معروف في الوسط الفني بشخصيته المسالمة البعيدة كل البعد عن الخلافات والنزاعات، التي يشتهر بها الوسط الفني بشكل عام، لأنه يدرك أن الحياة مجرد رحلة نحو الموت، لذا يرى أنها أقصر من أن يضيّعها في الخلافات ومخاصمة الآخرين.
إنه الممثل السوري عبد الهادي صباغ ، الذي ولد يوم 8 أيار/مايو عام 1950 في دمشق، وإنتسب لنقابة الفنانين بعمر العشرين.
بين الرياضة والفن
هو ابن العائلة الدمشقية العريقة، عرف التمرد منذ الصغر، كانت هواجسه في اتجاهين نحو الرياضة من جهة والفن من جهة أخرى، حيث كان في طفولته لاعب كرة سلة ثم اتجه إلى فنون القتال وتحديداً الملاكمة، ورفع مرةً كأس بطولة نادي الجيش، ثم إعتزل الملاكمة إلى الأبد.
وكان طيلة سنوات دراسته مثالاً للطالب المهمل الذي لا يعنيه شيء سوى الهرب إلى صالات السينما، ولقد بقي صامداً في وجه مختلف أشكال العقوبات التي مارستها عليه عائلته، لدى اكتشافها هروبه من المدرسة.
شقيقه الممثل بشير الصباغ ساعده كي تتفتح مداركه على حب التمثيل، حيث كان الشقيق الأكبر يمارس نوعاً من العصيان على تقاليد العائلة المعروفة التي عملت في التجارة وأسست معامل للألبسة ومحالاً تجارية ما زالت موجودة في سوق مدحت باشا وسوق الحريقة في دمشق القديمة، ثم جاءت الفرصة الذهبية حين أسس أخاه فرقة مسرحية ضمت عدداً من الممثلين الهواة تمكن من خلالها أن يحقق حلمه بالوقوف على خشبة المسرح لأول مرة، وبعد تجاوزه سن الخامسة وقف أمام كاميرا التلفزيون في برنامج للأطفال.
لقد كان هناك تضارب كبير من عائلته نحو ميوله، حيث باركت عائلته شغفه وحبه للرياضة لكنها احتاطت من ميوله الفنية، وقد حاولت جاهدة إبعاده عن لعنة التمثيل، وبعد أن فارق والده الحياة نشأت بينه وبين والدته علاقة نوعية كانت تحرص على أن ينشأ في أجواء حياتية مريحة لكنه لم يتمكن من تحقيق أمنيتها بأن يكون تاجراً ناجحاً مثل إخوته وكانت آخر أيامها تدعو له في الحج أن يتوب الله عليه من هذه المهنة، ولأنه لا يتمنى هذا، ولأنه لم يجمعه شيء بأشقائه سوى القيم التي تربوا عليها والتي تكوّنت على مخافة الله، لذلك لم يُقدم يوماً على إيذاء أحد طيلة حياته وهذا ما جعله آمناً من الداخل ومدركاً أنه سيفارق الحياة مبتسماً لما صنع على الصعيد الإنساني والفني.
ورغم توجهاته الفنية نحو الذهاب إلى السويد ودراسة السينما على يد المعلم إنغمار برغمان، لأنه في ذلك الزمان لم يكن قد أنشئ المعهد العالي للفنون المسرحية في سوريا بعد، ولعب الممثل الراحل هاني الروماني دوراً كبيراً في تغيير مساره، وأقنعه بالبقاء والعمل في المسرح العسكري.
في الثامنة عشرة من عمره، تعرّف عبد الهادي صباغ إلى الممثل الراحل يوسف حنا، الذي وضعه على الطريق الصحيح كونه أحد أهم المثقفين في تاريخ الدراما السورية وهو من أرشده إلى المسرح العربي والعالمي، وشجعه على قراءة الكثير من القصص لأهم الكتّاب العرب والعالميين أمثال توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وبدر شاكر السياب، أما في الثانوية فلقد قرأ الأدب الروسي من دوستويفسكي إلى تشيخوف ومكسيم غوركي.
أدوار متنوعة
منذ بداياته لم يطمح لدور البطولة ولم يكن شرطه يوماً ما، لكن الأهم لديه أن تكون المادة التي يقدمها جيدة للعمل، حيث شارك بالعديد من الأدوار المتوسطة والصغيرة، مؤكداً أهمية أن يكون الدور جيداً وأن يصل للناس.
بدأ عبد الهادي صباغ مسيرته الفنية عبر الفن السابع، فشارك عام 1971 في فيلمي "الثعلب" و"كفر قاسم" عام 1974، ثم "الاتجاه المعاكس" عام 1975.
ومن أفلامه السينمائية أيضاً "حبيبتي يا حب التوت" و"المصيدة" عام 1979 و"إمبراطورية غوار" 1982 و"لعبة الحب والقتل" عام 1983.
