عالم خاص تبحر فيه الفنانة اللبنانية جاهدة وهبة، مليء بالشجن والحب والثورة، هي التي تغوص في أبيات الشعر وقوافيه لتحولها إلى نغمات وهمسات، تأخذنا معها بصوتها الواسع الأفق إلى مكان بعيد تختلط فيه المشاعر والأحاسيس.
هكذا عودتنا جاهدة وهبة، وهكذا تستكمل مسيرتها الفنية اليوم بألبومها الجديد " أرض الغجر "، هذه الأرض التي زرعت فيها من ذاتها، حتى اثمرت محصولاً غنياً وقيماً من حيث الكلام واللحن والتوزيع، وهو يتضمن تسع أغنيات :سما عينيك، أرض الغجر، قل لي، متلي أنا، خلخال الزمان، آت حبيبي، مشتاق، إرادة الحياة، تانغو الثورة.
وللإحتفال بمولودها الجديد، جمعت جاهدة وهبة محبيها وجمهورها المتعطش دوماً لصوتها وأدائها الملفت، في متحف سرسق في منطقة الأشرفية ليكونوا شاهدين على إنطلاقة هذا العمل الذي أسهم في خروجه بهذا الشكل المميز عدد من الأسماء، على رأسها الفنان شربل روحانا الذي كان حاضراً ومواكباً لحفل الإطلاق.
وجوه فنية وإعلامية وإجتماعية ودينية، حرصت على الإحتفال مع جاهدة وهبة بهذه المناسبة، نذكر منها الإعلامي جورج صليبي، والإعلامي جوزيف طوق، والإعلامي ميلاد حدشيتي والفنان مايك ماسي.
بداية الحفل كانت مع النشيد الوطني اللبناني، لتكون بعده كلمة مقدمة الحفل الإعلامية والشاعرة اللبنانية ماجدة داغر التي رحبت بالحضور وأثنت بكلمتها على القيمة الفنية التي تقدمها الفنانة جاهدة وهبة ولا سيما بألبومها الجديد هذا.
ثمّ إعتلت الفنانة جاهدة وهبة المسرح، لتلقي كلمتها على من أسمتهم أصدقاء الروح، وموجهةً شكرها لكل من تعب واعطى وساهم في هذا الألبوم، بينهم الشعراء جرمانوس جرمانوس، ماجدة داغر، سعاد الصباح، ندين عبد النور، طلال حيدر، والملحنان ميشال فاضل وشربل روحانا، والموزعون روني براك، إيلي معلوف وأسامة عبد الرسول وكل فريق العمل.
وبعد إنتهاء كلمتها، إنضم الفنان شربل روحانا لجاهدة وهبة لتقديم وصلة غنائية كانت عبارة عن موال صوفي هو من ألبوم "ترجمان الأشواق" الذي أهدته أيضاً وهبة مع ألبومها الجديد، وأغنية "أرض الغجر" التي قام بتلحينها روحانا وهي من كلمات ماجدة داغر.
وتضمن الحفل أيضاً، عرضاً للفيلم القصير "تانغو الثورة" الذي وضعت الموسيقى التصويرية له الفنانة جاهدة وهبة، وهو من إخراج إيلي كمال وتمثيل ندى بو فرحات ومازن كيوان.
وختاماً، كان اللقاء في الباحة الخارجية لمتحف سرسق بين الفنانة جاهدة وهبة والحاضرين لتوقيع الألبوم وإلتقاط الصور التذكارية.
موقع الفن الذي كان حاضراً وواكب تفاصيل هذا الحدث، عاد لكم بهذه المقابلات الحصرية.
الفنانة جاهدة وهبة.
ماذا يميّز ألبوم "أرض الغجر"؟
الذي يميّزه أنني عملت أكثر على القصيدة المحكية وأحببت أن أفتش عن جاهدات أكثر بداخلي وأذهب أكثر إلى منطقة الجنون ومنطقة الغناء الأقرب إلى الناس، لأنني في ألبوم "شهد" السابق قدمت القصيدة الفصحى وكان ثقيلاً وصعباً على الجمهور، وأيضاً هناك ألبوم "ترجمان الأشواق" الذي أحببت أن أهديه للجمهور.
لماذا أطلقت عليه هذا الإسم؟
أظن لأنني أرتحل به إلى هذه العوالم، وذهبت فيه إلى المكان الأكثر غجرياً بداخلي وإرتحالاً وسفراً وبحثاً عن الجمال وكل لحظة هاربة مني إن كانت في الفرح أو الحزن وحاولت ان استعيدها من خلال الموسيقى.
ما هي الصعوبات التي تواجهينها، وخاصة في ما خص الفن الذي تقديمنه؟
من المعروف أنني أنتج ألبوماتي بنفسي، فمن هنا هناك صعوبة، لأنني أضع من ذاتي بدلاً من أن أكون متفرغة فقط للموسيقى، عليّ أن اتفرغ للأمور الإنتاجية، هذا الأمر يجعل الوقت يطول والجهد والطاقة تتوزع وتتشتت.
ولكن في الوقت نفسه يجعلني أركز على الشيء الذي أقدمه أن يكون يشبهني ولا أقدم أغانٍ على مزاج المنتج وذوقه.
