فيلمون وهبي هو شيخ الملحنين اللبنانيين كما وصفته السيدة فيروز، برع أيضاً في التمثيل على المسرح الرحباني إلى حد وصفه بالعمود الفقري لهذا المسرح.
وكان الأخوان رحباني يغازلانه بلقب "فاكهة المسرحية اللذيذة"، قدم العديد من الاستكشات، كما أصدر ألبوماً تضمَّن مونولوجات فكاهية بينها: "همبرغر"، "سنفريان"، "فيلمون أتى"، و"البوسطجي"، فكان سفير الأغنية اللبنانية والضحكة العفوية، أبدع في التلحين والتمثيل على حد سواء.
نشأته
ولدفيلمون وهبيفي العام 1916، في بلدة كفرشيما - قضاء بعبدا، والده سعيد وهبي كان مختار كفرشيما، أما والدته فهي السيدة ماري أيوب.
بدأ حياته الدراسية في مدرسة الشويفات الدولية، التي كان يذهب إليها متأبطاً العود، فموهبته الفنيَّة برزت باكراً، ومنذ البداية تملَّكته وراحت تحفر علاماتها.
وعلى الرغم من معارضة والده، إنتصرت موهبته في النهاية على كل شيء، فإنقطع عن الدراسة وإلتحق بركاب الفن باكراً، فعمل مع شقيقه في المقاولات لمساعدة الأهل.
بداية الطريق
كانت إنطلاقةفيلمون وهبيالفعلية عام 1941، لحّن وغنى بصوته أغنيتين هما "يا حياتي وقلبي وروحي"، من كلمات سامي الملاح، و"على مهلك يا مسافر"، من كلمات محمد علي فتوح، كما بدأ كملحن ومغنّ بإذاعة القدس بفلسطين، وبعد ذلك عاد إلى لبنان إثر نشوء ثورة فلسطين الأولى، ودخل "راديو لوفان"، أي إذاعة بيروت، وفيها أصبح ينشد من ألحان ميشال خياط ونجيب الشلفون، كما إستمر يلحن ويغني حتى أواخر الأربعينيات، حين بدأ يلحن لغيره من المطربين.
ثم طار إلى يافا ليعمل في محطة "الشرق الأدنى"، وهناك بدأ بالتلحين بتشجيع من محمد الغصين وأحمد الجرار، وكان لحنه الأول "على مهلك يا مسافر"، ولحنه الثاني "حملتني فوق الألم" بصوت مغنية لبنانية تُدعى حنان، وتبعهما لحن "بابا ما دريش بي" بصوت نجاح سلام، ثم كرّت الألحان، ودخل معها فيلمون إلى جميع الإذاعات العربية، وجد نفسه في التلحين والموسيقى فإلتحق مع زملائه أمثال نقولا المنّي وسامي الصيداوي وزكي ناصيف والأخوين الرحباني، وكان من بين أهم مؤسسي الأغنية اللبنانية.
إنطلاقته الفعلية
عرف فيلمون وهبي الشهرة كملحّن في النصف الأول من الخمسينيات، تشهد لهذا النجاح مقالة كتبها سليم اللوزي في أيلول/سبتمبر عام 1955، يوم كان مراسلاً لمجلة "الكواكب" المصرية، تحت عنوان "فنان لبناني يبيع الألحان على قارعة الطريق"، تحدث اللوزي فيها عن إنتشار الأغاني اللبنانية في بغداد، وفي مقدمها "دخل عيونك حاكينا"، "أبجد هوز اسمع مني لا تتجوز" و"برهوم حاكينا".
لمع نجمه في التلحين والتأليف والتمثيل الكوميدي، هو الفنان الموهوب الذي لم يدرس النوتة أبداً، كما قال فيه الموسيقار محمد عبد الوهاب.
قدَّم أروع الألحان الشرقية المميَّزة من غير أن يدرس الموسيقى، وحتى من دون أن يتقن العزف على العود، إمتلك أدوات التلحين بالفطرة التي كانت كل رأسماله إلى الإحساس بالأصالة.
