يعد الممثل السوري عبد الفتاح مزين من ممثلي الجيل الأول للدراما السورية، ولعب خلال مسيرته الكثير من الأدوار المتميزة، وقد ولد في دمشق عام 1945 وترعرع ونشأ فيها، وإنضم إلى نقابة الفنانين السوريين عام 1970.
تميّز في كل أنواع الدراما، وعرف بكاريكتير خاص يمزج بين الإجتماعي والكوميدي الساخر، وتميّز أيضاً بنبرة ساخرة متهكمة، وهذا ما جعله قريباً من الناس رغم أنه مقل بأعماله نوعاً ما، ويفضل الإبتعاد إذا لم يقتنع بالدور.
كوّن في شبابه فرقة مسرحية صغيرة، تقدم أعمالاً للسجناء في قلعة دمشق كل أسبوع، ثم طلبه الممثل عبد اللطيف فتحي ليلتزم بالمسرح القومي، وفي تلك الفترة شجعه الممثل أسعد فضة وكان آنذاك مدير المسارح ورشحه لأدوار رئيسية، ومن خشبة المسرح الصغيرة انطلق إلى عالم السينما الواسع، إذ شارك بثلاثة وعشرين فيلماً سينمائياً مصرياً ومشتركاً، ولا سيما في زمن الوحدة بين مصر وسوريا.
شخصية "زاهي أفندي" وأهم أعماله
كان عبد الفتاح مزين يهوى التمثيل منذ الصغر ويبرع في رسم الوجوه، لكنه أحب التمثيل ورغب دخول هذا العالم حين سنحت له الفرصة للمرة الأولى في مسلسل "حمام الهنا" عام 1968 حيث مثل دور شرطي، ثم في مسلسل "صح النوم" عام 1972 أدى دور الطبيب الذي يجري لحسني البورظان (نهاد قلعي) عملية الزائدة الدودية بالخطأ، ثم لمع من خلال بطولة فيلم "القلعة الخامسة" عام 1977، ثم فيلم "حادثة النصف متر" عام 1981، ثم شارك في مسلسل "مرايا"، بدءاً من مرايا 84 ثم 86 و88.
ويبقى الدور الأشهر والأكثر رسوخاً لـ عبد الفتاح مزين في ذاكرة المشاهد السوري بشكل خاص، شخصية "زاهي أفندي"، التي أداها في مسلسل "أبو كامل"عام 1990.
ومن مسلسلاته الدرامية الأخرى "دائرة النار" عام 1988 و"هجرة القلوب إلى القلوب" عام 1991 و"الدغري" عام 1992 و"أبو البنات" عام 1995 و"أيام الغضب" و"هوى بحري" عام 1997 و"ياقوت" عام 1998 و"دنيا" و"رقصة الحبارى" عام 1999 و"أبيض أبيض" و"حارة الجوري" عام 2001 و"الرحيل إلى الوجه الآخر" عام 2002 و"قتل الربيع" عام 2004 و"حاجز الصمت" عام 2005 و"غزلان في غابة الذئاب" عام 2006 و"الخط الأحمر" عام 2008 و"سفر الحجارة" عام 2009 و"سقوط الخلافة" عام 2010 و"رجال العز" عام 2011 و"زمن البرغوت" عام 2012 و"طوق البنات 4" عام 2017 و"حريم الشاويش" عام 2018.
الأعمال الشامية
تحدث عبد الفتاح مزين عن الأعمال الشامية، فقال: "إنها تؤثر بي كثيراً وتعيدني إلى الوراء، فأتذكر صورة أمي وهي تحضر مائدة الإفطار وتعود صور متتالية للعلاقات الاجتماعية الحميمة السائدة آنذاك والصداقات الطيبة مع الأهل والجوار".
وأضاف: "ونشهد من ملامحها سهرات رمضان وبائع الفول والزينات المعلقة احتفاءً برمضان، وأرى أن لهذه الأعمال مكانةً خاصة لدى المشاهدين ليس في سوريا فقط وإنما في الوطن العربي و بلاد الاغتراب".
دراما أيام زمان
تحدث عبد الفتاح مزين عن دراما أيام زمان وقارنها بالدراما الحالية، فقال في أحد اللقاءات: "أرى أن أكثر ما يميز دراما الماضي هو ارتباط الفنان بمهنته بصدق وحب، إذ لم تكن تتوافر المغريات المادية والمعنوية الموجودة الآن، وكان التصميم على النجاح هو الهدف الذي نسعى إليه ضمن المنافسة الشريفة، كما لم نبغِ الحصول على المال والشهرة السريعة، واعتمد الفنان آنذاك على الموهبة كعنصر أساسي. الملفت للانتباه كان ان الأعمال تسبق ببروفات مدة شهرين تقريباً، ثم يبدأ التصوير مما يتيح للممثل مساحة كبيرة للتواصل مع المخرج وبقية الممثلين، ومن ناحية ثانية عدم وجود التقنيات والمونتاج آنذاك شكّل عبئاً على الممثل فكنا نعمل من دون انقطاع من البداية إلى النهاية، وإذا أخطأ أحد يعاد التصوير مرة ثانية، أما في ما يتعلق بالمشاهد فكانت في استديوهات داخلية حيث نعمل مع ثلاث كاميرات وننتقل من غرفة إلى أخرى، الآن التصوير الخارجي أكسب الدراما مصداقيةً وقرباً من المشاهد وسرّع العمل الدرامي، ومنح الممثل مساحة من الحرية في التعامل مع الكاميرات. الأمر الإيجابي الآن هو اعتماد الدراما على أسس أكاديمية، فأغلب الفنانين من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية وهذا مفيد جداً لتطور الدراما واختصار للجهد، ولكن في الوقت ذاته نرى أن هناك نوعاً من استسهال العمل الفني من قبل البعض فأصبح هدف الفنان جلب المال والشهرة السريعة".
زمن البرغوت
في أحد تصريحاته لموقع "الفن"، وصف عبد الفتاح مزين مشاركته في الجزء الأول من مسلسل "زمن البرغوت" بسقطة العمر له، وأقر بأنه نادم على خوضها.
وقال :"لم أصدق نفسي أنني تخلصت من تلك الشخصية وذاك المسلسل".
وأضاف أنه يرى نفسه مخطئاً بحق نفسه لكونه وافق على المشاركة في المسلسل، لافتاً إلى أن السقطة الوحيدة له في حياته مع المهنة كانت هذه المشاركة.