حملوا آلاتهم الموسيقية لينشروا الثقافة في كل مكان، وأصروا على صقل موهبتهم، ليصبحوا متمكنين من العزف إلى أقصى الحدود.
عزفوا بثقة كبيرة بالنفس وأبدعوا، وكيف لا؟ أليسوا طلاب معهد الأب مروان غانم للموسيقى والفنون؟ هذا الأب الذي تلقى الدروس العليا للعلوم الموسيقية، وأراد أن ينقل للطلاب العلم والثقافة، في زمن ضاع فيه الجيل الجديد بين موسيقى الضجة وآفات المجتمع الخطيرة.
طلاب معهد الأب مروان غانم للموسيقى والفنون أبدعوا عزفاً، في الحفل الذي أقيم في مركز جمعية نسروتو في حوش الأمراء في زحلة، فكل منهم برع عزفاً على آلته التي يفضلها، فجعلها تخرج أحاسيسه التي لامست قلوبنا.
قدمت الحفل رئيسة التحرير هلا المر التي قالت :"كنت أعد برنامج "قصصن" على قناة "دبي"، وهو يحكي عن أشخاص كانوا أغنياء وأصبحوا فقراء أو العكس، فإلتقيت سيدة أخبرتني أن زوجها الأول عانى 20 عاماً من مرض "الفالج" وبقيت تخدمه إلى أن توفي، فتروجت بعد فترة من شخص آخر عانى من مرض السرطان لمدة 10 أعوام، قالت لي إنها لو لم تكن لديها هواية الموسيقى لم تستطع أن تستمر، وأن تؤسس مؤسسة مهمة جداً لذوي القدرات الخاصة، وقالت لي إن الإنسان يتسلح بهوايته ليستمر ويواجه كل المشاكل والمصائب، فكم من الجميل أن تكون هواية الإنسان الموسيقى لأنها لغة الروح".
وأضافت :"يسوع المسيح ربما حرم نفسه من كل ملذات هذه الحياة، ما عدا الموسيقى، فهو أبقى جوقة الملائكة ترنم له، وكان يعبر عن الفرح بالموسيقى، وكان يحب الرقص، وهو يحب أن نعبر عن الفرح من خلال الصلاة، والأب مروان غانم أخذ ذلك كمثال له، ودرس الدروس العليا للعلوم الموسيقية في جامعة الروح القدس في الكسليك، وأصر على أن يتمسك بأصالة الكنيسة، فعند قدومه إلى زحلة كان الناس يقولون :"ما أقدم هذه الألحان وما أصعبها"، وبعدها أصبحت تعجبهم موسيقى الأب مروان غانم، ربما لأن الروح القدس ألهمهم أنه داخل الكنيسة يجب أن نحافظ على روحانية الكنيسة والترانيم والنصوص التي معظم ما لحن منها مأخوذ من الكتاب المقدس".
وقالت المر :"الدكتور وديع الصافي لم يكن يسجل أي لحن يضعه إلا بعد فترة طويلة، لأنه كان نابغة ومبدعاً، ففي كل مرة كان يمسك فيها آلة العود، كان يعيد العمل على اللحن ويضيف إليه، لأن المبدع يحب دائماً أن يضيف شيئاً، ويظن أنه لم يصل بعد إلى الكمال في عمله، والأب مروان غانم باله طويل، فهو يستمر في تمرين الكورال والتلاميذ الذين يتعلمون الموسيقى، ويشعر دائماً بأن لحنه بحاجة إلى شيء ما. معهد الأب مروان غانم للموسيقى والفنون هو من أجمل الأحلام التي حقققها الأب غانم، هذا الأب الذي كرّس قسماً كبيراً من حياته للترانيم، ومثلما يقول مار أغسطينوس "من رنّم صلى مرتين"، بمعنى أن الأب غانم يصلي في كل مرة مرتين، ويعلمكم ذلك".
وأضافت :"كم جميل أن يكون سلاحكم الغيتار أو البيانو أو العود، وليس المسدس أو السلاح الحربي الذي يقتل، فسلاحكم يغذي القلب والفكر والروح، وكلما غصتم في الموسيقى الحقيقية أكثر، كلما تقربتم من الله أكثر".
