في زحمة المسلسلات الرمضانية تميّز مسلسل "لو ما إلتقينا" عن غيره، بقصصه القريبة من المجتمع فحمل مع كل فرد وشخصية من العمل واقعاً قد يحصل مع أي شخص منا، فشعرنا أنه قريب منا بغموضه والمشاكل التي يدور حولها العديد من القضايا الإجتماعية.

العمل بطولة الممثل يوسف الخال والممثلة سارة أبي كنعان اللذين برعا في تجسيد شخصيتي هادي وريما، رغم غرابة قصة حبهما.

يلتقي هادي (يوسف الخال) بريما (سارة ابي كنعان) خلال مجيئها للتدقيق في حسابات شركته التي تعنى في مجال الأزياء، وما إن رآها حتى تعلق بها خصوصاً أنها تشبه والدته (رندة كعدي) التي قال للجميع إنها متوفاة، على الرغم من أنه يخفيها في بيت جده (عصام الأشقر)، الذي لا يعلم أحد سواه أيضاً أنه لا زال على قيد الحياة.

يتزوج هادي من ريما بعد شهرين من تعارفهما، وهنا تبدأ الأخيرة في إكتشاف أسرار عائلة هادي التي تجعل المشاهد يتشوق أكثر فأكثر لمتابعة العمل.

عرفت الكاتبة ندى عماد خليل كيف تربط ذكريات هادي بحاضره بشكل متماسك، وتناولت قضايا جريئة.

وبالعودة إلى أداء الممثلين، لا بد من التشديد على الانسجام الواضح بين يوسف وسارة، فمشاهدهما واقعية لأبعد الحدود، لا تكلّف ولا إنفعالات زائدة وتعابير مبالغاً فيها، وكأن المشاهد حقيقية وليست تمثيلاً! يوسف لا يمثّل الحالة بل يعيشها، ولا يستطيع أي ممثل أن يقدم هذه الجودة من الأداء إلا حين يصل الى ذروة مسيرته، أما سارة فهي قريبة للقلب ننتظر مشاهدها وكل تصرف وحركة منها، ولا يمكن أن يشكك أحد بإحترافها التمثيل وبأنها تتفوق على ممثلات جيلها عملاً بعد عمل!

ثنائي آخر في العمل، وهو الممثلة فيفيان أنطونيوس التي تجسد دور شقيقة "ريما" أو سارة ابي كنعان وزوجها في العمل الممثل يوسف حداد. هذان الممثلان تاريخ طويل في الدراما اللبنانية، فأي دور يعطى لهما ينجحان به، وقد نجحا هذه المرة أيضاً في تجسيد دور الثنائي الذي يعاني من ضائقة مادية، وكيف أن مشاكلهما منعتهما من الإنتباه الى ابنتهما الوحيدة، التي تعرضت لأمرٍ ما.

أما قصة الثنائي الممثل طوني عاد والممثلة لارا الخوري هي المفاجأة السارة للعمل، فقصتهما واضحة وهي فارق العمر والعلم بينهما ونظرة المجتمع لهما، لكن مشهد تعرض "طارق" (طوني عاد) لإطلاق نار في الحلقة الثامنة، كان أقل مستوى من المطلوب على صعيد التنفيذ والإخراج.

اختيار الممثلين مدروس للغاية، خصوصاً مع وجود كل من الممثلة القديرة ختام اللحام التي تجسد دور العمياء، والممثلة الرائعة رندة كعدي التي تجسد دور والدة يوسف وتكون مشلولة وخرساء، إضافة إلى تجسيد الراقية نوال كامل دور الأم اللبنانية القوية الشخصية، بالنسبة لزوجها الطيب المتفهم والذي يجسد دوره النقيب نعمة بدوي.

وعلى الرغم من الأداء الرائع للشخصية الشريرة التي جسدها الممثل عصام الأشقر، إلا أن فارق العمر بينه وبين يوسف الخال لم يقنعنا بأن يكون الأول جد الثاني، فلو كان والده لكان الأمر واقعياً اكثر! ناتاشا أبدعت في المشاهد التي تطلبت منها برودة، أما ثنائيتها مع جوزيف الحويك فتحتاج لتفاصيل أو توضيح لعين المشاهد أكثر إخراجياً، خصوصاً أن التبريرات التي أعطيت حول زواجهما السريع لم تكن كافية.

وفي ظهور أول لعارضة الأزياء جاين قنصل على الشاشة الصغيرة، لا بد من القول إنها حاولت التمثيل لكنها لا زالت بحاجة إلى العمل على أدائها لتقنع المشاهد أكثر، خصوصاً في مشاهدها وهي تغني على المسرح وأمام ممثل مبدع كيوسف الخال. قاسم منصور الذي يلعب دور إبن ختام اللحام، فلقد ساعده شكله الخارجي في إقناع المشاهد بأنه إبن سيئ، بتصرفاته وتفكيره وإستغلاله لمرض أمه.

قصة العمل متماسكة والنص خدم كل شخصية، صورة الكاميرا مضيئة والكادرات موفّقة تحت اشراف المخرج إيلي الرموز، لكن نشعر في بعض الأحيان أن هناك مشاهد ناقصة إخراجياً لتبرير بعض الأحداث، لكنها لم تؤثّر فعلياً على فهم القصة.

لا يمكن ختام الحديث عن العمل من دون الإشادة بتتر المسلسل "تغيرت كتير" بصوت الفنان عامر زيان، الأغنية رائعة كلاماً ولحناً وأداءً ومناسبة فعلاً للعمل، وكأغنية منفردة يمكن أن يستفيد منها في حفلاته.