ولد الممثل السوري القدير أدهم الملا عام 1932 في دمشق، وتوفي فيها عام 2014 عن عمر ناهز الـ 82 عاماً، وقد أمضى أكثر من نصفها في خدمة الفن.
هو أحد الوجوه الشهيرة في مسلسلات البيئة الشامية، خصوصاً أن ولديه بسام الملا ومؤمن الملا، عرابا هذا النوع من الدراما.
الممثل الذي حضر في الأعمال الشامية، كنوع من التقليد التراثي، عاصر حقبات مهمة من تاريخ الشام، وعايش المراحل التي يغوص فيها ولداه "الأخوان بسام ومؤمن" لإخراج حكايات شعبية تُمتّع الجمهور.
هو صاحب أشهر مقولة في مسلسل "باب الحارة" بشخصية "أبو محمود" عندما كان يردد: "قررربت"، ويعرف ويشتهر في الوسط الفني بخفة ظله، وبقدر ما هو عصبي في ظروف معينة، بقدر ما هو رائق وصاحب دم خفيف ونكتة حاضرة في أوقات أخرى.
أبرز الوجوه في الدراما السورية
بدأ أدهم الملا مشواره الفني عام 1970 عندما اكتشفه سيد المخرجين السوريين غسان جبري، فمنحه أول أدواره في مسلسل "الدولاب"، لتتالى بعده أعماله ويصبح أبرز الوجوه في الدراما السورية.
في تلك الفترة كان ولداه "الأخوين بسام ومؤمن" يشاهدانه عبر الشاشة، فالتمسا منه إيعازاً بالانطلاق متى يشاآن إلى عالم الفن والدراما بمختلف أنواعها، فتفجر ذلك البيت عن أكثر من مبدع يعود الفضل لأدهم الكبير بصنعهم.
ففي مطلع التسعينات، وبينما المسلسلات السورية تأتي رتيبة ومكررة الأفكار، فاجأ نجله بسام الجمهورين السوري والعربي بمسلسل خارج عن الزمن، كان ذلك مسلسل "أيام شامية" الذي جمع فيه عباس النوري وبسام كوسا وخالد تاجا وعدنان بركات ورفيق سبيعي ووفاء موصللي وسامية الجزائري وحسام تحسين بك، وآخرون لا يتسع المجال لذكرهم في حارة دمشقية عتيقة، يخوضون فيها غمار العادات والتقاليد القديمة التي اعتبرها الملا الأصل، ويجب استعادتها في زمن تغيّر فيه ما تغير، وكان أدهم الكبير مشاركاً في المسلسل.
جاء في تصريح لأدهم الملا بعد ذلك بسنتين، بأن ولده بسام قادر على إحياء التراث السوري والدمشقي، من خلال أعمال تحاكي عادات وقيم ليست مستحيلة عودتها.
تلقف الولد إطراء الأب، واصطبر لعشر سنوات فقط حتى فجر كل طاقاته، فأبدع في مسلسل "ليالي الصالحية" ما يشبه أيام شامية، لكن بصورة مختلفة وأبعاد مغايرة وبأدوات أكثر حداثة، وكان الأب شريكاً للابن في تحقيق ذلك.
لتنطلق العجلة الملاوية في مسلسلات البيئة الشامية، بعد نجاح سابق لمسلسل "الخوالي" الذي تجسدت فيه البيئة الشامية بأبهى صورها من خلال بطولة الشاب الشعبي نصار "ابن عريبي"، الأمر الذي يؤمن به أدهم فأورثه لولده.
والد عرابا البيئة الشامية
وتصل عقارب الساعة إلى زمن مختلف وأدوات وجهات إنتاجية مختلفة، ففي عام 2006 تفتقت قريحة آل الملا عن عمل عربي سوري تمت مشاهدته في وسط الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، بل وتحدثت عنه نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي في أكثر من محطة. إنه مسلسل "باب الحارة" الذي لم يبق طفل أو رجل أو امرأة أو مسن، إلا وحفظ عن ظهر قلب أبطاله وتفاصيله.
