هو أحد المخرجين السوريين القلائل، الذين حصلوا على شهادة متخصصة في الإخراج التلفزيوني، وعلى الرغم من أن أعماله قليلة كمّاً، لكنها ذات سوية فنية مميزة نوعاً، وتركت أثراً كبيراً لدى المشاهد، بما تحمل من بُعد إنساني وحياتي.
ولد المخرج السوري فهد ميري في مصياف بريف حماة في سوريا، وأكمل دراسته ليحصل على درجة الماجستير في الإخراج التلفزيوني والسينمائي، كما أنه عضو في نقابة الفنانين منذ عام 1986.
أعماله تركت بصمة وأثراً
أعماله تتحدث عنه بعد أن تركت بصمة وأثراً، فإذا قلنا "قبل الغروب" ارتبطت أذهاننا مباشرة بعمل مميز لاقى نجاحاً كبيراً تصدى له أهم نجوم الدراما السورية، عمل متكامل من كل الجهات نصاً وتمثيلاً وإخراجاً، وإذا قلنا "بلا غمد" إستذكرنا الحس الوطني بأهم أعمال الدراما السورية التي لامست وجع المواطن السوري وبلسمت جراحه، وتصدى لها بنجاح وقوة.
بدأ فهد ميري العمل في الإخراج عام 1990، بالفيلم التلفزيوني "الشرخ"، ثم سافر للخليج وعمل بشركة إنتاج لمدة أربع سنوات، وبعد عودته لسوريا أخرج مسلسل "قبل الغروب" لنجيب نصير وحسن سامي يوسف، الذي حقق نقلة نوعية في مسيرته الإخراجية، بإعتباره كان يعالج الداخل الإنساني والنفس البشرية في العمق، وكان ينتقل من الهم الخاص إلى الهم العام، وقد حظي هذا العمل بالكثير من الترحيب بوسائل الإعلام والمشاهدة الكبيرة.
وكان مخرجاً منفذاً في فيلم "الطحالب" عام 1991، من إخراج ريمون بطرس، ومن بطولة أيمن زيدان ومنى واصف وكارمن لبس وعدنان بركات.
كما كان مساعداً للمخرج في مسلسل رياض ديار بكرلي، وفي مسلسل "الإخوة" عام 1992 من بطولة صباح الجزائري وحسام عيد وبسام كوسا وسلوم حداد وأنطوانيت نجيب.
ثم إنفرد فهد ميري في إخراج العديد من المسلسلات التلفزيونية، نذكر منها: "حروف يكتبها المطر" عام 2003، و"حكايا الخريف" عام 2004، و"رجال ونساء" عام 2005، و"كثير من الحب كثير من العنف" عام 2007، و"باب المقام" عام 2008، و"صراع المال" عام 2009، و"المصابيح الزرق" عام 2012 و"باب المراد" عام 2014 و"بلا غمد" عام 2016 و"فرصة أخيرة" عام 2018.
تراجع وإنحدار
مع بداية إندلاع الأزمة في سوريا، أرجع فهد ميري تراجع الدراما السورية إلى التمويل الخارجي، الذي أصبح يفرض شروطه ورؤيته، ويقول في أحد حواراته: "الدراما لا تأتي من فراغ، فهناك عدد من المقومات، تبدأ بالفكر وتنتهي برأس المال. والدراما السورية كان أكثر من 80 في المئة منها ينتج بتمويل خارجي، بالتالي من حق المنتج أن يفرض ما يراه مناسباً وما يخدم مصلحته. لكنّ السؤال هنا يكمن في ماذا تقدم الدراما السورية لنفسها، ومن هنا أبدي تفاؤلي بالمؤسسة العامة للإنتاج الدرامي التي يجب أن تكون حاضنة للدراما والفنانين والفنيين، ونحن نملك إمكانات، ونصدر دراما تمسنا وتمس مشاكلنا وهمومنا وحياتنا وتقاليدنا. لذا من واجبنا كدراميين أن نحمي هذا الإرث، لأنه جزء من وجودنا، وهنا لا أتكلم عن الدراما كصناعة وأموال وموارد وما إلى ذلك، لكنني أقول إنه يكفينا الكلام عن أن الدراما السورية يجب أن ترتبط بالأموال الخليجية، مع الاحترام للجميع، فنحن كسوريين لدينا المقومات وإمكانات تكفي لتقديم ما نريده".
وعن فترة الانحدار التي تمر بها الدراما السورية، يقول فهد ميري في الحوار الذي نشر عام 2012: "كان سببها الرئيسي التمويل الذي فرض ما يريده، ما حوّلها إلى تجارة، لكن الدراما بعيدة كل البعد عن التجارة، بل هي رسالة أخلاقية وإنسانية، وتصدير أعراف وتقاليد لشعب موجود له ماضٍ وحاضر ومستقبل أيضاً. وأتمنى أن تؤخذ هذه النقطة في الاعتبار لدى جميع الدراميين السوريين، فنحن نقدم همومنا وأفراحنا وانكساراتنا".
طموحات سينمائية
رغم أن طموحاته سينمائية، لكننا نلاحظ أن أعماله تلفزيونية، فما السبب؟ يجيب فهد ميري في حوار آخر: "نعم صحيح، أحلامي سينمائية وأعمالي تلفزيونية، السينما كانت وستظل عشقي الأول والأخير، ولا أنسى فيلم "الطحالب" الذي عملت فيه مخرجاً منفذاً، والذي تعود أهميته بالنسبة لي لكوني خريج معهد السينما بموسكو، أي مخرج يحلم بالسينما لكن السينما في سوريا ربما محتكرة، و ربما ضعيفة رغم وجود أفلام أخذت مكانة وصدى في الوطن العربي، لكني شعرت في وقت ما أني سآخذ فرصة عمل غيري، لأن المخرجين كانوا ينتظرون خمس سنوات لكي يؤخذ لهم عمل. طبعاً أنا أتحدث عن عشر سنوات ماضية، لذلك لم أسعَ للسينما، وبقي حلمي السينمائي مرتبطاً بظروف المستقبل وفرص إنتاجية أخرى، أتأمل أن تكون أفضل، وهذا سبب توجهي للساحة الدرامية".