وتعتبر مسرحية "غربة" عام 1976 من أهم الأعمال التي شارك فيها صباغ في بداياته إلى جانب الممثل السوري دريد لحام، وفي رصيده أيضاً عشرات الأعمال المسرحية منها "حفلة سمر" و"ليلة مصرع غيفارا العظيم" و"الهرة" و"ليش هيك صار معنا".
وعندما بدأ الفن السوري يميل لإنتاج المسلسلات الدرامية، راح عبد الهادي صباغ يهتم أكثر بهذا النوع من الفنون، حيث شارك عام 1980 في مسلسل "الدروب الضيقة"، وشارك في العام التالي في عملين وهما "طائر الأيام العجيبة" و"عز الدين القسام".
عام 1984 شارك في واحد من أهم الأعمال الدرامية، التي استمرت في عدة أجزاء وهي سلسلة "مرايا" للممثل السوري ياسر العظمة.
أعمال عبد الهادي صباغ
كما شارك في العديد من الأعمال، منها "دائرة النار" و"غضب الصحراء" و"البركان" و"هجرة القلوب إلى القلوب" و"أحلام مؤجلة" و"جريمة في الذاكرة" و"خلف الجدران" و"أيام الغضب" و"البحر أيوب" و"آخر أيام التوت" و"أسرار المدينة" و"البحث عن صلاح الدين" و"سحر الشرق" و"قوس قزح" و"آخر الفرسان" و"الوصية" و"الهروب إلى القمة" و"أنا وعمتي أمينة" و"أيامنا الحلوة" و"ذكريات الزمن القادم" و"سيف بين ذي يزن" و"فراس بني مروان" و"رجال تحت الطربوش" و"الظاهر بيبرس" و"ندى الأيام" و"وشاء الأيام" و"كوم الحجر" و"الحصرم الشامي" و"جرن الشاويش" و"أشياء تشبه الحب" و"زهرة النرجس" و"شركاء يتقاسمون الخراب" و"تحت المداس" و"على قيد الحياة" و"لعنة الطين" و"تخت شرقي" و"الزعيم" و"سوق الورق" و"زمن البرغوت" و"باب الحارة" و"حمام شامي" "علاقات خاصة" و"غداً نلتقي" و"الطواريد" و"حرملك" و"سلاسل ذهب" و"هوا أصفر" و"طريق" و"أهل الغرام 3" و"باب الحارة" و"شوق" و"350 غرام" وحارة القبة" و"سوق الحرير 1" و"حرملك 2" و"الساحر" و"بروكار 1" و"سوق الحرير 2" و"أثر الفراشة".
الأعمال الرومانسية
خلال أحد لقاءاته الإذاعية قال عبد الهادي صباغ : "لا أتحمس لأعمال الحب والرومانسية التي يقدمها السوريون في بيروت، كتيم حسن الذي يقدم سنوياً أعمالاً رومانسية، فهذه الأعمال الضعيفة لا تلفتني نهائياً كونها تعتمد على تيم والمخرج السوري فقط، ربما لو شاركت مجموعة كبيرة من السوريين في العمل لارتفعت سويته قليلاً".
وأشار إلى أن تيم حسن وقصي خولي وباسل خياط من الصعب أن يعودوا للعمل في سوريا، كون أجورهم تصل إلى خمسين أو مئة ضعف عما يتقاضونه في سوريا، بالإضافة للانتشار الواسع الذي حققوه، حيث أن مسلسلات تيم تتابع من قبل سبعين وثمانين مليون شخص تقريباً.
أعمال الأزمة
تحدث عبد الهادي صباغ عن تواجده الدائم في الأعمال، التي تتناول الأزمة السورية كمحور أساسي فقال: "أرى بأنه لا يمكننا الابتعاد عن هذه الأعمال نهائياً، فليس من المنطقي أن أقدم قصة حب درامية في دمشق من دون أن أتطرق للأزمة وأن أقفز فوق الأحداث، فيجب أن يكون الواقع خلفية الأعمال دائماً".
مشكلة صحية
يعاني عبد الهادي صباغ من مشكلة صحية وحيدة هي مرض "الديسك"، الذي رافقه منذ سنوات، وخضع على إثره لأكثر من 3 عمليات جراحية.
قصة حب
في أحد لقاءاته الصحفية، قال عبد الهادي صباغ : "الحب أجمل ما في وجودي وقصة الحب التقليدية التي كانت مع ابنة الجيران جعلتني أتخلى عن ترف عائلتي وأرتبط بها وجعلتني أباً لطفلين هما طارق وشام وهما حبي الكبير. وطارق أصبح ابني وزميلي بعد أن إختار طريق الفن، وهو الآن أحد الممثلين الشباب المشهورين في سوريا، وأتمنى أن أراه في المكان الصحيح لأنه يمتلك موهبة حقيقية جميلة".