نجح أدهم الملا في ضخ أفكار بيئية وعادات متأصلة بأولاده، فنتج عنها بيئة شامية في دراما عربية لم تكن تعير هكذا أعمال تلك القيمة من قبل.
بعدها في عام 2014 قام ولده مؤمن بفتح سوري شامي في سماء الخليج العربي، وحمل بيئة الشام معه ووضعها في طائرة وحط رحاله بها في قلب أبو ظبي ليصور مسلسلاً بيئياً شامياً هناك بعنوان "حمّام شامي".
ما بين الجزئين الخامس والسادس من "باب الحارة" أنجز مؤمن الملا عام 2011 مسلسل "الزعيم" الذي تناول حقبة من الزمن مرت بها مدينة دمشق بعد زوال الاحتلال العثماني وقبل احتلالها من قبل الفرنسيين، عندما تقرر ست حارات دمشقية الاتفاق على تعيين زعيم أوحد لها، فتبدأ الصراعات على منصب الزعامة الكبرى.
كل ذلك والملا الأكبر مشارك، وينتظر بفارغ الصبر عودة "باب الحارة" بجزء سادس بعد توقفه لمدة أربع سنوات، فشاهد الأب حلقتين فقط من هذا الجزء، ثم أغمض عينيه وسلّم روحه إلى بارئها راحلاً عن حياة أعطاها الكثير، فناً وإبداعاً وأولاداً مبدعين.
أعماله
يحمل رصيد أدهم الملا ما يقارب ستين عملاً درامياً، نذكر منها "المفسدون في الأرض" عام 1973 و"انتقام الزباء" عام 1974 و"فوزية" عام 1977 و"حارة الملح" و"أبو الخيل" عام 1980 و"تلفزيون المرح" عام 1981 و"مرايا" عام 1984 و"عودة عصويد" عام 1985 و"نساء بلا أجنحة" عام 1987 و"حارة نسيها الزمن" عام 1988 و"شجرة النارنج" عام 1989 و"الزاحفون" عام 1990 و"هجرة القلوب إلى القلوب" و"الخشخاش" عام 1991 و"أيام شامية" و"طرابيش" و"الأخوة" عام 1992 و"ابتسامة على شفاه جافة" و"طرائف أبي دلامة" و"الجذور لا تموت" عام 1993 و"حمام القيشاني" عام 1994 و"نهارات الدفلي" و"الثعبان" و"خلف الجدران" عام 1995 و"القيد" و"المحكوم" و"قانون الغاب" و"ياسين تورز" عام 1996 و"بنت الضرة" و"العبابيد" عام 1997 و"عيلة أكابر" و"مذكرات عائلة" عام 1998 و"عودة غوار" و"حي المزار" و"رقصة الحبارى" عام 1999 و"الخوالي" عام 2000 و"صلاح الدين الأيوبي" عام 2001 و"الرحيل إلى الوجه الآخر" عام 2002 و"حكايا من ظرفاء ولكن" عام 2003 و"ليالي الصالحية" عام 2004 و"باب الحارة" عبر خمسة أجزاء من عام 2006 وحتى عام 2010 و"الزعيم" عام 2011.
معلومات قد لا تعرفونها عن أدهم الملا
أولاده بسام ومؤمن وبشار مخرجون، ومؤيد مونتير وممثل، وحفيداه شمس وأدهم ممثلون أيضاً.
يُعرف أدهم الملا بأنه كان رجلاً مثقفاً وقارئاً من الدرجة الأولى.
كان موظفاً في قسم المالية والمحاسبة بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون قبل أن يقتحم عالم التمثيل.
تأثر بوالده وأخذ عنه كتابة الشعر وامتاز بها جداً لدرجة أنه كان يكتب الشعر وكان مقلاً في ذلك لكنه كان يكتب النفيس والجميل والرائع في الوصف.
كان يحب والديه جداً ويتفانى في خدمتهما، وخصوصاً والدته التي توفيت عن عمر ناهز الـ 90 عاماً حيث كان يمازحها وهي تمازحه حتى أواخر حياتها، ويحرص على إرضائها دائماً وبالوقت نفسه لم تنسه السنين والده الذي كان يعتز به وبمكانته الثقافية والاجتماعية.