مع حلول شهر رمضان المبارك، إتجهت الأنظار الخليجية عامة، والقطرية بشكل خاص، إلى عمل درامي تعرضه شاشة تلفزيون قطر ويضمّ كوكبة من الممثلين المبدعين ألا وهو "العمر مرة".
منذ الأيام الأولى لعرضه، حظي المسلسل بنسبة مشاهدة مرتفعة، وبدأ التفاعل مع أحداثه وأبطاله يظهر جلياً عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وتحوّلت مشاهده إلى فيديوهات تجسّد عمق المشاعر الإنسانية، وأخرى كوميدية تزرع ابتسامة وتحصد أملاً.
طالب الدوس، الكاتب والسيناريست الشهير، خط بقلمه إبداعاً تحوّل إلى شخصيات تتنفّس وتتكلم، تتألم وتتأمل، تختبر التجارب وتتعلم، لتؤكد أهمية التمتع بعيش الحياة لأن... "العمر مرة".
بداية، ماذا تخبرنا عن مسلسل "العمر مرة" الذي حظي بإعجاب الجمهور منذ بدء عرضه مطلع شهر رمضان الحالي؟
"العمر مرة" مسلسل يتناول قضايا إجتماعية بين أسرة قطرية، وكيف أن الحياة المادية التي أصبحت واقعاً في حياتنا وشكّلت أهم أولوياتنا أفقدتنا الروابط الأسرية وتسبّبت بالعداوة والتفكك في الأسرة التي هي لُبنة كل مجتمع. وخلال تلك الصراعات التي تدور بين الأخوة أو الأسر، وذلك عندما تغيب القيادة والحكمة من الأسرة، يحدث الصدع وكل ينتمي إلى حقه بحسب وجهة نظره وتضيع الحقوق ويصبح الخداع والتحايل أساساً ليضمن كل حقه... لكننا نعيش العمر مرة، فكيف يمكننا أن نعيش سنوات عمرنا في صراع وخداع وتآمر وأنانية، ونخسر إخوتنا وأنفسنا؟ وهنا نترك الاختيار للجمهور ليختار كيف سيعيش عمره.
يحاكي العمل عدداً من القضايا الإجتماعية والإنسانية التي نعيشها في مجتمعاتنا الخليجية. كيف بإمكان الدراما تلمّس حاجات المجتمع وهمومه بشفافية وموضوعية؟
الدراما هي علم متعلق بالإنسان أساساً ودوافعه وبالتالي بيئته، والكاتب ما هو إلا ملتقط من ذلك المجتمع الذي يعيشه صوراً واقعية يجسدها بشكل درامي. ويضطر الكاتب إلى استخدام وسائله التقنية التي تناسب كل موضوع بهدف الوصول إلى الحبكة الجيدة التي تشدّ المشاهد، لكن وكما يقال إن الكاتب هو إبن بيئته وإبن عصره ومواضيعه يجب أن تلامس وجدان المشاهد من قضايا إجتماعية تهم بيئته أولاً وإنسانية تخلق تواصلاً بينه وبين العالم. الأعمال الدرامية تعيش مع كل عصر، فإما أن تؤرخ لجيل سيأتي وإما أن تبقى حاضرة لكل الأزمان، والتي ستبقى حاضرة هي الأعمال التي تخاطب الإنسان بشكل عام.
كيف تصف لنا تعاونك مع المخرج عمار رضوان؟ وهل أنت راضٍ عن النتيجة النهائية التي خرج بها العمل؟
هذا أول تعاون بيني وبين المخرج عمار رضوان، ويهمني دائماً أن تكون هناك مرحلة تواصل بين المخرج والكاتب والمنتج، فالعمل الفني هو عمل جماعي وجمعي لتكوين صورة ومخطط للعمل وإظهاره بشكل فني يرضي جمهورنا ونستطيع أن نكون فخورين به كإنجاز فني لنا جميعاً. وهذا ما وفّره لي المنتج عبدالناصر القحطاني منذ البداية، وبالتالي كان تواصلي مع المنتج والمخرج وإدارته لمراحل العمل مستمرّة، وقد استطاع المخرج بإتقان أن يقدّم العمل بصورة رائعة وله كل الشكر والتقدير .
كونك مؤلف وكاتب سيناريو...هل تتدخل عادة في تفاصيل التصوير أو اختيار الممثلين؟
في مرحلة الكتابة، لا أكتب لممثل معين، إنما أكتب للشخصية الدرامية حسب ما هو مرسوم له في الحدث الدرامي ولا يعنيني مَن يمثل الشخصية.وكما قلت، هناك ورشة عمل جمعتني في هذا العمل مع المنتج والمخرج، بعد إنجاز عدد كبير من الحلقات وكان هناك تفاهم حول اختيار وترشيح الممثلين الذين سيؤدون الشخصيات. شاركت في الترشيحات الأولية، ثم اجتماع آخر مع المنتج عند إنجاز العمل كاملاً لتأكيد الترشيحات، مع العلم أنني لا أفرض رأيي على المنتج أو المخرج في الترشيحات وإنما مجرّد رأي أو اقتراحات.
