نديم مهنا، مخرج ومنتج ومقدم برامج لبناني، إشتهر في بداية مسيرته الفنية من خلال تقديم برنامج "Motor Show"، أحد أهم البرامج المتخصصة بالسيارات.
ومنذ حوالى الـ5 سنوات، قرر مهنا خوض مجال الإخراج والإنتاج الدرامي والسينمائي، والذي هو شغفه الأساسي كما قال، فأصبح في رصيده اليوم عدة أعمال ناجحة منها أفلام "مينك إنت" و"ساعة ونص" و"ساعة ونص وخمسة"، ومسلسلات "سكت الورق" و"بردانة أنا" الذي عرض مؤخراً وحقق نجاحاً كبيراً.
فعن هذا النجاح كان لنا لقاء مع مهنا للحديث أكثر عن العمل وغيرها من المواضيع تجدونها في هذه المقابلة.
أخبرنا عن سعادتك بالأصداء الإيجابية لمسلسل "بردانة انا" الذي إستكمل عرضه في رمضان..
سعيد جداً طبعاً كمنتج وكمخرج، فكل عمل أقوم به أكون فخوراً به، وأنا سعيد جداً أنه بالرغم من الظروف التي ظلمت العمل، إلا أنه إنطلق إنطلاقة قوية، وكان متصدراً أيضاً، أتت الثورة فتوقف، وكان هذا التوقف مسيئاً جداً له، فكان لدي قلق أنه بعد 7 أشهر من التوقف أن يعود وينطلق العمل بقوة ويتصدر مجدداً، والحمد لله تصدر منذ اليوم الأول في رمضان، خصوصاً في ظل المنافسة مع أعمال عربية مشتركة، فهذا المسلسل ليس عادياً، بل يتضمن الكثير من المعاني.
ما الذي ميّز مسلسل "بردانة أنا" عن غيره كي يحقق هذا النجاح، ويكمله في رمضان رغم المنافسة؟
مسلسل متكامل، فالقصة تلمس كل بيت إن كان في لبنان أو العالم، فلا يوجد مكان ليس فيه تعنيف، وليس بالضرورة تعنيف جسدي، فقد يكون تعنيفاً لفظياً أو جنسياً أو نفسياً، فالموضوع حساس جداً وطريقة المعالجة أتت بأسلوب عادل جداً وتعطي خلفية الضحية والجلاد.
وأيضاً طريقة الإخراج سينمائية 100%، والممثلون كلهم فئة أولى، حتى أن الأدوار التي حجمها صغير في العمل تمّ إعطاؤها أهميتها، فالمسلسل عمل حقيقي وهو توليفة متكاملة أعطت هذه النتيجة الناجحة، والشكر هو لوفاء الجمهور وتقديرهم لتعبنا.
هل كنت مع إستكمال عرضه في رمضان، أم فضلت أن يُعرض خارج هذا الموسم؟
من يعرفني يعلم أنني متسابق، والمنافسة في دمي، فأنا لا أخاف من المنافسة وهي ملعبي، وأعرف كيف أربح وكيف أخسر، لذا لم يكن لدي إشكال في الموضوع، وكنت أريد أن يعرض على الهواء في الوقت المناسب وبالتنسيق أنا وإدارة محطة الـMTV.
وعندما شاءت الظروف أن لا تكون المسلسلات المبرمجة لرمضان جاهزة، إجتمعنا وإتفقنا على عرضه، مع العلم أن التوقيت لم يكن لصالحنا، إذ ان الجمهور ينتظر في هذا الموسم نوعية مسلسلات مختلفة، وكان لدينا سؤال حول إمكانية عودة المشاهد لمتابعة المسلسل، بالتأكيد كانت هناك مخاطرة ولكن نجحنا فيها.
خصوصاً أن الجمهور وتحديداً في رمضان، ينتظر أعمال الممثلين كارين رزق الله وبديع أبو شقرا، هل أخذتم هذا الأمر بعين الإعتبار؟
طبعاً، فنحن نعلم أن كارين هي الحصان الرابح بالإجمال وتحديداً في رمضان، فقد أكدت أنها الرقم الصعب في المعادلة، ولكن أيضاً أنا أعلم من هو المنتَج الذي لدي وإلى أي حدّ تعبنا فيه وتكلفنا عليه، وإلى أي حدّ يلمس الجمهور.
فأي عمل تنتجه قد يكون كوميدياً وليس بالضرورة درامياً، المهم أن يلمس الناس، وهذا ما إرتكزنا عليه أيضاً في هذا القرار.
