على الرغم من غياب ليلى مراد عن الساحة، لكن أعمالها ظلت كفيلة بأن تجعلها حاضرة وبقوة على مدار سنوات طويلة، ولم لا وقد قدّمت أهم الأفلام الاستعراضية في الأربعينيات والخمسينيات، لم تتمكن أية نجمة من النجمات من تقديمها.
عاشت طفولة قاسية وعائلة تتمتع بالموهبة
ولدت ليليان إبراهيم زكي موردخاي ، في 17 شباط/فبراير عام 1918 في مدينة الاسكندرية لأسرة يهودية الأصل ، تعلمت الفن على يد والدها الفنان إبراهيم زكي موردخاي ، وشهرته زكي مراد ، وهو ملحن ومغن معروف فهو من أدى أوبريت "العشرة الطيبة" لموسيقار الشعب سيد درويش ، وقد قام بتعليم ليلى أصول الغناء منذ صغرها وكان يصطحبها إلى الصالونات لكي تستمع للشيخ محمد رفعت وغيره من المشايخ الكبار في المآتم والأفراح ، أما والدتها فهي جميلة سالومون اليهودية من أصل بولندي.
وقد عانت في الطفولة بعد أن سافر والدها بحثاً عن العمل في الخارج وانقطعت أخباره وتعرضت أسرتها للطرد من المنزل بعد أن نفذت اموالهم ،وكانت ليلى قد تخرجت من مدرسة نوتردام ديزابوتر للبنات في حي حلمية الزيتون ، وبدأت المعاناة في الأسرة التي تضم أشقاء آخرين غير ليلى هم موريس مراد والذي اشتهر فنياً بإسم منير مراد، وملكة التي كانت تمتلك صوتاً جميلاً لكنها فضلت الإبتعاد عن الفن حتى لا تقارن بشقيقتها وتزوجت ثم سافرت إلى الخارج وسجلت العديد من الأسطوانات، وأيضاً سميحة التي تزوجت من مصمم الرقصات علي رضا ثم انفصلت عنه وسافرت للخارج أيضاً .
محمد عبد الوهاب تبنى موهبتها و1200 أغنية خلال مشوارها
في عمر الرابعة عشرة بدأت ليلى مراد احتراف الفن لتوفر المال لأسرتها فكانت تشارك في بعض الحفلات والتي جعلتها معروفة في هذا الوقت حتى التقت بالفنان محمد عبد الوهاب في مسرح القاهرة وذلك عام 1932 ، وبدأ من وقتها في تبني موهبتها لتبدأ انطلاقتها حيث قدمت للإذاعة المصرية في عام 1934 العديد من الأغنيات فكانت تقدم حفلة غنائية أسبوعية بدأتها بأغنية "يا غزالا زان ينه الكحل".
كما تعاقدت أيضاً مع محمد عبد الوهاب لتقديم عشر أسطوانات في عام 1937، لتبدأ رحلة فنية كمطربة قدمت أكثر من 1200 أغنية تعاونت فيها مع كبار الشعراء والملحنين منهم موسيقار الأجيال عبد الوهاب وشقيقها منير مراد ومحمد القصبجي ورياض السنباطي وغيرهم.
ومن أشهر أغنياتها "الدنيا غنوة" و"أعز من عيني" و"يا سارقني برموش العين" و"شحات الغرام" و"أبجد هوز" و"اضحك كركر" و"الشاغل والمشغول" و"أنا قلبي خالي" و"يا حبيب الروح" و"بحب اتنين سوا" و"هو الدلال يعني الخصام" وغيرها من الأغنيات.
وبدأت التمثيل أيضاً من خلال فيلم "يحيا الحب" مع الفنان محمد عبد الوهاب والمخرج محمد كريم وذلك في عام 1939 ، وبالرغم من أنها لم تكن ممثلة قوية إلا أن يوسف وهبي أعاد اكتشاف موهبتها في التمثيل بعدها بعام حين شاركته بطولة فيلم "ليلة ممطرة" وشاركت مع حسين صدقي في فيلم "ليلى في الظلام" و"شاطئ الغرام" وسميت الصخرة التي غنت عليها في هذا الفيلم بمدينة "مرسى مطروح" بإسم صخرة ليلى مراد ، وشاركت في فيلم "شحات الغرام" أمام محمد فوزي وقدما خلاله دويتو غنائي.
الممثلة الوحيدة التي قدمت سلسلة أفلام بإسمها والأعلى أجراً بين العمالقة
على غرار سلسلة النجم الكوميدي اسماعيل التي كتبت بإسمه سينمائياً تعتبر ليلى مراد الفنانة الوحيدة التي قدمت سلسلة من الأفلام بإسمها كما كانت الأعلى أجراً بين النجمات المنافسات وقتها، من أفلامها "ليلى بنت الفقراء" و"ليلى بنت الأغنياء" و"ليلى بنت الريف" و"ليلى بنت المدارس" ، وخلال 17 عاماً شاركت خلالها في السينما قدمت حوالي 28 فيلماً وأهمها الأفلام التي قدمتها مع أنور وجدي الذي احتكرها لسنوات طويلة وتميزت تلك الأعمال بالاستعراضات ومنها "عنبر" و"قلبي دليلي" و"الحبيب المجهول" و"غزل البنات" والذي يعتبر آخر أفلامها وكانت وقتها تبلغ 37 عاماً.
وقعت في غرام عبد الوهاب وتزوجت ثلاث مرات
أثناء تصوير فيلم "يحيا الحب" وقعت ليلى مراد في غرام محمد عبد الوهاب، واعترفت له بحبها إلا أنه صدها خصوصاً أنه كان معجباً بموهبتها وصوتها، وبالرغم من صده لكنها اعترفت قبل وفاتها بأنها ظلت تحبه وتدين له بالكثير.