قريباً لديك حفل ضمن "مهرجانات بعلبك الدولية"، وكان سبقك في إفتتاحها الفنان اللبناني مارسيل خليفة وأثار الجدل برفضه بدء الحفل بالنشيد الوطني اللبناني، برأيك هل هذا تصرف صحيح؟
هذه الحفلة التي قدمها هي ضمن مهرجانات بعلبك الدولية التي هي مهرجانات رمز للبنان وليست حفلة خاصة له، وطبعاً أنا أحترم ماذا يقدم وهذا رأيه الخاص، لو كنت مكانه طبعاًَ كنت بدأت الحفل بالنشيد الوطني اللبناني، لأنني أعتقد أن المهرجانات أكبر منا جميعاً، وإذا كنا في هذه المهرجانات ننشد لكبار وعمالقة الفن اللبناني الذين سبقونا ووقفوا في هذه المدرجات ولم يبدؤوا حفلاتهم من دون النشيد الوطني.
أنت تغنين لعمالقة الفن اللبناني وعلى رأسهم السيدة فيروز، ولكن إبنتها ريما الرحباني قالت إنه لا يحق لأحد أن يقدم أغنياتها، فما تعليقك؟ وهل لها الحق بالمطالبة بهذا الأمر؟
ليست لدي معلومات عن الموضوع، وانا لا أقدم كثيراً هذه الأغنيات، لكن عندما تُطلب مني سأقدمها، وتحديداً بالحفلات المباشرة، فنحن لا نأخذ هذه الأغنيات ونعيد توزيعها أو تسجيلها، إنما نحاول قدر الإمكان أن نلبي رغبة الناس وحنينهم لسفيرتنا إلى النجوم التي نحبها ونقدرها.
وأعتقد أنه لدينا مسؤولية كبيرة ورسالة ان نحافظ قدر الإمكان على هذا التراث العظيم الذي تركته لنا هي والرحابنة والله يطوّل بعمرها.
الفنان شربل روحانا.
اخبرنا عن التعاون بينك وبين الفنانة جاهدة وهبي.
هذا أول تعاون، وحصل صراحةً عن طريق الصدفة، فهناك قصيدة كتبتها الشاعرة ماجدة داغر أحببتها كثيراً وطلبت منها أن ألحنها.
إلى أي مدى ترى مخاطرة بتقديم هذا النوع من الفن الذي هو أساساً يتوجه لفئة معينة من الجمهور؟
الشخص يقوم بما يحبه، وبعد هذا العمر، لا نملك كثيراً من الوقت لكي نكذب على أنفسنا قبل أن نكذب على الجمهور، مع الإشارة إلى أنني أشعر بسعادة كبيرة حين أجد أن ما أحبّه يتلاقى مع الناس، فعلى سبيل المثال قريباً لدي حفلة مع الفنان اللبناني ملحم زين بأحد المهرجانات، فهذه مادة أحبّها وخطوة مهمة أن نتعامل سويةً ومع هذا الصوت الذي أعتبره "بهدّ الجبال ويبكي العصفور في الوقت نفسه"، فالحياة صغيرة ولسنا مضطرين كثيراً لتقديم تنازلات، مع العلم أننا أحياناً نقدم.
أي تنازلات؟
بعض الأحيان، يكون هناك إلتزامات معيشية مثل كل الناس، يضطر الشخص للقيام بأمور ليس على قناعة تامة بها ولكنه يخوضها.
الإعلامي جورج صليبي.
لماذا حرصت على حضور إطلاق ألبوم جاهدة وهبة.
أولاً لأن جاهدة صديقة وعزيزة وثانياً لأن عملها راقٍ ومهم في زمن أصبح هناك إستسهال بالعمل الفني والثقافي، وهي ما زالت محافظة على مستوى متقدم وراقٍ وعالٍ من الإحترافية والفن، وأنا أعلم إلى أي مدى تعبت على الألبوم وعملت عليه، وأي عمل ثقافي بهذا المستوى أحرص على حضوره لأنه يعكس وجهاً أجمل للبلد أجمل من الوجه الذي يعطيه السياسيون.
مع تراجع المستوى الثقافي نوعاً ما، إلى أي حد من الممكن أن تلقى هكذا أعمال صدى عند الجمهور؟
للأسف، بشكل عام الأعمال التي تبقى كثيراً ومشغول عليها وبها كثير من الرقي، لا تلاقي حقها بالشكل الصحيح، لأنه هناك عوامل عديدة لها علاقة بالإنتاج وشركات الإنتاج والتسويق، وللأسف عوّدوا الناس على نوع معيّن من الإستسهال.
ولهذا أطلب من شركات الإنتاج إعطاء إهتمام أكثر لهكذا أعمال كلاسيكية وملتزمة وليست الأكثر "شعبية"، فنحن بحاجة لكل أنواع الفن، وأيضا أريد أن اطالب وزارة الثقافة، مع العلم أنني لا ادري إلى أي حدّ هذا ممكن في الوقت الراهن، أن تولي عناية للأعمال الفنية الراقية.
ومن الجمهور؟
لا تستطيع ان تفرض على الجمهور، بل عليك أن تقدم له التنوع وهو يختار، ولكن أطلب منه أن يهتم ويشجع الأعمال التي تأخذ جهداً ووقت.
لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً، إضغط هنا .