هو مبدع كبير من لبنان، قدم الفن الأصيل، وجعل لإسمه مكانة فنية متميزة يصعب نسيانها. عمل مع الأخوين الرحباني اللذين قدماه في مسرحياتهما في أدوار عديدة، منها "فخر الدين"، "المختار" و"البويجي"، وعمل معهما في السينما في فيلمي "بياع الخواتم" و"بنت الحارس"، وفي التلفزيون في برنامج "ساعة وغنية" الذي قدم خلاله أغنيات من كلمات وألحان الأخوين الرحباني.
إنه الفنان نصري شمس الدين الذي شارك أيضاً مع الشحرورة صباح في فيلمي "كواكب" و"ليالي الشرق"، وغنى من ألحان الموسيقار الراحل ملحم بركات، وهو نفسه نصري شمس الدين الذي علا صوته فوق العدوان على جنوب لبنان فغنى "غالي يا جنوب".
وفي مبادرة جميلة منه، إستذكر حزب الكتائب الفنان الراحل نصري شمس الدين في قسم المجدل الكتائبي، وذلك في أنطش مار يوحنا مرقس في جبيل، وسط حضور حاشد من الفنانين والإعلاميين والشخصيات البلدية والإختيارية والدينية.
وقد مثّل نائب رئيس الحزب الدكتور سليم الصايغ رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل، وبحضور رئيسة بلدية بكفيا المحيدثة السيدة نيكول الجميّل، رئيس بلدية المجدل سمير عساكر، رئيس إقليم جبيل الكتائبي رستم صعيبي، وقدّمت الحفل الإعلامية جويل عرموني.
البداية كانت مع النشيد الوطني اللبناني ونشيد حزب الكتائب، ثم كانت كلمة رئيس القسم إيلي عساكر الذي شدد على ضرورة أن نتذكر العظماء، وأضاف :"نصري شمس الدين عظيمٌ ترك لنا إرثاً كبيراً وقيماً تربّينا عليها. والوطن الذي رسمه الأخوان الرحباني وفيروز ونصري سيبقى حلمنا الذي نسعى لتحقيقه، وهذه المدرسة العظيمة هي القادرة اليوم على قيادة ثورة الشعب اللبناني".
وكانت كلمة الأستاذ مصطفى نصري شمس الدين الذي شكر حزب الكتائب على لفتته، وتحدث عن بعض ذكرياته مع والده الفنان نصري شمس الدين، وسأل المسؤولين اليوم :"إذا إستشهد لبنان اليوم ماذا تقولون لشهدائكم؟"، وأضاف قائلاً :"من جرح لبنان اليوم سيتألم غداً، ولكن لبنان محروس من دون نواطير ونحن سنبقى. وختم بقول قاله له نصري :"من يستمع للخارج سيبقى مرهوناً للخارج".
الفنانة رونزا تحدثت عن تجربتها الشخصية في مسرح الأخوين الرحباني وعن وقوفها أمام الفنان نصري شمس الدين في مسرحية "الشخص"، ووصفت صوته بالمياه التي تنساب من الصخر القاسي. وقالت رونزا :"نصري شمس الدين لم يكن يهتم بالدور، وهو الذي أدى كل الأدوار بنجاح كبير، فكان الملك والبويَجي وفخر الدين، وفي كل هذه الأدوار كان يوصل الرسالة بدقتها وجماليتها".
نقيب الفنانين المحترفين جهاد الأطرش تحدث عن إنسانية نصري شمس الدين وقيمه التي ربّى عليها عائلته، وقال :"نحن اليوم نبحث في وعينا عن وطن الرحابنة وكل المبدعين، وما زلنا نبحث عن لبنان الأخضر". وإستذكر الأطرش تاريخ لبنان الحضاري الذي إنطلق من جبيل، وبصوت نصري شمس الدين في مسرحية فخر الدين. وختم قائلاً :"سنظل نعمل ونروي بالدماء أرض لبنان، ولن نستسلم لأنه من غير المسموح لنا الإستسلام".
كلمة مهرجانات بعلبك الدولية ألقاها مدير المهرجانات الأستاذ غي يزبك الذي تحدث عن تاريخية مهرجانات بعلبك الدولية، وأشار إلى أهمية هذه المهرجانات التي فتحت أبوابها للكبار وللمواهب ومنهم نصري شمس الدين. ووجّه يزبك تحية إلى بعلبك وأهلها التي لا زالت تربّي أجيالها على أعمال وصوت نصري شمس الدين. وختم :"أنوّه بما يقوم به حزب الكتائب اليوم من تكريم لهذا الكبير، علماً أنني لا أتعاطى السياسة، ولم أنتخب في حياتي إنما أصدّق النائب سامي الجميّل عندما أسمعه".
