غيّر مفاهيم النجومية بملامحه السمراء وبساطته الشديدة ، يحاول الكثير من نجوم الشباب الاقتراب من مساحته، إلا أن تفرد ونجومية أحمد زكي في موهبته الطاغية جعلته واحداً من أهم نجوم جيله، بالبصمة التي تركها بأعماله السينمائية، فهو النمر الأسود والإمبراطور.
النشأة والبداية
ولد أحمد زكي متولي عبد الرحمن بدوي في مدينة الزقازيق في 18 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1949، ولم يكن له أشقاء، فقد توفي والده وهو صغير وتزوجت والدته، فعاش مع جده وواصل تعليمه حتى حصل على دبلوم الصنايع.
وأثناء المدرسة ظهرت موهبته وشجعه الناظر في مدرسته على الالتحاق بمعهد فنون مسرحية لموهبته التي ظهرت على مسرح المدرسة، وعمل زكي بالنصيحة حتى حصل بالفعل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية في التمثيل والإخراج في عام 1937 بتقدير امتياز حيث كان الأول على دفعته.
أثناء دراسته بالمعهد بدأ أحمد زكي الإحتراف فقدم مسرحية "حمادة ومها" في عام 1976 ومسرحية "هاللو شلبي" والتي أثار فيها الإعجاب لتقليده للفنان محمود المليجي وقدم بعدها في السينما فيلم "ولدي" مع الفنان فريد شوقي في عام 1972.
فكر بالإنتحار بعد إستبعاده من الكرنك وصداقة قوية مع سعاد حسني
في عام 1975 رشح أحمد زكي لتقديم بطولة فيلم "الكرنك" أمام سعاد حسني، وكانت فرصة كبيرة نحو الإنطلاقة والنجومية، إلا أن الدور ذهب إلى نور الشريف لرفض المنتج بأن يقوم فتى أسمر اللون بتقبيل سعاد حسني، وقد حاول أحمد زكي الإنتحار بسبب ضياع تلك الفرصة منه، إلا أن سعاد أصرت أن يشاركها أحمد زكي بطولة فيلمها "شفيقة ومتولي"، ليقدما سوياً بعدها العديد من الأعمال منها فيلم "موعد على العشاء" ومسلسل "هو وهي" وفيلم "الراعي والنساء" وهو آخر أفلام السندريلا، وكانت صداقة قوية ربطت بينها وبين زكي حتى أن البعض ظن بوجود قصة حب بينهما وبأن هذا الحب لم ير النور لكونه كان متزوجاً في ذلك الوقت.
وبعد وفاة السندريلا ظل أحمد زكي في غرفته مختفياً لمدة عشرة أيام وبعدها نعاها في إحدى الصحف وكتب عنها "إليها هي ..إلى سعاد حسني، يا أكثر الموهوبين إتقاناً وأكثر العباقرة تواضعاً وأكثر المتواضعين عبرقية، بوجودك ملأتِ قلوب البشر بهجة وبغيابك ملأتها بالحزن، استريحي الآن ..اهدئي يا من لم تعرفي الراحة من قبل، لك الرحمة وكل الحب يا من جعلتِ حياة الناس أكثر جمالا".
ملك التمقص الذي تفوق على محمود ياسين
بعد دوره في مسرحية "مدرسة المشاغبين" و"العيال كبرت" بدأت رحلة أحمد زكي نحو النجومية، خاصة وأنه استطاع أن يتفوق على الفنان محمود ياسين بتقديمه لشخصية طه حسين في مسلسل "الأيام" بينما قدمها ياسين في عمل سينمائي، وسر التفوق كان في قدرة أحمد زكي العجيبة على تقمص الشخصيات والتقليد وهي الموهبة التي حباه الله بها، فنجح في تقديم شخصية الزعيم جمال عبد الناصر في فيلم "ناصر 56" في عام 1996 ، والرئيس محمد أنور السادات في "أيام السادات" وكان آخر أعماله قبل وفاته فيلم "حليم".
وقدّم أحمد زكي خلال مشواره الفني العديد من الأفلام المهمة، منها "أبناء الصمت" و"اسكندرية ليه" مع يوسف شاهين، واستطاع أن يكون نجماً لمخرجي السينما الواقعية فقدم مع عاطف الطيب "البريء" و"الهروب"، ومع محمد خان "موعد على العشاء" و"العوامة 70" و"أيام السادات"، ومع داوود عبد السيد "أرض الخوف"، وتنوعت أعماله أيضاً فقدم مع إيناس الدغيدي "امرأة واحدة لا تكفي". وله أفلام أيضاً تميزت بالخلطة التجارية منها "أبو الدهب" و"حسن اللول" و"كابوريا" و"النمر الأسود" و"شادر السمك" و"الراقصة والطبال".
