هي مذيعة وإعلامية ومقدمة برامج لبنانية، تخرجت من ستوديو الفن عام 1985 وفازت فيه بالمرتبة الاولى عن فئة التقديم، تبناها المخرج سيمون أسمر، فبدأت من إذاعة "Magic 102" الموجة العربية، ثم إنتقلت إلى الـ LBCI، ثم إلى الـ ART، وعملت أيضاً في بداياتها مع الكبار أمثال الإعلامي الراحل رياض شرارة وتدربت على يديه ويدي الفنان روميو لحود، تتقن اللغة العربية، قدمت أهم المهرجانات العالمية، مثل مهرجان "كان" وأجرت مقابلات مع نجوم لبنانيين وعرب، تتميز بذكائها المتقد وجمال وجهها وضحكتها وعينيها، هي التي إبتعدت عن العمل على الشاشة لكنها استوطنت القلوب، إنها الإعلامية اللبنانية ليليان أندراوس التي كان لنا معها هذا الحوار الشيّق من موقع الفن:
أخبريني قليلاً عن بداياتك..
بدأت العمل في 7 نيسان/أبريل من العام 1985 بإذاعة "وان أو تو"، وفي 23 آب/أغسطس عام 1985 كنت أول وجه يفتتح محطة الـ LBC، وأول مذيعة أدخلت اللهجة العامية اللبنانية على التلفزيون، تنقلت بين ربط الفقرات ثم تقديم البرامج وبقيت 11 عاماً في الـ LBC، وعملت في إذاعة لبنان في التسعينيات. وفي عام 1996 تركت الـ "LBC" وعملت في تلفزيون الـ ART لمدة 12 عاماً. لست خريجة كلية إعلام، لكني نلت درجة الماجستير بالآثار، حصدت 32 جائزة لبنانية وعربية في مسيرتي المهنية التي استمرت 35 سنة والتي أتممها في شهر آب/أغسطس المقبل، قدمت 15 ألف ساعة تلفزيونية و10000 ساعة إذاعية، عدا عن عملي الحالي في إذاعة لبنان الرسمية التي أقدم فيها فترة من البث المباشر بعنوان "فش خلقك" كل يوم سبت. وشاركت في مهرجان "جرش" ومهرجان "كان" كإعلامية، وأجريت مقابلات نادرة مع هنري بركات ويوسف شاهين وماري كويني وهي من مؤسسي السينما، وكنت منضوية في منظمة المرأة العربية، ووجهت رسالة إلى الأمم المتحدة في اليوم العالمي للراديو منذ 5 أو 6 سنوات بخصوص الشباب العربي، لدي كتابان "شو إسمك" و"أميري" وأنا أول من حاورت الفنان زياد الرحباني.
ما الفرق بين ليليان الأمس وليليان اليوم؟
على الصعيد الإنساني لم يتغير الكثير بالنسبة لي، وعلى الصعيد المهني لا زال ينقصني الكثير، لأن مجالنا الإعلامي كلما نهلت منه كلما إحتجت لتتعلمي أكثر. على صعيد شكلي، تغيرت قليلاً لكني أحب نفسي حالياً أكثر من ذي قبل، وأحب النضج الذي أنا فيه أكثر مما كنت عليه قبلاً، لأن التقدم بالعمر يأخذ منك الشكل ويمنحك جمالية الروح أكثر، والفرق الوحيد أن طموحي في الماضي كان أكبر، لكن حالياً أصبح محدوداً ومحصوراً بخدمة الآخر، ولم أعد أفكر بنفسي.
هل إبتعادك عن الشاشة كان قسرياً أم طوعياً أم الإثنين معاً؟
فعلياً لم أبتعد عن الأضواء لأنني لا زلت أعمل في الإعلام من خلال إذاعة لبنان، وبالنسبة للشاشة غبت كثيراً لكن بمحبة الناس لدي كل شهرين أو ثلاثة أشهر مقابلة تلفزيونية كضيفة، فلم أغب فعلياً عن الشاشة إلا فقط من ناحية تقديم البرامج. ومنذ أن تركت الـ ART، كنت قد تعبت فإذا كان لديك 15000 ساعة بث، تصلين لمرحلة يجب أن ترتاحي لتُفرِغي قليلاً ثم تعودين لتملئي. لا أعتبر أنني غبت ولم يؤثر الأمر عليّ، إذ كنت أطل عبر الشاشة أو الراديو. في البداية كنت أحب الشهرة ولا أنكر، ولكن بعد فترة تكون الأمور مثل "أكلتك المفضلة" تشبعين منها بعد مرتين أو ثلاث مرات إذا تناولتها، أو يصبح لديك إدمان، ولكني لم يحصل لدي مرض الشهرة، بقيت "قدماي على الأرض"، وفي منطقتي بين أهلي وأصحابي يعرفون أنني لم أتغير إنما بقيت كما أنا. وحتى لو كنت تحت الأضواء لا يعني أنني أفضل من غيري، أنا كنت أنوي أن أصبح راهبة لأخدم الناس، ولكن مرشدي الروحي نصحني عندما كنت في سن الرابعة عشرة وقال لي: "أخرجي إلى الحياة فإذا وجدتها حلوة تستطيعين أن تكوني راهبة مدنية تخدمين الناس في محيطك"، من هنا وعدتُ ربي أن لا أمَثِّلَ الإعلام الأصفر وأن أكون طوباوية في الإعلام، والكلمة الحلوة بالنسبة لي أفضل من الكلمة البشعة، ولا يهمني السكوب.