بالنسبة لثنائية كارين وبديع في هذا العمل، وهي ليست الأولى، على ماذا عملتم أكثر لإظهارها بشكل جديد للجمهور؟
كسرنا ما كان يحصل سابقاً كلياً، أي أنه بدل أن تكون هناك قصة حب بينهما، هناك قصة كره وحقد وإجرام بينهما، فبديع أصبح مجرماً بإمتياز، ونقلنا قصة الحب بين كارين والممثل وسام حنا، فأخرجنا بديع بصورة جديدة لم يظهر بها من قبل، ومن كارين أيضاً، وأبرزنا نجومية وسام كبطل فئة أولى بدون أية ملاحظات، وأيضاً جعلنا للأدوار الأخرى وقعها كالممثلين رولا حمادة، جوزيف بو نصار، ألكو داوود، نهلة داوود، جناح فاخوري، فكل هؤلاء الأبطال كان لديهم المجال في السير بأدوارهم حتى النهاية، وهذا الامر أحبه الناس.
الممثل بديع أبو شقرا، أطل في رمضان من خلال بطولة عملين هما "بردانة أنا" و"بالقلب"، برأيك هذا الأمر قد يضر بعملك، وماذا تفضل، أن يطل الممثل في بطولة واحدة معك، أم لا مشكلة لديك؟
بالعكس، هذا الأمر أراه أنه يغذي المنافسة بطريقة جميلة طبعاً، والنتيجة كانت واضحة، فهناك أشخاص أحبوه بشخصية "بردانة أنا"، وأشخاص آخرون أحبوه بالشخصية الثانية.
تعاون جديد يجمعك مع الكاتبة كلوديا مرشليان في "بردانة أنا" وهذا ليس التعاون الأول بينكما، ماذا تخبرنا عن العلاقة المهنية بينكما؟
كلوديا من الأشخاص الذين أنا على علاقة صداقة معهم، ونحن نشبه بعضنا كثيراً بطريقة التفكير وكيف ننظر للأمور، وأحترم فيها أنها لم تصل بالصدفة وهي دائماً متجددة بعكس البعض، فكل عمل أقدمه أنا هو مختلف عن ما سبق، وهذا ما إتفقت عليه مع كلوديا، سواءً في الدراما أو السينما، إضافة إلى عمل دسم كثيراً نعمل عليه حالياً مع بعض.
قلت أن مسلسل "بردانة أنا" أخذ الكثير من الجهد وكلّف الكثير، هل الدراما اللبنانية تحقق لك المردود الذي تريده سواءً مادياً أو معنوياً؟
طبعاً لا، لم يحقق لي المردود المادي، وخصوصاً في الأوضاع الصعبة التي نعيشها اليوم، أما المردود المعنوي فبالتأكيد موجود، ولكن هل هو كافٍ؟ طبعاً كلا، لأن على كل منتج أن يدفع معاشات موظفيه وغيرها من المصاريف.
أمام هذا الواقع بالنسبة للدراما اللبنانية، نرى شركات مثلاً تعطي أولوية للدراما العربية المشتركة، هل نرى هذا الأمر معك؟ وهل أنت مع هذا النوع من الدراما؟
أنا مع العمل الجميل، ولم أطرح نفسي تحت عنوان أنني أعمل فقط دراما لبنانية أو سينما لبنانية، مثلاً العمل المقبل الذي تكتبه كلوديا هو عمل مشترك عربي ضخم جداً، ومختلف عن كل شيء.
ولكن شرطي الوحيد أن يكون العمل حقيقياً ومقنعاً، يعني أن يكون الخليط بين اللبناني أو السوري أو المصري أو الخليجي مقنعاً وحقيقياَ.
خلال موسم رمضان، ثلاثة أعمال لبنانية إشترت حقوق عرضها محطة Bein Drama القطرية، هي "بالقلب"، "غربة" و"لو ما التقينا"، لماذا لم نرَ من ضمنها "بردانة أنا"، وما رأيك بهذه الخطوة؟
تمّ التواصل معنا، فنحن على علاقة ممتازة مع كل المحطات العربية، ولكن المشكلة أنه كان قد عرض من المسلسل قبل أن يتوقف 33 حلقة، فنحن أسميناه حالياً الجزء الثاني، ولكن فعلياً ليس هناك من جزء جديد وإنما هو تكملة للعمل، وهذا ما جعل الأمر صعباً على محطة جديدة أن تأخذه وتعرضه، فكانت لدينا هذه العقبة.
ومن ناحية أخرى، فهو أمر جيد جداً أن تأخذ محطات عربية أعمالاً لبنانية، فهو تأكيد أن الدراما اللبنانية تروق لإخواننا في المنطقة كلها، وكما نشاهد نحن المصري والخليجي فهم يشاهدون أعمالاً لبنانية أيضاً.
ولكي نتكلم بالطريقة الصحيحة، فإن "مصائب قوم عند قوم فوائد"، إذ أن عدداً من الأعمال الخليجية أو المشتركة أُجّل عرضها بسبب أزمة فيروس كورونا، مما فتح مجالاً لأعمال أخرى.
