حسن علاء الدين، والمعروف بـ"شوشو"، هو فنان لبناني كوميدي ناقد، كان من مؤسسي المسرح الوطني اللبناني وقدم العديد من المسرحيات والبرامج التلفزيونية والإذاعية والأفلام، وشكل حالة فريدة في الوسط الفني ولا زال اسمه وإرثه باقيين في ذاكرتنا الجماعية، فهو أغنى لبنان واللبنانيين ثقافياً وكان ثائراً على طريقته، تميّز بليونة جسدية فائقة وكان بتعبيره الجسدي متفوقاً على نفسه ولقد شكّل حالة خاصة لن تتكرر، كما أنه أضحك الكبار والصغار، لكنه أيضاً قدم أغنيات عديدة انتقادية منها "يعيش الاقتصاد الحر وتحيا الديمقراطية، و شحادين يا بلدنا"، وللأطفال منها "ألف باء بوباية، نانا الحلوة نانا، شوشو شوشية، قوموا ناموا، تعوا يا صبيان"، وغيرها.
نشأته
ولدحسن علاء الدينفي 26 شباط/فبراير عام 1939 في منطقة جون الجنوبية، ولكنه ترعرع في بيروت وتحدث لهجتها فكان بيروتي الهوى جنوبي الإنتماء ووطني التوجه، "عاش درويشاً ومات درويشاً" أي عاش ببساطة ومديوناً أيضاً، وسكن في منزل بمنطقة البسطة لمدة ثلاثين عاماً حتى وفاته وكان في السادسة والثلاثين من عمره، وقد ورث إبنه خضر علاء الدين نحالته وملامح وجهه، وهو الذي قام بتقليده لإعادة إحياء مسرحه لكنه ما لبث أن وقع في التكرار، وقدم أيضاً برنامجاً تلفزيونياً وأعاد إحياء مسرحيات والده فقدم "آخ يابلدنا، جوا وبرا، وصلت للـ 99".
بداياته
بدأحسن علاء الدينمسيرته المسرحية في فرقة شباب هواة، ووجد طريقه الى الإذاعة والتلفزيون حين تعرف إلى الفنان محمد شامل عام 1965، وحلّ محلّ الراحل عبد الرحمن مرعي رفيق محمد شامل. بدأ نشاطه في برنامج إذاعي للأطفال، إذ لم يكن له شاربان، كان ممثلاً حراً وهو يخترع تلك اللهجة البطيئة منذ البداية. نجح شوشو الإذاعي نجاحاً كبيراً، في برامج تلفزيونية وإذاعية منها برنامج "شارع العز" و"يا مدير" و"الدنيا هيك"، لكنه لم يكمل من مشروع "الدنيا هيك" لأنه كان يريد نصاً يقدم نجم المسلسل الرئيس، في حين محمد شامل كتب نصاً جماعياً.
تحول شوشو الى تقديم مسرح شانسونييه في أحد ملاهي بيروت، ثم في بعض قرى الاصطياف. ظهر شوشو كائناً خرافياً غريباً، يظهر بين الناس بشاربيه الطويلين وجسده النحيل، على رأسه قبعة أو طربوش، ويلبس ثياباً غير متناسقة للتعبير عن الاختلاف عن عصره ويتحرك بحركات غير معتادة، كحدث مسرحي بحد ذاته، وأصبح يقدم عرضاً جسدياً بطريقة نطق وتعبير بيروتية كوميدية.
بنى شوشو خشبة مسرحِه في كرم يقع في منطقة كركول الدروز (وفق رواية محمد شامل)، وأعد مع فريق شاب (4 شباب) مقاعد الإسمنت، وسرعان ما ازدحم المكان بالناس.
حياته الخاصة
تزوجحسن علاء الدينمن فاطمة شامل إبنة محمد شامل عام 1964، وأنجب منها خضر ومحمد ونيِوار التي ألف لها أغنية نانا الحلوة نانا، وتمتعت زوجته بصوت جميل وكانت لها بعض الأغنيات، لكنها توقفت عن الغناء بناء على طلب من شوشو، ووالدها الفنان محمد شامل الذي لم يكن يحب أن تدخل ابنته مجال الفن، وكان شوشو يغار عليها كثيراً وحافظ عليها وهذا ما جعل عائلتها تحبه أكثر، وحل محل الراحل عبد الرحمن مرعي رفيق محمد شامل.