أنتِ تسيرين عكس التيار؟
لا يهمني أن أبحث عن خبر محرج لأكون السباقة فيه وفي الوقت نفسه يسبب الأذية، بل أبحث عن أي خبر جيد يساعد الناس ويطببهم، ونحن كإعلاميين يجب أن نكون أطباء أيضاً، أن نسلط الضوء على الحقيقة لا أن نخفيها، ولا نتحيز إلى جانب معين من الحقيقة، فالطبيب يقسم في تخرجه أن لا يفرق بين لون وجنس ودين وحتى لو كان عدوه يموت يجب عليه أن ينقذه، وهذا لن يعني أن أساند عدوي في الإعلام، فقد تعلمت كل هذه الأمور من الكبار الذين دربوني على الإعلام، أمثال روميو لحود وسيمون أسمر الذي كان ينصحني :"ضوّي على عملك وما تضوي على حالك، ويلي بيشتغل بمهنة الزبالة حاوريه كأنو رئيس الجمهورية قدامك إذا كبّرتي ضيفك بتكبري معو".
كيف كانت علاقتك بسيمون أسمر؟ علماً أنه كان يعتمد سياسة الاحتكار..
أتمنى لو كنت وقّعت معه عقد احتكار، ولقد احتكرت نفسي معه حين كنت في الـ "ال بي سي"، وحتى عندما إنتقلت الى الـ"آي أر تي"، بقيت أستشيره، وهو كان قد ذهب إلى مصر لأنه كان يقدم ستوديو الفن هناك، ولا أفهم لماذا تضايق بعض الفنانين لأنه إحتكرهم، فالألماسة تحتاج إلى خبير مجوهرات لصقلها.
هو كان يعتبر أن قلة الوفاء هي سبب إحتكاره لهم..
بالطبع وهم يجب أن يشكروه، لأن كل الفنانين الذين إحتكرهم أصبحوا نجوماً وصف أول وأحوالهم المادية ممتازة، وسيمون أسمر كان بالنسبة لي أبي الروحي، فهو من فتح لي الأبواب ولا أنسى فضله.
من كان يعارض عملك في الإعلام من أهلك؟
أبي وأمي، ولكن سيمون أسمر اجتمع بأهلي حينها وأقنعهم وقال لهم هي تعمل مع سيمون أسمر، فزرناه في منزله وتعرفت والدتي على زوجته وأولاده بشير وسمير ووسيم، ولا زلت على علاقة مع أولاده وأرملته ندى هذه المرأة الراقية الرائعة، وفعلاً "وراء كل رجل عظيم امرأة". سيمون شخصية لا تتكرر، وهناك 3 أشخاص أثروا فيّ بالحياة، أولهم سيمون أسمر ورياض شرارة والشيخ صالح كامل.
ماذا عن رياض شرارة وكيفية معاملته لك؟
تعرّفت عليه من إذاعة لبنان الحر وعملت معه برنامج "أغاني أغاني" وبرنامجاً للأردن وبرنامج "الأول" على الـ "ال بي سي"، وفي إذاعة لبنان الحر كانت لديه فترة بث مباشر وأنا كذلك، رياض شرارة كان بمثابة موسوعة، وسأخبرك بأمر طريف حصل، في أواخر الثمانينيات انتشرت إشاعة أن أشخاصاً اغتصبوني وقتلوني ورموني في نهر الكلب، وبأسلوبه الطريف فاجأني حين وصلت للإذاعة وقال لي :" أهذا أنتِ أو شبحك؟ سمعت بأنكِ تعرضت للاعتداء من 3 أو أربعة أشخاص، فأجبته:"واحد مني ملاقية ، وينهن؟"، كانت لديه روح الدعابة، وكنت أتعلم منه ومن سيمون أسمر كل ما يتعلق بالإعلام، وأنا كنت أراقبهما وهما كانا الأساس.
