عّرف الفنان البحريني سلمان زيمان برقيه وجمالية النصوص التي يغنّيها، وبعدم مفارقته لقيثارته، التي ترجمت أعمق أحاسيسه برقّة حضرت في كل أعماله.
كان من أوائل الخليجيين، الذين خرجوا بالأغنية من قوالبها التقليدية، ليعطيها نفساً حديثاً، وظهرت بوادر تجديده ضمن مجموعة أجراس التي أسسها عام 1982، مع مجموعة من الذين حلموا معه بالحلم الموسيقي نفسه.
كما تميّز بموسيقى عالية وشاعرية حالمة، وبإنفتاحه على الموسيقى الغربية.
نشأته وعمله
ولد سلمان دعيج خليفة بن زيمان يوم 14 آب/أغسطس عام 1954 في البحرين، وترعرع في حي شعبي بالمحرق، ومن ثم دخل المدرسة الشمالية الإبتدائية في المحرق، قبل تغيّر إسمها إلى مدرسة عمر بن الخطاب، وكان عمره وقتها سبع سنوات، أي عام 1961. وفي مرحلة الإعدادية إنتقل إلى مدرسة الهداية الخليفية، وفي عام 1969 دخل مدرسة المنامة الصناعية، وتخصص فيها آلات وبرادة (مخرطة)، وتخرج منها عام 1973، ثم عمل لمدة عام كرسام صناعي في وزارة الأشغال، وكان عددهم كرسامين تقريبا 12 موظفاً غالبيتهم من الجنسيتين الهندية والباكستانية، وواحد فقط بحريني، وكانوا يغنون الأغاني الهندية وكان سلمان زيمان يغني معهم، وهذا ما عزز عشقه لهذه الأعمال، بعد عام من العمل في الأشغال، استكمل دراسته الجامعية عام 1974، وتم قبوله في بغداد، فدرس الهندسة الميكانيكية في جامعة التكنولوجيا مدة ثلاث سنوات، ثم عاد على البحرين، وإشتغل لدى شركة "أسري" في بناء وإصلاح السفن لمدة 7 سنوات، وبعدها ذهب إلى الكويت ودخل مجال الفن، وبقي فيها حتى كانون الأول/ديسمبر عام 1987، وبعد ذلك عاد إلى البحرين وعمل في مجال التدريس الموسيقي لمدة 20 عاماً، وفي عام 2010 تقاعد عن العمل، وتفرغ لممارسة نشاطه الفني بشكل مكثف.
أعماله
قدّم سلمان زيمان الكثير من الأغنيات المشهورة، وغنى لأهم الشعراء، ومن أغنياته "يا مقلة عيني"، "هيفاء"، "الطائر الهيمان" و"أم الجدائل" و"أبو الفعايل" و"ذكريات/ولي في ربوع الشمال"، "يا اوحيبا"، "جمالك رمزا"، "أنت مرادي"، "اقبل العيد"، "بين المحبين"، "الحب اسرار"، "احلى الليالي"، "ربوع الشمال"، "الله الله بالامانة"، "الطائر الهيمان"، طيا بو الفعايل".
كما أسهم في تأسيس فرقة أجراس، التي حققت إنتشارا في منطقة الخليج والشام وفلسطين، وإنبرت في تقديم جملة من الأعمال ذات القيمة والبصمة الفنية.
إهتمامه بالأغنية الفلسطينية
قدَّم سلمان زيمان بحثاً بعنوان "فلسطين في أغانينا"، يسلط الضوء على الأبعاد الإنسانية والفنية والإجتماعية والسياسية للأغنية التي اتخذت من فلسطين أرضاً وشعباً، موضعاً لها، لتؤكد نفسها وسيلة من وسائل المقاومة والصمود.
ويرصد من خلال البحث التطور المدني والحضاري للمجتمع الفلسطيني، الذي كان رائداً قبل تقسيم فلسطين عام 1948، كذلك يوضح أن الفنين الغنائي والموسيقي في المجتمع الفلسطيني كانا بمستوى متقدِّم ومتفاعل مع ما يبدعه الفنانون في المجتمعات الأخرى من حوله، في مصر ولبنان وسوريا وغيرها، في هذين المجالين.
علاقته بالبحر
كان سلمان زيمان عاشقاً للبحر وقريباً منه في البيت، إضافة إلى أنه يسكن وجدانه، ففي طفولته لم يكن أمامه غير البحر لتمضية أوقات لطيفة ولعب كرة القدم، ومشاهدة الأفلام الهندية، حاله كحال أي طفل في تلك الفترة، لذلك كان كالبحر هادئ الطبع ثائراً في الغناء، ويكمن في جوفه الصوت الهادر، والعمق الغزير من حيث الثقافة والمعرفة.
حياته العائلية
إختار سلمان زيمان زوجته من محيط عائلته وصديقة شقيقاته، وعقد قرانه عليها عام 1979، وأنجب منها 3 أولاد، الأكبر هو سلام مواليد كانون الأول/ديسمبر عام 1981، وأيمن كانون الثاني/يناير عام 1985، ودعيج كانون الأول/ديسمبر عام 1992.
سرطان الدم ينهي حياته
توفي سلمان زيمان يوم 23 تموز/يوليو عام 2020، عن عمر ناهز الـ65 عاماً، بعد صراع مع سرطان الدم، تاركاً إرثاً فنياً متنوعاً يقل نظيره بين الفنانين، لاسيما أنه غنى معظم أنواع الغناء العاطفي والطربي والعدني.
وقد دفن في مقابر العائلة، في منطقة المحرق البحرينية.