المسرح الوطني
عام 1965 أنشأ شوشو مع نزار ميقاتي المسرح الوطني، ونهض بالمسرح الوطني وكان نجمه الدائم. في المرحلة الأولى (بين عامي 1965 ـ 1970)، كان نزار ميقاتي شريكه الرئيسي (كمخرج ومؤلف)، وفي المرحلة الثانية (بين عامي 1970 ـ 1975) كانت مرحلة الانطلاقة الذروة في تكوين فرقة وتكوين جمهور مسرحي، وتأسيس لنظام مسرحي يومي بلون شخصية فنية كبيرة. لمع شوشو في اقتباسات نصوص موليير في "البخيل" و"مريض الوهم" وفي الاختبارات العديدة لأعمال لابيش، وفي مسرحية توباز لمارسال بانيول.
بعدما ترك نزار ميقاتي العمل مع شوشو عام 1970، دخل شوشو مرحلة النضج التي قادت الى اجتذاب كبار الكتاب والمخرجين، ورعاية أقلام الصحافة الكبيرة وفي طليعتها أنسي الحاج وآخرين.
كان شوشو يحب استضافة نجوم الشرف في "اللعب ع الحبلين" كانوا: نبيه أبو الحسن وتيودورا راسي وفريال كريم والأخيرة استدامت في الفرقة من العناصر الثابتة، في المسرحية التالية "كافيار وعدس" من اقتباس وجيه رضوان، كانت بديعة مصابني ضيفة الشرف، ولقد عادت إلى الخشبة بعد غياب عقود، وشعرت بفرحة لا توصف وهي تقابل الجمهور من جديد وتنتشي من رنين التصفيق، والمطرب عصام رجي في "وصلت للـ 99"، وويللي وحسن مصطفى في "الدنيا دولاب"، وهالة فاخر في "جوه وبرّه" و"فوق وتحت".
كاد أن ينافس بجمهوره الشعبي جمهور المسرح الغنائي للأخوين الرحباني وذلك لاستقطابه العديد من محبي هذا النوع من المسرح، والذي انطلق حينها طليعياً بعيداً كأول مسرح غنائي عربي.
تعاون شوشو مع برج فازليان في الإخراج، بإهتمامات خاصة من أنسي الحاج صديق الاثنين، ولفازليان اهتمامات في المسرح الجدي، فكانت مسرحية "اللعب على الحبلين"، ثم "كوميديا ديللارتي"، ومسرحية "كافيار وعدس" لوجيه رضوان، في التقدم نحو المسرح الاجتماعي السياسي.
بعدها تعاون مع سيد بدير ومحمد سلمان ومحمد كريّم وروجيه عساف، الذي أخرج المسرحية الشهيرة "آخ يا بلدنا" عن أوبرا القروش الأربعة لبرشت، المأخوذة بدورها عن أوبرا الشحادين لجون غابي، و"خيمة كراكوز" من تأليف فارس يواكيم. في ما أعد محمد شامل مسرحية لشوشو هي مسرحية "وراء البارفان" وأخرجها محمد كريّم.
و قد ضمّت فرقة شوشو العديد من الممثّلين، الّذين لا زال ذكرهم في الوجدان اللبناني، وقد عمل مع ماجد أفيوني وإبراهيم مرعشلي وأماليا أبي صالح وآماليا العريس وشفيق حسن ومرسيل مارينا وفريال كريم وأحمد الزين، والكثير غيرهم، أيضاً نال إعجاب الجمهور المصري عن دوره في فيلم "فندق السعادة"، مع الممثلين أحمد رمزي وعبد المنعم إبراهيم وشمس البارودي وإبراهيم مرعشلي.
فكان شوشو ظاهرة الوسط المديني المزدهرة، مع إصراره انه "يقدم ما لا دخل فيه من قريب أو بعيد بالسياسة"، كان مخلصاً مع نفسه كممثل هزلي موهوب وبمزاج رفيع أولاً، وحتى الرمق الأخير.