مؤخراً توفي الشيخ صالح كامل رجل الإعلام والأعمال المعروف أخبرينا عن معرفتك به..
كان أباً غالياً وعزيزاً جداً وخصوصاً لي ولشقيقي، وفضله كبير جداً علي ولقد ساعدني كثيراً مادياً في علاجي، وأيضاً كان من المؤسسين للـ "أم بي سي" قبل أن يكون في الـ"آي أر تي"، وأعطاني مساحة أكبر وانطلاقة عربية وإغترابية، وكنت أراه هرماً وكبيراً بفكره، وآلاف الموظفين كانوا لديه إضافة إلى مشاريع إسكانية كبيرة ومشاريع الزكاة، وهو كان مثل السنبلة المملوءة المحمية، ولم يغرِه المال، كانت أياديه بيضاء ويعمل بصمت، وحتى كانت لديه رهبة رهيبة، وتعرفين منه الرسالة من دون أن يتحدث إليك، فعيناه كانتا تتكلمان، هو مسلم وملتزم وافتتح قناة "اقرأ"، وقد ساعدني إنسانياً واحترمني وأنا مسيحية لبنانية، وكان شعارنا في الـ"آي أر تي": "ممنوع أن نتحدث بالدين والسياسة". وقد بكى عليه الأجانب الذين كانوا يتعاملون معه، أكثر مما بكينا نحن عليه.
هو ربى أولاداً بأخلاق عالية وبرقي، وكما كان لسيمون أسمر فضل على الفنانين اللبنانيين والعرب، أيضاً كان للشيخ صالح كامل الفضل الكبير على العديد من الفنانين والممثلين العرب من مصر وتونس والمغرب وغيرهم، ، حينما أنشأ قناة الموسيقى في الـ "آي أر تي" كان له فضل على العديد من الفنانين، وفعلاً كان اسم المؤسسة على مسمّى "راديو وتلفزيون العرب".
أرملته الفنانة صفاء أبو السعود لم تكن بعيدة عن أجواء الإعلام..
فعلاً أدعو الله أن يصبّرها وهي كانت تدير قناة الأفلام، وعزائي لها ولعائلته، ولكل من كانوا يعملون في الـ "آي أر تي" وحتى في لبنان وفي مصر والأصدقاء، فكل من عرفه حزِن لرحيله.
أين تشعرين بالانتماء أكثر؟ وماذا عن إنتمائك لـ مصر؟
أحب لبنان بالقدر نفسه الذي أحب فيه مصر، ولقد تواجدت لـ 10 سنوات في مصر وكان يمكن لي أن أحصل على الجنسية، (ضاحكة) وأتذكر ماري كويني ولور دكاش رحمهما الله، وإبن لور كان مقيماً في لبنان وسألتها في مقابلة للـ "آي آر تي": "لماذا لا تعودين إلى لبنان؟" فأجابتني بأن مصر في دمها.
الـ LBC كانت بيتي وأهلي، والـ ART إنطلاقتي للحياة.
كانت لك تجارب في كتابة الأغاني ومؤخراً كتبتِ أغنيتين توعويتين أخبريني عن التجربة..
كانت لدي تجربتان شعريتان "أميري "، و"شو إسمك" وكتبت نشيداً لـ البابا يوحنا بولس الثاني وهو شفيعي وكانوا يطلقون عليه لقب "بابا الشباب"، وحين أعلنوه قديساً كتبت الكلمات ونفذها أندرو أندراوس وكان في عمر الـ16 سنة.
وكنت في خضم معركتي مع السرطان وأسمعت لـ دورا بندلي بعض الكلمات، فقالت لي لما لا تكتبين أغنيات وقد عرضت عليّ أن تغنيها. وبالفعل كتبت كلمات أربع أغنيات لحنها رينيه بندلي وفادي بندلي، وهي "إيدي على خدي" "فل" و"يا ريتني طيارة من ورق"، وأغنية رابعة، وكتبت ترتيلة لـ بادري بيو، وأنتِ حنان لك فضل حين شجعتني في ظل الحجر المنزلي أن أملأ فراغي بالكتابة، فخطرت لي فكرة "كورونا منّو مزحة" وعرضتها على الموسيقي جان كيروز الذي كنت قد استضفته في السابق مع ابنتيه في إذاعة لبنان، فلحنها وغنّاها مع ابنتيه وصوّرها فيديو كليب، وبالنسبة لأغنية "الجيش الأبيض" أحببت تكريم الممرضين في عيدهم خصوصاً بعدما اختبرت تضحياتهم خلال فترة علاجي، وبدأتها بجملة "إنتو إيد الرب عالأرض"، واتصلت بالفنان روبير شماعة الذي كان يحضّر لي جينيريك برامجي في الـART فلحنها وغناها ووزعها جاد الرحباني، وأشكر الله على كل شيء.