إلى جانب المسلسل الدرامي الرمضاني، يعرض حالياً الجزء الثاني من المسلسل الكرتوني "تمّور وتمورة" الذي يحمل بصمتك في كتابة السيناريو. ما سر نجاح هذه التجربة برأيك؟
كانت التجربة مميزة كونه عمل أطفال تربوي وتوعوي في إطار مغامرات كوميدية، كما أن العمل إنتاجياً وتقنياً وفنياً ظهر في الجزء الأول بشكل مميز ولاقى نجاحاً، مما جعل الجهة المنتجة "كتارا" تفكر في تقديم جزء آخر، فنهج الحي الثقافي "كتارا" هو التميز في أعمالها والمحافظة على النجاحات التي تحققها بل وتسعى إلى تطوير أعمالها، علماً بأن الجزء الثاني لم أكتبه وحدي وإنما شاركت بمجموعة حلقات، وأفضل أن تتنوّع الكتابة في الأعمال التي تكون كل حلقة منفصلة لتنوّع الأفكار وخصوصاً إذا كانت هناك أجزاء من العمل.
تقديم الجزء الثاني جاء استكمالاً طبيعياً لنجاح الجزء الأول. ما الذي يتضمنّه؟ وما الجديد الذي يحويه؟
هذا الجزء هو استكمال للجزء الأول، لكن ما يميزه هو الاعتماد على المغامرة وعنصر التشويق أكثر.
التوجّه لمحاكاة الأطفال ليس سهلاً على الإطلاق. ما هي القواعد التي تتبعها شخصياً أثناء كتابتك لأعمال خاصة بهم؟
فعلاً محاكاة الأطفال تكون صعبة جداً، لذا حتى أعمالي، أقصد المسرحيات التي كتبتها للطفل، لا تتعدى ثلاث مسرحيات فقط، ربما هذا الخوف يجعلني حريصاً خلال كتابتي للطفل، ولأنني أحتاج أن أتقمّص أو أراقب سلوكيات الأطفال في محيطي. مع أول تجربة كرتونية للطفل، تعايشت مع بعض الأطفال حتى أكون قريباً من نمطتفكيرهم، وما نعتمد عليه في الدراما من المبرر والمنطق لا يهم ولا يشغل حيّز تفكير الطفل كثيراً. في الحقيقة أستطيع أن أسجّل اعترافاً على نفسي: الأطفال هم الذين علّموني الكتابة لهم من خلال اقترابي من عالمهم .
شهر رمضان يحفل كالعادة بالأعمال الدرامية العربية، وإن تمّ تأجيل عرض بعضها بسبب توقف التصوير. ماذا تتابع حالياً؟ وما رأيك بالأعمال المعروضة؟ وهل ثمة مؤلفين أو ممثلين معيّنين تدأب على مشاهدة أعمالهم؟
هذا العام تابعت مقتطفات من الحلقات الأولى لبعض الأعمال العربية، لكنّي وبسبب ارتباطي بمشاغل خاصة لم أواظب على المتابعة. هناك أسماء كثيرة من النجوم في عالم الكتابة أو التمثيل أهتم لمتابعتهم، فإننا أيضاً نقيّم أنفسنا من خلال تقييم إبداعات الزملاء. يمكن متابعة هذه الأعمال لاحقاً، لكن في الوقت الراهن حظيت بمتابعة مسلسل "النهاية"، وهو الوحيد الحريص جداً على متابعته.
نعيش اليوم في زمن الكورونا...هل نتوقع منك عملاً فنياً عن هذه الجائحة يعكس تأثير هذه الأزمة العالمية إنسانياً وإقتصادياً؟
قدّمت بعض الأفكار لبعض الزملاء في إطار فلاشات توعوية، وقدّمت في هذا الموضوع حلقة من حلقات المسلسل الكوميدي "فلاشات" الذي يبث على قناة تليفزيون الريان، وشاركت في هذا المسلسل فقط في كتابةثلاث حلقات، شاكراً جهود القائمين على القناة دعوتي للمشاركة وثقتهم، وتناولت في موضوع الكورونا ثيمة الخوف.
هل من كلمة أخيرة تتوجّه بها إلى قرّاء موقع "الفن"؟
أرجو أن يحفظ الله الجميع ويمنّ علينا بالفرج من هذه الأزمة التي تجتاح العالم، شاكراً القراء الأعزاء على المتابعة، كما أشكر موقع "الفن" لاهتمامه بما نقدّمه في الخليج من أعمال تساهم في رفد الدراما العربية.