شهادة زميلته أماليا أبي صالح
رافقت أماليا أبي صالح شوشو منذ بداياته في المسرح وعاصرته، وعرفته الإنسان وليس فقط الفنان، وكانت قد تحدثت عنه في إحدى حواراتها مع موقع الفن، فأكدت أن شوشو لا مثيل له، والعمل معه كان مختلفاً وغنياً: "حيث بدأنا سوياً في مسرح الأطفال لكنه بدا عليه التردد وقال لي: كيف بدي أعمل مسرح أطفال إذا الكبار ما عم يفهموا علينا، وقد بدأنا العمل على مسرحية كتبها محمد شامل ونجحت، "وعملنا كم مسرحية وبعدين مات".
وروت في الحوار أن "مسرحية "شحادين يا بلدنا" كانت تنبهنا للحفاظ على أرضنا ومياهنا، وشوشو كان أيضاً يقتبس من مسرحيات أجنبية، وقدّم مسرحيات سياسية ساخرة حضرها النواب والوزراء والزعماء مثل بيار الجمّيل وريمون إده وكميل شمعون والأمير مجيد إرسلان، "شوشو كان يتمسخر بوجهم وهني يضحكولو وما يتضايقوا".
وأضافت في حديثها عن شوشو: "كان يتعامل مع الناس والممثلين في المسرح بإنسانية كبيرة، وهو الذي عرّفني على زوجي وقال لي إنه إنسان مهذب وسمعته طيبة فوافقت على الزواج منه، لكن بعد فترة زادت المشاكل بيننا بسبب عملي وسفري، وكان معي مفتاح بيت لشوشو وإذا رآني أبكي كان يبكي معي، واذا عرف أني مريضة يجنّ ويقول لي مين بدّي جيب غيرك".
وأضافت أماليا أبي صالح أن "شوشو لم ينجح في السينما كما في المسرح، فقد عملنا مسرحية في بداية الحرب اللبنانية عنوانها "1 2 3" مع يعقوب الشدراوي، وكنا نرتجل وكان شوشو يسمح لأنني كنت افهم عليه بسرعة".
إشارة إلى أنها عاشت في منزل شوشو، لمدة 13 عاماً بعد وفاته.
أعماله
في المسرح
شوشو بك في صوفر، مريض الوهم، شوشو عريس، الدكتور شوشو، شوشو، شوشو والقطة، حيط الجيران، شوشو والعصافير، الحق ع الطليان، صبر تحت الصفر، البخيل، محطة اللطافة، اللعب على الحبلين، كفيار وعدس، فرقت نمرة، جوه وبره، فوق وتحت، وراء البرفان، وصلت للتسعة وتسعين، حبل الكذب طويل، طربوش بالقاووش، آخ يا بلدنا، خيمة كركوز، الدنيا دولاب.
في السينما
شوشو والمليون، يا سلام ع الحب، مغامرات السعادة، سلام بعد الموت، زمان يا حب، سيدتي الجميلة، فندق السعادة.
في التلفزيون
حلقات فكاهية، المشوار الطويل، يا مدير شارع العز.
في الاذاعة
اسكتشات فكاهية، شوشو بوند، خلي بالك من شوشو.
رحيله
رزحشوشوفي أواخر حياته تحت ضائقة مالية وديون، كلها بسبب المسرح والتزاماته، وعانى من مشاكل صحية لكنه كابر على كل هذا وظل يوزع الضحكة والفرح للناس رغم كل مآسيه، ما أدى إلى إصابته بإعتلال القلب، وهو في السادسة والثلاثين من عمره.
وقد شوهد شوشو محمولاً على أيدي المغامرين، بالطريق إلى مقبرة الشهداء، وسط أصوات القذائف البعيدة والقريبة، ودفن يوم الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1975، عومل إثر ذلك، كهيكل عظمي لا كرجل مسرح، بجعبته وبسجلاته، أكثر من مسرحية "فودفيل" الترفيهية والهزلية، وأكثر من مسرحية "بولفار"، ومسرحيات من أنماط أخرى.