وختمت :"أرى أن الموسيقى هي مثل نجمات عديدة يضعها الأب مروان غانم على كتفيه، ويشعرني بأنه عماد في الموسيقى، وفي كل خطوة يخطوها يشعرني بإيقاع جديد، وكأنه نشيد جديد للموسيقى".
الأب مروان غانم شكر المر على كلمتها ودعمها الدائم له، وقال :"لقاء اليوم بالنسبة لي، له أهمية كبيرة جداً، منذ أربع سنوات أقمنا حفلاً للمعهد واليوم نقيم حفلاً، فليس بكثرة الحفلات يظهر نجاح المدرسة، إذ أنه يمكنني أن أقدم كل يوم البرنامج الفني نفسه في منطقة مختلفة، وأكرره بإستمرار والناس يفرحون ويصفقون، ولكن العمل الجيد يتطلب وقتاً لإنجازه، واليوم نقدم هذا الحفل مع تلامذتنا وأولادنا وأخوتنا، والذين هم قسم من 138 تلميذاً منتسبين للمعهد".
وأضاف :"ربما جمهور زحلة إعتاد على أن يفرح في الحفل ويصفق، ولكنّ هناك شيئاً أبعد من ذلك، وهو أنه كم يعزف الموسيقي بشكل جميل، وكم لديه من الإحساس الجميل، وماذا يستطيع أن يعطي من حياته، فـ30 بالمئة مما يعزفه موجود أمامه على الورقة، والـ70 بالمئة الباقية يعطيها منه، لذلك يجب أن نفكر كيف يتعاطى الموسيقي مع الموسيقى، وكيف يجعلنا نعيشها".
وتابع الأب غانم :"عندما يكون هناك عزف منفرد يمكن للعازف أن يرتجل، ولكن هذا لا يحق له عندما يكون هناك عزف جماعي، عندها يكون مجبراً على الإلتزام مع زملائه، والإحساس والفن يجب أن يترافقا دائماً ليعطيا الحياة، وليكون المستمع مرتاحاً نفسياً، فمن يجيد الإستماع إلى الموسيقى يعرف كيف يرتاح. هناك أحد الموسيقيين يقول "كل صوت لا يمكن تحجيمه يُسمّى ضجة"، فكم من ضجة نسمعها في الأعراس والعمادة وغيرها، حيث يُحضرون فرقة زفة ويفرحون بها، ولكن هل تعلمون أن الزفة هي "موسيقى النَوَر"؟، ففي علم الموسيقى لدى الشعوب العربية قديماً كانوا يستخدمون الزفة، واليوم أصبحت الزفة متحضرة أكثر من حيث ملابس الفرقة وغيرها، فغيروا معناها، وهنا أقصد نوعاً من الزفة، وعندما نقول "ترومبيت" نذهب إلى موسيقى الحرب حين كان الجيش وقوى الأمن يستخدمون هذه الآلة ويقفون أمام الجنود الذاهبين إلى المواجهات والجبهات".
وشكر الأب غانم أساتذة المعهد وقال :"هم يعطون من وقتهم ليبقوا حاضرين دائماً، وأنا سابقاً كنت أعلّم معهم وذلك قبل أن أصبح كاهناً ويصبح لدي الكثير من المهام، أنا أفتخر بهؤلاء الأساتذة الذين يعرفون كيف يحبون تلامذتهم، وهمّهم مقدار الموسيقى التي سيعطونها، وأنا أضع كل ثقتي بهم".
وكشف الأب مروان غانم عن وجود مشاريع جديدة للمعهد، منها أوركسترا مؤلفة من الطلاب، سيعلّمهم الأب غانم، ليكون هناك في فترة عيد الميلاد المقبل حفل يجمع بين هذه الأوركسترا وجوقة نسروتو المؤلفة من حوالى 120 شخصاً، فلذلك كان إختيار هذا العدد من التلامذة الذين يعزفون اليوم في هذا الحفل كي يعتادوا على العزف أمام الجمهور قبل عيد الميلاد، وهم سيغنون أيضاً، إذ قال غانم :"الطلاب العازفون سينتسبون إلى كورال معهد الأب مروان غانم للموسيقى والفنون، وسيغنون أعمالاً شرقية وعربية وغربية، فهناك في علم الموسيقى "الكورال المحترف" حيث يكون كل المغنين موسيقيين".