ما هو دور الإيمان في حياتك؟
الإيمان هو كل شيء في الحياة، فحين كنت مقيمة في مصر عشت أياماً جميلة، وانفتحت لي صالونات الشرف إن كان في تونس أو مصر، وكانت الـ ART في أوجها فدخلت إلى الكنيسة في مصر وأنا متعبدة للقديسة رفقا، وطلبت منها أن لا تجعلني أغتر بنفسي بسبب الشهرة بل أن أبقى على تواضعي، وما حصل أنني أصبت بمرض السرطان، الذي جعلني أدرك مدى ضعف الإنسان وأنه لا يجب عليه أن يتكبر بل أن يبقى محافظاً على إنسانيته وتواضعه.
وأنا من النوع الذي يضع تراب رفقا في فمه، وكنت أتوجه إلى الرب وأطلب منه أن أكون رسولة لخدمة الإنسان، وأكون لسانه على الأرض كي أشيع الفرح، أريد أن أفكر بغيري ولا أفكر بنفسي.
ماذا عن الحب في حياتك؟
لا أحب أن أتذكره، أنا أفشل إنسانة في الحب، مررت بـ 3 مراحل حب وكانت فاشلة، لا يمكنك أن تحصلي على كل شيء في الحياة.
هل ندمت على شيء في حياتك؟
الحمد لله لا، قد أكون سببت بحزن لشخص بطريقة غير مقصودة، وأعتذر من أي شخص قد أخطأت بحقه من دون أن أقصد.
ما هي نصيحتك للإعلاميات الحاليات وللطامحات للعمل في المجال الإعلامي؟
أنصحهن كما نصحني سيمون أسمر ودرّبني أن لا أسلط الضوء على نفسي بل على عملي، لأنه إذا نجح عملي سيسلط الضوء عليّ، لكن إذا سلطت الضوء على نفسي وفشل العمل فسأنطفئ أنا، وهذا ما أورثني إياه سيمون أسمر.
تابعت أعمالاً درامية في رمضان الماضي؟
أنا ضد العنف وقد كانوا يحتوون على القليل من العنف، ولا أحب في رمضان أن يكون هناك عنف أو خمور أو سجائر في المسلسلات، لأن المسلسل يترك أثراً في البيوت ويجب أن نبعد قليلاً عن نظام المخدرات، بحجة أن الدراما تنقل الواقع، ولكن هناك من تتفتح أعينهم على هكذا أمور بطريقة خاطئة إذا لم يكونوا واعين، لذا من الممكن أن نزيد من جرعة الرومانسية والحب والروحانيات.
اشتهرتِ بجمال عينيك.. هل كانوا يشبهونك لإحدى النجمات؟
لا أحب أن أمدح نفسي ، لكن كانوا يشبهوني بـ رومي شنايدر، لكن والدتي تشبهها أكثر.
اشتهرت بجملة "حلوين طيبين بنحبكن"..
كنت أقرأ في الـ ART لطبيب نفسي أميركي كان يتوقع أن يعيش الناس في كآبة في الألفية الثالثة، وكان ينصح العالم أن يستعملوا جملاً تحوي جمالية وتكون رقيقة.
الكلمة الأخيرة
لقد أطلقت مبادرة تكريم الرجل سنوياً، وأود أن أتوجه إلى قراء موقع الفن وأتمنى للجميع حياة حلوة ولا تخافوا من الناس، أحبوا، ويجب أن يكون لدينا فرح العطاء وكلما أعطيت يعود عليك ذلك بفرح ذاتي، ويجب أن ننبذ الحقد والغيرة، كل واحد له طاقته، فكل شخص مميز بشخصية مختلفة.
هل تتفاءلين بأن يزول الضيق الذي نعيشه؟
أطلب من السياسيين أن ينكروا الأنا ويتحدوا، وكلنا راحلون، لن يعمّر أحد؟ فلنحمل الذكرى الحلوة والصالحة.
في الختام أشكرك حنان ورئيسة التحرير هلا المر ومدير التحرير جوزيف بو جابر، أنتم أصدقائي.