وعلى الرغم من تصدر عادل إمام للإيرادات في تلك المرحلة إلا أن أحمد زكي كان منافساً قوياً له بموهبته، ويقال بأن فيلم "البيه البواب" عرض في البداية على إمام الذي رفضه لعدم الإستجابة لتعديلاته على العمل إلا أن أحمد زكي استطاع أن يحقق من خلاله نجاحاً كبيراً بصدق أدائه، فكان يقوم بالفعل بمسح سلم العمارة من أجل لقطة ثلاث دقائق لكي يظهر بصورة طبيعية وكان يصعد أيضاً السلم وهو يحمل الصناديق كي يظهر الارهاق والإجهاد على صوته.
حوالى 12 أغنية في مشواره
الى جانب التمثيل، قدم أحمد زكي حوالى 12 أغنية خلال مشواره الفني، منها "ازي حالك" و"ان مقدرتش تضحك" في فيلم هيسيتريا، و"أنا في اللابوريا" في فيلم "كابوريا" و"استاكوزا" في الفيلم الذي حمل الإسم نفسه و"آه يا بلد" و"فهمت لعبتها" و"أيوه يا دنيا" في "مستر كاراتيه" و"أنا بيه" في البيه البواب ،و"هيلا هيلا" في فيلم "البداية" و"الدربندوخ" في فيلم "البيضة والحجر" بالإضافة لأغنيات مسلسل "هو وهي".
هالة فؤاد الزوجة الوحيدة وقصص حب لم تكتمل
رشحت هالة فؤاد لتقديم دور في مسلسل "الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين"، لتلتقي بأحمد زكي وتنشأ بينهما قصة حب شديدة وتصبح هالة بعدها هي زوجته الأولى والوحيدة أيضاً وأنجبت ابنه الوحيد هيثم، وقد أحب زكي هالة فؤاد بشدة لكن نشأت بينهما الخلافات لإصرار زكي على أن تترك الفن وتعمل كمذيعة ليتم بعدها الطلاق، ففي حوار لها قالت بأن الزواج دام عامين وقد طلب منها الإعتزال والتفرغ للحياة الأسرية فرفضت وتم الطلاق لتكمل مسيرتها الفنية حتى قررت الاعتزال قبل مرضها .
بينما قال عنها زكي في أحد لقاءاته بأنه كان يحلم بأسرة، وكانت هالة انسانة راقية ولطيفة ورأى فيها زوجة رائعة لم يعتقد أنها تحب الفن، لكنه اكتشف أنها تعشقه وبأنه أصبح عصبياً معها بعد أن رفضت الاعتزال وبرر طلبه بأنه أراد أن يحميها من العالم القاسي ومشاكله ولكن الطلاق كان بسبب عناد كل منهما.
وحينما علم زكي بوفاتها وهو يصور أحد المشاهد حاول الإنتحار ومنعه فريق التصوير، وقد عاش أحمد زكي في أحد الفنادق المطلة على النيل، بعد انفصالهما وذلك لرفضه أن يعيش في شقة.
وبعدها ارتبط اسم أحمد زكي بقصص حب بينه وبين العديد من النجمات، منهن الممثلة نجلاء فتحي حيث ربطت بينهما صداقة وطيدة فسرها البعض بأنها قصة حب ، كما ذهب إلى الفنانة وردة الجزائرية وطلب منها الزواج فلقد كان يرغب في الإرتباط من شخصية ناضجة، إلا أنها رفضت لأنها تفرغت لتربية أبنائها.
وقيل أيضاً بأنه أحب إيمان الطوخي وفكر بالزواج منها، واعترفت الممثلة السورية رغدة في لقاء تلفزيوني لها بأنها أحبت أحمد زكي وهو أيضاً أحبها، ولم يكن كل منهما مرتبط في ذلك الوقت، وكشفت بعدها بأنه طلب منها الزواج وهو على فراش الموت لكنها رفضت فكان من الصعب أن تقبل الزواج منه من أجل أن ترعاه فقط، حتى لا يعتقد البعض أن ما تفعله هو مجرد واجب كزوجة.
جوائز و6 أفلام في مئوية السينما المصرية
حصل أحمد زكي على العديد من الجوائز، منها جائزة عن فيلمه "طائر على الطرق" من مهرجان القاهرة السينمائي، وجائزة عن دوره في "عيون لا تنام" من جمعية الفيلم، وعن فيلم "امرأة واحدة لا تكفي" من مهرجان الإسكندرية، وفيلم "كابوريا" من مهرجان القاهرة السينمائي، وقد وقع الإختيار على ستة أفلام قام ببطولتها أثناء الإحتفال بمئوية السينما المصرية، وهي "زوجة رجل مهم" و"البريء" و"أحلام هند وكاميليا" و"الحب فوق هضبة الهرم" و"إسكندرية ليه" و"أبناء الصمت".
أُصيب بالعمى قبل وفاته بالسرطان
في صباح 27 آذار/مارس عام 2005 رحل أحمد زكي عن عالمنا بعد صراعه مع سرطان الرئة، وقال المقربون منه إنه قد أصيب بالعمى في أواخر أيامه، وكان وقتها يصوّر دوره في فيلم "حليم"، والذي إستكمله إبنه هيثم أحمد زكي بعد وفاته.