عرف الممثل السوري الراحل عصام عبه جي بقلبه الطيب وضحكته الدائمة، التي لا تفارق محياه أمام أعين الناس، وتميّز بعلاقته القوية مع كل زملائه.
هو من مواليد دمشق في 9 شباط/فبراير عام 1941، بدأ حياته الفنية في الستينيات خلال توظيفه بفرقة المسرح القومي مع الراحل رفيق الصبان، حين إستدعاه وزير الإعلام آنذاك يوسف شقرة، وطلب منهم تشكيل فرقة الفنون الدرامية التابعة للتلفزيون.
ثم إنتقل إلى المسرح بعد وحدة مصر وسوريا ودمج وزارتي الإعلام والثقافة، شارك كممثل بالعديد من الأعمال التلفزيونية والمسرحية والسينمائية، قبل أن يرحل في 24 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2014 عن عُمر ناهز الـ 75 عاماً، إثر نوبة قلبية تاركاً خلفه إرثاً طويلاً من الأعمال.
من رواد الحركة المسرحية في سوريا
في المدرسة شاغب وقاتل وناضل، حتى يسمح له بإبراز مواهبه في التمثيل الحي والمباشر أمام الطلاب، وفي المنزل كان عصام عبه جي يناضل ويتحمل قسوة الأهل، الذين لم يكونوا يعترفون بشيء إسمه فن في تلك الحقبة.
في العام 1960 إنتهز عصام عبه جي فرصة تشريع المسرح في سوريا، وبصدور المرسوم الذي سمح بقيام مسرح حكومي، وكان من أوائل المندفعين إلى هذا المشروع، وإسمه لا زال من رواد الحركة المسرحية، لكونه يعتبر حجر أساس في تأسيس المسرح القومي الأهم في سوريا حتى اليوم.
وفي العام نفسه قام التلفزيون في سوريا ولأول مرة، وكان المخرجون الذين عادوا من الدراسة في مصر يلهثون وراء قامة شبابية يتكلم صاحبها بلهجة شامية عتيقة ومميزة، فأسندت له أدوار الشر في المسلسلات التي كانت جديدة على المجتمع السوري.
ويسجل لعصام عبه جي في مقابلة صحافية تعود لعام 1964، أنه اعتبر كره الجمهور له عن أدوار شر يؤديها في تلك المرحلة بمثابة زاد له للسنوات المقبلة، عندما يعي الجمهور أن كل ما يراه على الشاشة هو تمثيل وحسب.
مع نجوم الكوميديا السورية
ومن المسرح والشاشة الصغيرة إلى السينما وأفلام مع دريد لحام ونهاد قلعي ورفيق سبيعي وناجي جبر وياسين بقوش وعبد اللطيف فتحي، وظهور دائم بصورة الرجل الباحث عن إسعاد الناس، بالخير أو بالشر.
حتى كان العام 1982 وفيه توجه عصام عبه جي إلى العالمية، من خلال مهرجان "مسرح الأم" في بلغاريا، والتي حصد فيها جوائز مهمة جعلته يشعر بقيمة ما قام به في السنوات العشرين السابقة.
ولأن صوته كما ذكرنا شامياً مميزاً بـ"عتقه"، كان قرار إذاعة دمشق بأن تسند له مسلسلاً يومياً ولسنوات طويلة مع الممثلة وفاء موصللي، فيه كل ما يتعلق بهموم المواطنين، هو مسلسل "يوميات عائلية"، الذي كان يبثّ عند الثامنة من صباح كل يوم، على مدى سنوات طويلة.
ومنذ مطلع التسعينيات لم يبق مسلسل بيئي شامي إلا وأخذ من عصام عبه جي حصة، وأعطى لعصام حصة، حتى وصل به المطاف إلى مسلسل "باب الحارة" وشخصية "أبو إبراهيم" المؤثرة في فصولها، خصوصاً في الجزء الأول أيام الصراع على الليرات الذهبية، التي سرقها الإدعشري (بسام كوسا).