كلمة حزب الكتائب ألقاها نائب رئيس الحزب الدكتور سليم الصايغ الذي توجه بكلامه إلى الحضور قائلاً :"أطلب منكم أن تعلّموا أبناءكم مدرسة نصري وأغنياته لكي يتعلّموا حب لبنان والهوية اللبنانية التي من أجلها قدّمنا ولا زلنا نقدّم الغالي والرخيص". كما توجّه بكلامه الى الفنانين قائلاً :"أنتم مع نصري شمس الدين علّمتمونا فن اللاممكن وذهبتم الى الإبداع وتخطّيتم الواقع اليومي وبالتالي أنتم من حمل لبنان والإنسان اللبناني الى العالمية وأدخلتم الى الإنسان اللبناني معنى وأهمية وجوده في هذه الأرض".
وأضاف :"ومن واجباتكم الوطنية اليوم أن تنشدوا أكثر وتؤلفوا أكثر وتبدعوا أكثر، في وقت ينهار الآخرون يوماً بعد يوم، في إنحطاط لم نرَ مثيلاً له في لبنان. وأنتم تعرفون جيداً أن من يتربعون اليوم على عروشهم فإن عروشهم وهمية ومن سيبقى في النهاية هي عروشكم أنتم".
وختم كلامه متوجهاً الى السياسيين قائلاً: "إذا كنتم تعتقدون أن الخوف من الآخر هو أفيون الشعوب وكل يوم تخترعون "راجح" جديد في السياسة لكي يبقى الإنسان اللبناني مسجوناً في القمقم، عليكم أن تدركوا أن هذا القمقم إنكسر في ١٧ تشرين والعملاق اللبناني أصبح حراً، وهو اليوم يغنّي أغاني الحرية التي أنشدها نصري في مسرح الأخوين رحباني، والخطر الحقيقي اليوم هو على الذي يستعمل قضية الشعوب لاستعبادها. ولكن لهؤلاء نقول اذا لم يعجبكم الشعب فهاجروا أنتم".
تخلل الحفل عرض فيلم وثائقي لخّص مسيرة نصري شمس الدين والكبار الذين مرّوا في مسرح الأخوين الرحباني.
وفي الختام تم تقديم درع تذكاري إلى عائلة الفنان الراحل، والتي بدورها قدّمت درعاً مماثلاً عربون شكر إلى حزب الكتائب اللبنانية.
موقع "الفن" الذي كان حاضراً، عاد بهذه الكلمات الخاصة.
الشيخة نيكول الجميل قالت :"بعد الذي رأيته في حفل اليوم، أدركت أن الفنانين هم الأشخاص الوحيدون في لبنان الذين يجمعون كل اللبنانيين، والدليل على ذلك هو أن الحضور اليوم ضم لبنانيين من مناطق عديدة، من الشوف والجنوب وبعلبك..".
وأضافت :"وعلى الرغم من غياب نصري منذ 37 عاماً، إلا أنه لازال يجمع اللبنانيين، فالفنانون يستطيعون القيام بأمور لم يستطع باقي اللبنانيين القيام بها، وهي لم الشمل وجمع الشعب اللبناني كله".
الأستاذ مصطفى نصري شمس الدين قال :"شكراً جزيلاً لقسم المجدل الكتائبي على هذه اللفتة الكبيرة لنصري شمس الدين بعد 38 عاماً على رحيله، وهذا يثبت أن الفن العريق والتراثي يبقى في الفكر مدى العمر ولا يموت، وما تركه نصري من إرث موسيقي عظيم ومكتبة فنية كبيرة قيمة سيبقيان للأجيال المقبلة، وأتمنى أن يبقى لبناني مزدهراً، وأن يبقى حزب الكتائب ناشطاً دائماً".
وأضاف :"أنا ورثت من والدي حب الوطن، وكان يقول لي دائماً "إن الذي لا يملك وطناً لا يملك شيئاً في حياته"، ولذلك نحن نسير على مبادئ نصري الوطنية، ونقتدي بمحبته لهذا البلد، وهو أعطانا ثقة كبيرة جعلتنا نؤمن بلبنان ونبقى فيه ولا نهاجر".
وتابع شمس الدين :"أنا أتابع كل الإذاعات اللبنانية، وهي تبث أغنيات الجميع، ويجب على الإذاعات أن تبث التراث الفني والموسيقي لأنه مقدس في لبنان".
وعما إذا كان يفكر في مشروع يضم من خلاله كل أعمال نصري شمس الدين الفنية، كشف شمس الدين حصرياً لموقع "الفن"، عن المشروع الجديد وقال :"فعلاً أنا بدأت بتنفيذ هذا المشروع منذ فترة، وهو مكتبة موسيقية كبيرة تتضمن كل أعمال نصري شمس الدين الفنية، وسنفتتحها خلال فصل الصيف المقبل".
الفنانة جاكلين قالت :"كانت تربطني علاقة صداقة بالفنان نصري شمس الدين، وهو كان إنساناً قريباً من القلب، وكان يحضر لي زيتاً زيتون من بلدته جون".
