لم يكن الأول من أيار عيداً عادياً ولن يكون كذلك، فهو انتُزع وفُرض بالقوة من قبل عمّال شعروا بالغبن من ساعات العمل الطويلة وانتفضوا لتحصيل حقوقهم، لم يكن منّة من أصحاب العمل أو من الجهات الرسمية ، فهي لم تخصصه كـ عيد رسمي، بل جاء تكريساً لنضال وإضراب من أجل تحسين شروط العمل.
وفي لبنان لا تزال هناك إشكاليات كثيرة بخصوص العمال، خصوصاً مع تفاقم البطالة وتأثير العمالة الأجنبية على اليد العاملة اللبنانية وضيق فرص العمل بعد الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها اللبنانيون راهناً حيث أغلقت العديد من الشركات والمصانع أبوابها فيما قلّص بعضها الآخر عدد موظفيه، وفي ظل تراجع السياح والوافدين إلى لبنان، ناهيك عن مشاكل العمال المتأخرة أجورهم منذ أشهر والمعلمين الغير مثبتين، والتوظيف الانتخابي العشوائي واتهام الطبقة العاملة بالتسبب بالعجز المالي الذي تعانيه الدولة، وتنتهز النقابات العمالية وبعض المتضررين هذا اليوم لرفع الصوت والمطالبة بحقوقهم.
وكان العمال يرون بأن يوم العمال هو يوم لعرض تظلُّماتهم والبحث في الآليات التي تضمن تحسين ظروف العمل والرواتب إلى جانب كونه يوماً للاحتفال بإنجازاتهم، ومع ذلك فقد قلّ ارتباط يوم العمال بالأنشطة الاتحادية ومسيرات الاحتجاج حالياً، بينما ازداد ارتباطه بالراحة والرفاهية، وأصبحت العطلة موعداً للوقائع الرياضية والتَّنزه مع العائلة والإحتفال بفصل الربيع.
عيد العمال بدأ إضراباً حيث امتنع 300 ألف عامل من عمال المصانع في مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأميركية عن الذهاب إلى عملهم، بعد دعوة النقابات الأميركية إلى إضراب في هذا اليوم وذلك في الأول من أيار/مايو عام 1886 وتلت هذا اليوم احتجاجات في شيكاغو، قتل فيها عدد من المضربين على أيدي الشرطة في الثالث من أيار، لتنفجر في اليوم التالي قنبلة بين رجال الشرطة في ختام تجمع فوضوي، فترد الشرطة بإطلاق النار على الحشد، ثم ما لبثت المواجهات أن أدت إلى مقتل 7 شرطيين وعدد من المتظاهرين.
وحكم على ثمانية من مثيري الفوضى، بينهم أربعة أعدموا، وقد أعاد القضاء اليهم حقوقهم عام 1893.