من أعماله
من أعمال عصام عبه جي الدرامية، نذكر "حارة القصر" عام 1970 و"زقاق المايلة" عام 1972 و"رحلة المشتاق" عام 1977 و"المعتمد بن عباد" عام 1982 و"مرايا" عام 1982 و"مرايا 84" عام 1984 و"مرايا 88" عام 1988 و"لك يا شام" عام 1989 و"القبضاي بهلول" عام 1990 و"أبو كامل" و"هجرة القلوب إلى القلوب" و"الخشخاش" و"شوفوا الناس" عام 1991 و"الدغري" و"درب التبان" و"الشريد" عام 1992 و"أشياء تشبه الفرح" عام 1993 و"عيلة خمس نجوم" و"الربيع المسافر" و"نهاية رجل شجاع" عام 1994 و"مرايا 95" و"الجوارح" و"يوميات مدير عام" عام 1995 و"أخوة التراب" و"أحلام أبو الهنا" و"يوميات أبو عنتر" عام 1996 و"مرايا 96" و"عيلة ست نجوم" عام 1996 و"مرايا 96" و"مرايا 97" و"مرايا 98" و"مرايا 99" و"مرايا 2000" و"عودة غوار" و"آخر أيام التوت" عام 1999 و"حكايا" و"الخوالي" عام 2000 و"حكايا المرايا" و"عش المجانين" عام 2001 و"حديث المرايا" و"حد الهاوية" و"الرحيل إلى الوجه الآخر" عام 2002 و"أبو المفهومية" و"مخالب الياسمين" عام 2003 و"ليالي الصالحية" و"عصر الجنون" و"قتل الربيع" و"عشنا وشفنا" عام 2004 و"أحلى المرايا" و"رجاها" و"عصي الدمع" و"حاجز الصمت" عام 2005 و"باب الحارة" و"أحقاد خفية" عام 2006 و"رجل الأحلام" و"أسير الانتقام" عام 2007 و"أهل الراية" و"باب المقام" و"بيت جدي" و"الخط الأحمر" عام 2008 و"الدبور" و"الشام العدية" عام 2009 و"الدبور" و"ساعة الصفر" و"كليوباترا" عام 2010 و"مرايا 2011" و"صايعين ضايعين" عام 2011 و"زمن البرغوت" عام 2012.
ومن أعماله في المسـرح: "الحياة حلم"، "موتى بلا قبور"، "طرطوف"، "العنب الحامض"، "التين"، "الملك لير"، "الزوبعة"، "النحيل"، "الملك هو الملك"، "قاضي وادي الزيتون"، "حرم سعادة الوزير"، بالإضافة إلى عدة أعمال إذاعية.
كما شارك في عدة أفلام سينمائية منها "كفر قاسم"، "اليازرلي"، "المرابي"، "الحسناء" و"قاهر الفضاء"، "الأبطال يولدون مرتين"، طغائبة الذئاب"، "التقرير"، "راقصة الحب".
مرايا
يعترف عصام عبه جي دوماً أن الشخصيات المتنوعة التي قدمها في سلسلة "مرايا"، هي أكثر الشخصيات المحببة بالنسبة له.
ويقول إن تجربته مع الممثل السوري ياسر العظمة (بترفع الراس)، مضيفاً في أحد لقاءاته الصحفية: "هو فنان كبير مثقف اجتماعي يعرف ظواهر المجتمع والحياة المدنية ويحمل الكثير من الشهادات كالأدب العربي والإنكليزي والحقوق، كما أنه كاتب درامي، فأي قصة تمر عليه يجلس ويكتبها بأسلوبه الخاص وروحه اللطيفة، وهو من أصدقائي القدماء، حيث كنا من الحارة نفسها "المهاجرين" ودرسنا بمدرسة واحدة وبكلية واحدة "الحقوق" وتوظفنا بالمسرح القومي معاً، فاستمر عامين فقط بالمسرح القومي وبدأ بمشروعاته الخاصة."
باب الحارة
لعل الدور الأبرز الذي لعبه عصام عبه جي، هو شخصية التاجر الدمشقي في مسلسل "باب الحارة" بأجزائه، إذ تمكن من تقمص هذه الشخصية الدمشقية العريقة، بل أضفى عليها لمسة من الصدق والجاذبية والجدية لكونه ينتمي إلى البيئة الشامية ذاتها، ويعرف تفاصيلها وأبعادها جيداً.
يقول عن هذه الشخصية: "هذا الدور أعطى فكرة خاطئة عند البعض أنني شديد وقاس ولا أقبل النقاش، بينما أنا بحياتي الاجتماعية لطيف جداً ومساير ولبق ولا أملك (يباسة الرأس) التي يظن البعض أنني أمتلكها".