألحانها بعناية فائقة، وإحساسه الفطري نافس خريجي الأكاديميات والمعاهد الفنية، ومن أجل ذلك أحبه الجمهور لصدق أدائه وعمقه.
عُرف في بداية مشواره الفني بإسم فؤاد فقرو، وإنتشر إسمه بين رواد الحفلات الشعبيةن ولكن عندما تم إعتماده في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في سوريا، إختار فؤاد غازي إسمه الفني.
تميّز بصوته الجبلي القوي وله العديد من الأغاني العاطفية والشعبية والوطنية، التي تركت بصمة في تاريخ الأغنية السورية في فترة الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي.
وديع الصافي لقّبه بـ"ملك العتابا والموال"
بدأ فؤاد غازي يغني في المناسبات، حتى كانت له فرصة مع الملحن السوري عبد الفتاح سكر في أغنية "لازرعلك بستان ورود"، التي لاقت نجاحا كبيراً.
تعاون مع معظم الملحنين السوريين مثل سعيد قطب وسهيل عرفة، وإبتعد عن الأضواء منذ منتصف التسعينيات بلا سبب أو ظهور سوى العمل في الحفلات، إلا أن التلفزيون السوري أنتج فيلماً تسجيلياً عنه، تكريماً له في حياته. وتم التصوير بين فقرو ودمشق، للإبقاء على مصداقية الفيلم.
وعلى الرغم أن الفترة التي غنى فيها فؤاد غازي شهدت منافسة قوية من كبار المطربين العرب، لكنه إستطاع أن يسير بحالة من حالات التوازن والتفوّق على أقرانه من النجوم، حتى أطلق عليه الراحل الكبير وديع الصافي لقب "ملك العتابا والموال" و"الصوت الجبلي".
كل من تعامل معه لمس فيه الإنسان الأخلاقي، صاحب الروح الجميلة والعظيمة، والمحب لأصدقائه.
ولم نسمع أنه اختلف مع أحدهم يوماً ما، وكان له حضور مميّز وخاص، وطاف بأغانيه العالم معرفاً بالأغنية الجبلية السورية، التي أحبها المستمعون بصوته.
أعماله
من أشهر أغاني فؤاد غازي نذكر "لازرعلك بستان ورود، صبر أيوب، لا بالله يا أهل الدار، صف الفشك، ما ودعوني، تعب المشوار، خطي يا أهل الله، يا زمان، حلمك علينا يا بحر، بعد زمان، جدولاتك مجنونة، هِيّا هِيّا يا بنيّة، حنّي شوي، يا أم النظرات الحلوة، يا أسمر، عيونك مين الـ علّما، سكنتك قلبي من جمعة، لو بعرف اعزف عالعود، يا بلادي زهورك بستان، على حبك فيقتيني".
كما له عدة تجارب في مجال التمثيل، فشارك في 4 أفلام، هي "حمام الهنا عام 1967، حارة العناتر عام 1980، تفضلوا ممنوع الدخول عام 1984، حارة التنابر عام 2000".
مع سهيل عرفة
إعتمد فؤاد غازي في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي مطرباً في إذاعة دمشق، قدّم خلالها عدداً من الأغاني، متعاوناً مع كبار كتّاب الأغنية وملحّنيها ومنهم الموسيقار الراحل سهيل عرفة، الذي تحدث مطوّلاً عن تعامله مع الراحل، واصفاً صوت فؤاد غازي بالصوت المميز الذي لم يستطع أحد تقليده. وعلى رغم انتمائه لمدرسة الكبير وديع الصافي، كان له صوته الخاص والمميز.
وعن الأغاني التي لحنها لغازي، قال عرفة: قدّمت أكثر من عشرين لحناً لفؤاد غازي، أوّلها لحن أغنية (لا لا على فراقك لا لا)، ثم (لو بعرف أعزف على العود) و(يا أم النظرات الحلوين) و(صبر أيوب)، وغيرها التي تعود في معظمها إلى سبعينيات القرن الماضي.
وأهم ما يميّز الراحل فؤاد غازي بحسب عرفة، أنه كان يؤدي أغانيه بفطرة وإحساس عاليين ورائعين، والدليل على ذلك أنه على رغم رحيله، لا يزال حاضراً بما قدّمه، لأنه غنى بصدق فني.
كما كان من نجوم المسرح الغنائي أيضاً، وأوصل الأغنية الجبلية السورية إلى العالم، وقدّم عبر مسيرته الطويلة عدداً كبيراً من الأغاني المتنوّعة.
ويصف عرفة أداء فؤاد غازي الأغاني العاطفية بالمتميز، لأن المتلقي يشعر أن الأغنية رسمت لصوته لحناً وكلمات لا تليق بغيره. فهو قدّم أغاني الحب والرجاء للمرأة المحبوبة بطريقة خاصة.
مضيفاً أن "الأغنية تنجح بالكلمات واللحن، لكن لحضور المطرب دوراً ومستوى أدائه هو الذي يحدد درجة نجاح الأغنية، وهذه المقومات التي امتلكها الراحل غازي جعلته ينجح في كل ما قدّم".