إلا أن ليلى مراد تزوجت ثلاث مرات، الأولى من أنور وجدي، الذي فاجأها أثناء تصوير فيلم "ليلى بنت الفقراء" وقال لها "يا سلام لو اتجوزتك وعشت معاكي على طول" ليحتفلا بالزفاف في نهاية التصوير، واستمر الزواج 8 سنوات لكن تم الإنفصال بعد الخلافات بينهما، ويقال إن السبب الرئيسي كان اكتشافها خيانته.
أيضا من الأسباب التي أدت لتفاقم الخلافات، هو احتكار أنور وجدي لأعمالها ورفضه أن تقدم أية أفلام مع شركات أخرى .
الزواج الثاني كان من وجيه أباظة، حيث تم الزواج سرياً لرفض أسرته العريقة فهو من العائلة الأباظية، وقد اعتزلت الفن وقتها وأنجبت منه ابنها أشرف، إلا أن الإنفصال أيضاً تم بعد عام.
ابنها احترف الفن وتزوّج من سعاد حسني
الزواج الثالث والأخير كان من المخرج فطين عبد الوهاب وبدأت قصة الحب في كواليس فيلم لشقيقها منير مراد وتزوجته بالفعل، وبالرغم من أنها كانت قد تخطت ال35 عاماً لكنها أصرت أن تنجب منه، وبالفعل أنجبت نجلها الثاني زكي فطين عبد الوهاب والذي شارك في بعض الأعمال الفنية كممثل بالرغم من رفض والدته دخوله المجال الفني حتى أنه كان يدرس في معهد السينما بدون علم والدته .
كما يشاع أيضاً بأن ليلى مراد كانت السبب في انفصاله عن الفنانة سعاد حسني التي تزوجها في عام 1981 فطلقها بعد أشهر قليلة من الزواج وأرجع سبب الإنفصال في أحد لقاءاته إلى فارق السن حيث كانت سعاد تكبره بأكثر من عشرين عاماً وكانت أوشكت على الخمسين وكان فطين 25 عاماً.
إعتناقها الإسلام وأحرجت الشعراوي بسؤال
فاجأت الفنانة ليلى مراد جمهورها باعتناقها الدين الإسلامي وذلك أثناء زواجها من الفنان أنور وجدي وذلك في عام 1946 بمشيخة الأزهر وكانت أيضاً من الفنانات اللاتي ترددن على الشيخ محمد متولي الشعراوي، وواظبت على الإستماع لدروسه وفي إحدى المرات سألته بشكل عفوي "الراجل عنده ثدي ليه؟" مما جعل وجه الشعراوي يحمر خجلاً ومن ثم ابتسم وأجابها بهدوء.
وقد كانت تحلم بتقديم فيلم بعنوان "ليلى المسلمة" ،كما أنها قدمت أغنية "يا رايحيين للنبي الغالي" والتي حققت نجاحاً كبيراً ولا تزال تذاع في موسم الحج.
اتهمت بدعم الموساد الاسرائيلي وسفرها إلى تل أبيب
في عام 1952 نشرت إحدى المجلات شائعة جمعها مبلغ 50 ألف جنيه لصالح الموساد الاسرائيلي ووصل الأمر باتهامها بالسفر إلى تل أبيب، ودعا الكثيرون وقتها إلى مقاطعة أعمالها وعزز الشائعة كونها يهودية الأصل ، وكانت ليلى وقتها في باريس تطمئن على أنور وجدي بعد تدهور حالته الصحية ونشرت مقالاً في مجلة الكواكب كذّبت فيه هذه الأقاويل، وقام أنور وجدي بإرسال خطاب ينفي فيه هذه الشائعة بعد تعرّض ليلى مراد للمضايقات ، وهناك رواية أخرى تؤكد بأن أنور وجدي وراء انطلاق الشائعة انتقاماً منها بعد الإنفصال .
فستان أسطوري في "قلبي دليلي" بثمن عمارة "بناية"
أثارت ليلى مراد ضجة كبيرة بعد الفستان الذي ارتدته في أغنية "قلبي دليلي" وهي من الفيلم الذي حمل الإسم نفسه ، وبلغت تكلفة الفستان 400 جنيه وقتها وهو مبلغ يشتري "بناية" عمارة، فنشرت الصحف بأن ليلى ارتدت فستاناً أسطورياً سيسجلها بالتاريخ.
تكريمها بعد وفاتها ومسلسل عن سيرتها الذاتية
ابتعدت ليلى مراد عن الأضواء، فكانت تخشى أن يراها الجمهور في صورة غير التي اعتادوها عليها في أفلامها، حتى توفيت في 21 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1995. ولاحقتها شائعات تؤكد فقرها الشديد قبل وفاتها إلا أن نجليها نفيا الأمر في حوارات صحفية لهما ، وبعد وفاتها بثلاث سنوات قام مهرجان القاهرة السينمائي بتكريمها واستلمت التكريم الفنانة ليلى علوي ، وهو التكريم الثاني من المهرجان حيث تم تكريمها من المهرجان عام 1977 من قبل وحصلت على شهادة تقدير من الأديب يوسف السباعي وكمال الملاخ وكان أول ظهور لها بعد غياب 23 عاماً.
وفي عام 2009 قدمت الممثلة السورية صفاء سلطان سيرتها الذاتية، في مسلسل "قلبي دليلي"، كما كرمت أيضاً في عام 2012 من مهرجان الأغنية وتسلمت التكريم الممثلة المصرية لبلبة.