أسدلت النسخة الخامسة من ملتقى قمرة السينمائي ستارتها أمس، لتنتهي معها فصول من عروض الأفلام وورش العمل واللقاءات والندوات الدراسية والجلسات الحوارية المتخصصة، والتي من شأنها جمع بوتقة من صنّاع الأفلام الموهوبين وخبراء السينما المحترفين في مكان واحد بهدف تبادل الخبرات والتجارب لتقديم أصوات جديدة في السينما تحمل بصمات إبداعية وتعمل بتقنيات عالية واحترافية.
تكمن أهمية هذا الحدث السنوي، المنبثق عن مؤسسة الدوحة للأفلام، في إرشاد ودعم وتعزيز صنّاع الأفلام الذين يخوضون تجربتهم الأولى أو الثانية في الإخراج، مع التركيز على دعم مشاريع من قطر والعالم العربي، وقد اجتمع في هذه النسخة أكثر من 150 صانع أفلام ومحترف وخبير سينمائي يشرفون على 36 فيلماً في مختلف مراحل الإنتاج، ومن بينهم 15 فيلماً لمواهب مقيمة في قطر. وفي هذا الإطار، علّقت فاطمة الرميحي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام، بالقول: "أهم انجازاتنا تتمثل في مواصلة تسليط الضوء على المواهب العربية، وأنا أشعر بالحماسة لبعض مشاريع صنّاع الأفلام القطريين التي قُدمت في ملتقى قمرة 2019 والتي تخبر قصصاً عن العالم كما يرونه. وفي ضوء الأوضاع السياسية التي يشهدها العالم، أصبح من المهم ضمان أن جميع الأصوات مسموعة أكثر من أي وقت مضى". وبدورها، أكدت هناء عيسى، رئيس إدارة الإستراتيجية والتطوير ونائب مدير قمرة، على أن المبادرة اكتسبت سمعة طبية خلال السنوات الماضية في مجال صناعة الأفلام باعتبارها منصة مهمة لاكتشاف صنّاع أفلام جدد، وأضافت: "هناك الكثير من الاهتمام حول بعض الأفلام التي قُدمت هذا العام"، واستشهدت بفيلم "مكاين الروح" للمخرجة حميدة عيسى كأول فيلم وثائقي طويل قطري قيد التنفيذ.
ومن جهته، اعتبر إيليا سليمان، المستشار الفني لمؤسسة الدوحة للأفلام، أن هذا الملتقى هو بالفعل أفضل مكان في المنطقة لصنّاع الأفلام الصاعدين لصقل مواهبهم".
وكانت فعاليات الملتقى قد اختتمت مع ندوة دراسية قدّمتها خبيرة ملتقى قمرة المخرجة الإيطالية أليس رورفاخر، وتتمحور حول دور السينما في الربط بين الناس.
رورفاخر، التي سبق وأن قامت بإخراج ثلاثة أفلام طويلة حازت على استحسان النقاد وأكسبتها شهرة عالمية، عُرض فيلمها الأول "أجسام سماوية" (2011) خلال أسبوعي المخرجين في مهرجان كان السينمائي، أما فيلمها "العجائب" (2014) فقد حاز على جائزة التحكيم الكبرى في مهرجان كان السينمائي، بينما حاز فيلمها الأخير "بسعادة لازارو" (2018) على جائزة أفضل سيناريو في المسابقة الرسمية لمهرجان كان.
تحدثت رورفاخر خلال الندوة عن رحلتها في صناعة الأفلام، وتمّ عرض مقاطع من أفلامها الثلاثة، كما كشفت أنها لم تحصل على تدريب رسمي في صناعة الأفلام قبل تقدمها فيلمها الأول، وأنها أعدته من خلال قراءة الكتب. وأكدت المخرجة الإيطالية على أن مهمتها هي جعل الجمهور ينظر إلى العالم من منظور مختلف بعد مشاهدة أفلامها، وأضافت: "أريد أن أتواصل معهم لآخذهم إلى واقعية الفيلم وأحفّز مشاعرهم. ليس على صنّاع الأفلام الاعتماد على التصوير الرقمي أو المؤثرات الخاصة للحصول على استجابة عاطفية من الجمهور، فالبساطة هي المفتاح. تكمن المشكلة في الكاميرا الرقمية وغيرها من التقنيات الجديدة أنها توفّر لصانع الأفلام الكثير من الخيارات، فيصبح من السهل الاعتماد عليها كثيراً. نصيحتي لصنّاع الأفلام أن يتذكروا أن القصص في الأفلام يتم سردها من خلال الصور والرمزية، وفي بعض الأحيان تكون أبسط الصور هي الأقوى".
وفي ختام الندوة، علّقت رورفاخر على ظهور خدمات البث المباشر مثل نتفليكس، الذي أضاف فيلمها الأخير إلى قائمة عروضه السنة الماضية، معتبرة أنه على الرغم من أن هذه الخدمات تساعد في جلب الأفلام إلى جمهور أكبر، إلا أنها لن تحل بديلاً عن مشاهدة الأفلام في صالات العرض. وأضافت: "أصنع أفلامًا للمسرح السينمائي، وليس لأجهزة أيفون. من الجميل مشاهدة الأفلام على شاشة كبيرة، لكن الأهم من ذلك هو التجربة الجماعية، المشاهدة مع مجموعة من الأشخاص الذين لا تعرفهم، مشاركة التجربة مع الغرباء. أعتقد أن للسينما القدرة على الربط بين الأشخاص بطريقة قوية، ويجب علينا أن نحرص على عدم فقدان ذلك".