بالنسبة للسينما، هل هناك من عمل جديد تحضره؟
طبعاً، هناك عمل جديد ومختلف كثيراً، الفيلم الذي نعمل عليه، أنا شخصياً مؤمن به جداً، فهو فكرتي ولدي رسالة من خلالها أريد أن أوصلها، وهذا ما أعمل عليه مع صديقي الممثل اللبناني فؤاد يمين.
واضح أنه لديك إيمان كبير سواءً بالدراما اللبنانية أو السينما أيضاً، برأيك كيف ترى واقع السينما اللبنانية؟ وما ينقصها؟
للتوضيح أن إيماني بالدراما هو إيمان بالقصة والرواية، فنحن الآن بصدد التحضير لعمل درامي عربي مشترك، مع التأكيد على أنني لبناني وأفتخر وفريق عملي جميعه لبناني، وممثلونا جميعهم رائعون، وحبذا لو محطاتنا لديها ظروف عادلة تسمح لها بإعطاء الدراما اللبنانية مساحة أكبر، خصوصاً أن هذه المحطات لديها نسب مشاهدة كبيرة جداً في أقاسي الأرض وحول العالم، فنحن نتلقى الكثير من الرسائل على "بردانة أنا" من مختلف العالم مثل أستراليا وأميركا وكندا وأفريقيا ودول الخليج، فمحطاتنا لا ينقصها شيء لتكون عالمية.
وكذلك إيماني أن نبقى نشجع الإنتاج في لبنان، لأنه علينا أن نشغّل اللبنانيين ونعطي صورة جميلة عن لبنان، فلدي عقدة نفسية من الصورة البشعة التي يعطيها حكامنا عن هذا البلد.
هل تابعت أعمالاً أخرى في رمضان؟
نعم، لأن ذلك من واجباتي كمخرج، وهناك أعمال جذبتني أكثر من غيرها، فلقد أعجبت بضخامة إنتاج مسلسل "الإختيار"، ومن الواضح أنه حظي بإهتمام كبير وتعاون من أجهزة الدولة المصرية.
كذلك أحببت بعض أمور التصوير في مسلسل "العودة"، وببعض الأماكن أيضاً مسلسل "أولاد آدم" كإخراج وصورة.
ومن ناحية أخرى، تفاجأت ونصدمت من هذه الهجمة التركية خلال رمضان، وشاهدت أحد الأعمال التركية التي عرضت، فإخترت مسلسل "مرارة الحب" الذي عرض مباشرة بعد "بردانة أنا" على الـMTV، وطبعاً هم لهم طريقة أخرى في الإخراج والتصوير، وأنا يزعجني كثيراً الدوبلاج وخاصةً الأصوات التي يعتمدونها، لم تعجبني أبداً، لكن أحببته لأنه تاريخي.
لذلك فعلينا سريعاً أن نتحرك كي لا نجعل الناس تتعود على الأعمال التركية، لأن هذا الأمر لا يناسبنا أبداً، كما كانت الناس في السابق تلجأ إلى الدراما المكسيكية، فالدراما صناعة كبيرة ومهمة جداً ولا يجب أن نفتح المجال للتركي، خصوصاً أنه يباع بسعر أقل في منطقتنا ولا سيما في لبنان، ولديهم إنتاج أضخم بكثير، فأقل عمل لديهم يتألف من 150 حلقة وأكثر، ولهذا فهم قادرون على التغلب علينا بسرعة.
هل تضع اللوم على المحطات اللبنانية؟
لا يمكن للمحطات أن لا تعرض شيئاً، وكلمة حق تقال إن المحطات اليوم تعاني كثيراً، وليست هناك من محطة لا تدفع نصف معاش للموظفين، إضافة إلى النقص الكبير في مداخيل الإعلانات.
وهذا ما تحدثت عنه سابقاً، أنه إضافة إلى مشكلة فيروس كورونا، فنحن لدينا مشكلة مسؤولين سرقونا، وليس هناك من حلّ في الأفق وما زالوا يسيرون في الخطأ.
هناك اليوم أسماء ممثلين يعتبرون نجوم صفّ أول، مثل الممثلتين اللبنانيتين نادين نسيب نجيم وسيرين عبد النور، هل تفكر أحياناً في الإسم لتحقيق نجاح العمل أم لا؟
أبداً، العمل هو عبارة عن توليفة متكاملة، قصة وممثل ومخرج، فإن نقُص أي عنصر من هذه العناصر، فلن يكون لديك عمل ناجح، ومثلاً أبطال مسلسل "La Casa De Papel"، ليسوا مشهورين، لكن العمل حقق جماهيرية كبيرة، وغيرها الكثير من الأمثلة.
ومن هنا، فبالنسبة لي وجود ممثل شاطر هو أمر مهم ولكن هذا لا يكفي، إذ يجب أن يستكمل مع قصة وإخراج ناجحين.