وأضافت :"نصري فنان كبير، وصوته جميل جداً، كان حضوره أساسياً في مسرح الأخوين الرحباني، وأنا عملت معه في عدة حفلات، خصوصاً في فرنسا. نصري شمس الدين فنان لن يتكرر، وإفتقدته الساحة الفنية اللبنانية، ولكن أعماله الفنية حاضرة دائماً".
نقيب الممثلين نعمة بدوي قال :"لم أجتمع بعمل فني مباشر مع نصري شمس الدين، ولكن كانت هناك منوعات نسجلها لصالح تلفزيون لبنان إجتمعت خلالها مع نصري، وكذلك عملت في المنوعات مع صباح ووديع الصافي، فأنا بالأساس لم أكن ممثلاً، كنت راقص دبكة، وكانت معظم أعمالي مع الأسطورة صباح، إذا عملنا في مسرحيات عديدة منها "ست الكل" و "حلوة كتير".
وأضاف :"أنا تابعت مسيرة نصري شمس الدين الفنية كلها، فكلنا نشأنا على مسيرة الأخوين الرحباني التي كان نصري جزءاً منها وأساسياً فيها مع السيدة فيروز، وكنا نلتقي نصري وأنا في سوريا ومصر وغيرهما من الدول، وأنا على تواصل مع عائلته".
وتابع بدوي حديثه إلى موقع "الفن" قائلاً :"قال لي الممثل المصري عادل إمام في إحدى المرات، إن لدينا مطرباً صوته جميل ولديه رخامة صوت جيدة ولكنه نسي إسمه، ولكن عندما أريته صورة نصري وأسمعته صوته، قال لي "نعم إني أقصد بكلامي هذا الفنان".إذاً نصري شمس الدين مطبوع في ذاكرة الناس، وكان يمتاز بالطرافة وعاشقاً للحياة. نصري إنتهت حياته في دمشق مثل أي فنان يتمنى أن يسقط على المسرح خلال غنائه، ولكن المؤسف جداً كان نقل جثمانه من سوريا إلى لبنان على سطح سيارة أجرة، فكرامة الفنان من كرامة الوطن، لأن أعمال الفنانين هي التي تخلدهم وتخلد الوطن، نصري ووديع وصباح وفيروز والأخوان الرحباني وأمثالهم هم الثروة الوطنية التي يجب أن نحافظ عليها".
الفنانة رونزا قالت لموقع "الفن :"أنا فخورة جداً لأنني عملت مع الفنان نصري شمس الدين، وفي هذه الأيام لم نعد نرى الكثير من الفنانين الذين هم بمستوى نصري شمس الدين، وكل مرة أسمع فيها صوته أشعر بالحنين إلى الأيام الماضية التي لن تعود".
وأضافت :"نصري شمس الدين كان محترفاً جداً على كل الأصعدة، فنياً وأخلاقياً، وكان خلف الكواليس هادئاً جداً".
وعن أكثر عمل تحبه للفنان نصري شمس الدين، قالت رونزا :"كل ما أداه في دور الأمير فخر الدين كان جميلاً".
الفنان غسان صليباً :"إجتمعت مع الفنان نصري شمس الدين في مسرحية "بترا" للأخوين الرحباني، والتي كانت أول عمل فني أشارك فيه، وأنا حينها جسدت شخصية "رئيس القوافل" وجسد نصري شخصية "الوزير ريبال". نصري شمس الدين فنان رائع وصوته عظيم، وكان إنساناً طيباً ومتواضعاً، وكانت جلساتي معه جميلة جداُ".
وأضاف :"أعمال نصري شمس الدين الفنية باقية وهي التي تحكي عنه، وهي القدوة والمثال للذين يريدون الغناء. ما من أحد يحل مكان نصري والكبار، وهناك تقصير في بث وإذاعة أعمال نصري عبر وسائل الإعلام، ففي الدول الراقية تكون الأعمال الكلاسيكية هي الركيزة والأساس، ولكنها مغيبة في لبنان. يجب أن يتطلع كل اللبنانيين وخصوصاً الجيل الجديد، على الأغنيات التي تحمل مستوى في الشعر واللحن والأداء، وعليهم أن يعرفوا تراثهم ويدركوا قيمة الفنانين الذين قدموا الفن الأصيل".
رئيسة التحرير هلا المر قالت :"يجب أن يكون كل لبناني فخوراً بالفنان نصري شمس الدين الذي غنى الأغنية اللبنانية وجال بها العالم، ونصري لم يخجل من أن يغني اللهجة اللبنانية التي لم يغنّ سواها، وهو الذي أدى الأغنيات الوطنية بعنفوان، والفنان الذي يريد أن يعمل في المسرح الغنائي يجب أن يمتلك قدرات صوتية، وهكذا كان نصري شمس الدين".
وأضافت المر :"أتمنى من حزب الكتائب اللبنانية ومن نائب رئيس الحزب الوزير السابق الدكتور سليم الصايغ ومن كل القائمين على هذا الحدث، أن يكرموا الفنانين حين يكونون على قيد الحياة، وألا ينتظروا رحيلهم ليكرموهم".