"سبع" فيلمون وهبي
إشتهر فيلمون وهبي تمثيلاً أيضاً، بشخصية "سبع" وقدّم من خلالها مجموعة من "السكتشات" مع الرحابنة، منها "رابوق" و"كاسر مزراب العين" و"الغربال" و"براد الجمعية" و"بحر الستات" و"أوتومبيل" و"الناطور".
وفي إطار شخصية "سبع" قدم بعض الأغنيات، ومنها "بسيطة" و"الحسون" و"طل البوسطجي" و"الترين" و"صندوق الفرجة".
علاقة الصيد والتلحين
ولدت أجمل ألحان فيلمون وهبي خلال رحلات الصيد، التي كانت من أحب الهوايات إلى قلبه، ومن رفاقه في رحلات الصيد، الرئيس الراحل إلياس سركيس والنواب السابقون سامي الخطيب وميشال ساسين ونجاح واكيم وغيرهم، وكان يهوى العزف على آلة العود بعد منتصف الليل، ومن بين أنامله خرجت مئات من أجمل الألحان.
ومن الفنانين، كان يتمتع برفقة ملحم بركات ونصري شمس الدين وآخرين.
أهم الأعمال مع الشحرورة صباح
ارتبطت الشحرورة صباح بفيلمون وهبي منذ تلك المرحلة المبكرة، وسجلت من ألحانه العديد من الأغاني، بعضها طُبع على أسطوانات باتت اليوم مفقودة، ومنها "هيّب يلّي بحبّو هيّب" التي صدرت عام 1952، من كلمات مارون نصر، ثم "وز عينك" و"فزعاني قلبي أعطيك"، و"كيف الصحة" من كلمات أسعد سابا، و"عالطاير عالطاير" من تأليف يوسف صالح. كذلك، سجلت صباح من كلمات مارون نصر "فنجان قهوة وسيكارة"، وأغاني أخرى أصدرتها شركة "صوت الشرق" في طبعات عدة، منها "هالقد بحبّك هالقد"، "طيّب طيّب"، "خبّي عيونك خبّيها" و"مقدّر من الله ومكتوب". وتواصلت هذه الشراكة مع "عالعصفورية" التي كتب كلماتها عبد الجليل وهبي. حملت الشحرورة ألحان فيلمون معها إلى القاهرة، وغنّت في نهاية الخمسينيات من كلمات يوسف صالح "يسلمولي حبابنا" في فيلم "العتبة الخضراء".
أروع الألحان للسيدة فيروز
قمة تعاونه كانت مع السيدة فيروز، فكان تعاونه معها قمة نجاحه، ولحّن لها أكثر من 25 أغنية، أثرى فيها المكتبة الموسيقية اللبنانية والعربية، وأشهرها: "جايبلي سلام"، "يا مرسال المراسيل"، "يا دارة دوري فيناً"، "من عز النوم بتسرقني"، "بكرم اللولو"، "ليلية بترجع يا ليل"، "الطاحونة"، "يا رايح ع كفرحالا"، "فايق يا هوى"، "صّيف يا صيف"، "أنا خوفي من عتم الليل"، "يا كرم العلالي"، "طيري يا طيارة"، "على جسر اللوزية"، وفي ما بعد "ورقو الأصفر" و"إسوارة العروس"، وسواهما من شعر جوزيف حرب.
ومن "النهفات" الحكايات الطريفة التي نسردها عنه، أن والدة عاصي ومنصور الرحباني عندما سمعت "يا دارة دوري فينا"، قالت لعاصي: "ريتك تقبرني شو حلوي هالغنية ما بقى يصير "أحلى من هيك"، فردّ عاصي قائلاً: "هيدي لحّنها القرد فيلمون (على سبيل المزاح) مش أنا.
يتبع في الجزء الثاني.. إضغطهنا