أما برنامج الحفل الموسيقي فكان على الشكل الآتي:
كلارا غرّة عزفت على البيانو La Foule
ماريا خزاقة عزفت على الأورغ "في قهوة عالمفرق"
كريستا معلوف عزفت على البيانو The Swan
فبرونيا شاكر عزفت على الغيتار Farruca
إيليو إلياس أبو عكر عزف على الأورغ "دخلك يا طير الوروار"
كاريل شويري عزفت على البيانو Little Fairy
شربل خزاقة عزف على الغيتار Love Story
فريدي شهوان عزف على الأورغ "كيفك إنت"
إليز منصور عزفت على الغيتار Killing Me Softly و"طلوا حبابنا"
بيتر حداد عزف على البيانو Marriage d’amour
ريم قوسان عزفت على الغيتار Les Flots du Danube وLes Filles de Mon Pays
كلاريا معكرون عزفت على البيانو Marche Turque
نديم شهوان عزف على الغيتار Rumba وMalaguena
ماريتا يشوع عزفت على البيانو Valz Favorite
إيليو أبو منصور عزف على الأورغ "شايف البحر شو كبير"
المسؤول في المعهد وأستاذ العود والأورغ والسولفيج عبود زينو، ولمى قوسان وجوليان حداد وروجيه زينو وإيليو معلوف عزفوا على العود مقطوعات من الفولكلور
جاد شويري عزف على البيانو River Flows In You
جو صوما عزف على البيانو Comptine d’un autre ete وHavana
رولان جريج عزف على الغيتار Asturias وUnadia de Noviember
ريم عبود على الكمان وأستاذ الغيتار ناجي سربوخ عزفا El Choclo
مايكل معكرون على الكمان والأستاذ ناجي سربوخ عزفا Tango To Evora
فبرونيا شاكر والأستاذ ناجي سربوخ عزفا على الغيتار A Memory Of White Snow وSakura
كلاريا معكرون على البيانو، وريم عبود ومايكل معكرون على الكمان عزفوا Waltz N2
وفي الختام تم توزيع شهادات التقدير للأساتذة:
أستاذ العود والأورغ والسولفيج والمسؤول في المعهد عبود زينو
أستاذ الغيتار ناجي سربوخ
أستاذة البيانو ناتاليا بروكوبينكو
أستاذ الكمان جورج عاصي
أما بالنسبة لأستاذ الإيقاع بسام عسكر فقد تغيّب عن الحفل لإرتباطات عملية.
وقال الأب مروان عن الأساتذة :"تعرفت عليهم في العام 2002، ومنذ ذلك الحين ولغاية اليوم لم أضطر مرة أن أتمنى عليهم أن يقوموا بأمر معين، لأنهم كان همهم دائماً كيف ينجحون هذه المؤسسة".
وأضاف :"بما أن الجمعية تمر حالياً بوضع مادي صعب، قام الأساتذة بلفتة جميلة، فجمعوا مبلغاً من معاشاتهم وقدموه للجمعية، وهذا الأمر أثر بي، لأنهم يعتبرون الجمعية بيتهم".
ولفت الأب مروان غانم إلى أن هناك بروتوكول تعاون بين مدرستي موسيقى، الأولى في سجن زحلة، والثانية في سجن رومية، وذلك بالتنسيق مع العميد إيليا فرنسيس، الذي هو أيضاً من ضمن أسرة جمعية نسروتو، كما قال الأب غانم إن مركز الجمعية سيضم قسماً للعلاج بالموسيقى.
إشارة إلى أنه كانت من بين الحضور ماريان حبيقة، التي تقدم حالياً على الماستير في العلوم الموسيقية في جامعة الروح القدس في الكسليك بعد أن كانت طالبة لمدة 13 عاماً في معهد الأب مروان غانم للموسيقى والفنون، وكانت أيضاً في جوقة نسروتو.
وشكر الأب غانم السيدة ريما الترك المديرة التنفيذية لجمعية نسروتو، التي ساعدت في التنسيق لهذا الحفل، ونائب رئيس الجمعية والمسؤولة الإعلامية للجمعية رئيسة التحرير هلا المر التي قدمت الحفل.
وإختتم اللقاء بكوكتيل بمشاركة حلويات سي سويت وعصير قساطلي شتورة.
الورود تقدمة المهندس وجيه شبيب وزوجته إليز، وديكور الحفل من تصميم Lamsa المشغل اليدوي التابع لجمعية نسروتو، هندسة صوت ميشال عشقوتي.