نادين لبكي إستطاعت تمثيل المرأة اللبنانية خير مثال بنجاحها وإصرارها وإبداعها، فهي جمعت بين الإخراج والتمثيل والتأليف في توليفة أنتجت أعمالاً، جالت العالم وحصدت الجوائز الدولية والعالمية، ووضعت لبنان على سكة الدول المنافسة ثقافياً وفنياً وحضارياً.
بدايتها الفنية من إخراج الكليبات إلى التمثيل ثمّ تأليف وإخراج الأفلام، إضافة إلى بطولتها في الوقت نفسه ووصولها إلى الأوسكار كأول سيدة عربية.
نشأتها
ولدت نادين لبكي في مدينة بعبدات بلبنان، يوم 18 شباط/فبراير عام 1974، درست الإعلام بجامعة القديس يوسف في بيروت وحاز مشروع تخرجها جائزة أفضل فيلم قصير، في حفل السينما العربية في المعهد العربي العالمي بباريس فيما بعد.
في بداية التسعينيات شاركت في برنامج "ستوديو الفن" عن فئة الإخراج، وقدمت خلاله فيديو كليب لفنانة إسمها كارلا بعنوان "حبيبي يا".
مشوارها الفني- إخراج الكليبات
بدأت نادين لبكي مشوارها الفني من خلال إخراج الكليبات، لأشهر النجوم اللبنانيين والذي جعلها تحتل مكانة كبيرة بين المخرجين الذين تستقطب كاميراتهم وأفكارهم الفنانين، وحازت كليباتها العديد من الجوائز.
أول كليب أخرجته نادين لبكي كان للفنانة اللبنانية باسكال مشعلاني، لأغنية "طير الغرام "عام 2000.
تألقها مع نانسي عجرم
تألقت نادين لبكي مع الفنانة اللبنانية نانسي عجرم، حيث قدما معاً حوالى 8 أعمال لاقت جميعها نجاحاً كبيراً، وهي البداية بأغنية "أخصمك آه" عام 2002 لتتوالى بعدها أعمالهما مثل "يا سلام"، "ياي"، "آه ونص"، "لون عيونك"، "إنت إيه"، "يا طبطب ودلع"، و"في حاجات" عام 2010.
وخلال هذه الفترة، لم تحصر نادين لبكي تعاملها وإبداعها بإخراج الكليبات مع نانسي عجرم، بل تعاملت أيضاً مع الفنان يوري مرقدي بأغنية "بحبك موت" عام 2004 ومع الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي بأغنية "إعتزلت الغرام" عام 2006 ومع الفنانة اللبنانية نوال الزغبي بأغنية "بعينك" عام 2011، ومع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بأغنية "إطلع فيي" عام 2012، وغيرهم.
التمثيل والتأليف
مرحلة جديدة ونجاح إضافي بدأت به نادين لبكي بإنتقالها من إخراج الكليبات، إلى التمثيل والتأليف وإخراج الأفلام السينمائية القصيرة والطويلة.
في البداية كانت لها مشاركات في بطولة أفلام مثل "رماد" و"مش فيلم لبناني" و"الكلاب السبعة" و"البوسطة"، وهي أفلام لم تجعل من نادين لبكي تلك الممثلة ذات الثقل الفكري والشعبي الكبير، كما أصبحت لاحقاً.
الجمع بين التمثيل والتأليف والإخراج
هنا كانت ذروة عطاء نادين لبكي ،حيث قامت بجمع مواهبها في التمثيل والتأليف والإخراج فأتقنت الثلاثة في آن للخروج بأفلام لاقت نجاحاً جماهيرياً كبيراً محلياً وعالمياً، من خلال الترشح أو الفوز بالجوائز في المهرجانات العربية والدولية.
فيلم سكر بنات-2007
يعد أول فيلم سينمائي طويل لـ نادين لبكي كإخراج وتأليف، والذي لعبت فيه دور البطولة أيضاً، ويعرض الفيلم مدينة بيروت التي لم يعرفها معظم الناس، بعيداً القضايا السياسية التي أزعجت لبنان وملّ منها اللبنانيون. قدمت نادين لبكي كوميديا من خلال خمس سيدات لبنانيات يعشن في بيروت، تجمعن في مركز تجميل ويناقشن القضايا المتعلقة بالحب والجنس والتقاليد، والإحباط والتغيرات اليومية.
تم عرض الفيلم لأول مرة خلال أسبوعي المخرجين بمهرجان كان السينمائي في 2007، ولاقى نجاحاً تجارياً كبيراً في صيف العام نفسه، فقد تم بيعه في جميع أنحاء العالم وحصد جوائز مهمة في مهرجانات عديدة حول العالم، حيث جعلها تلقى الكثير من الإشادات كممثلة ومخرجة على حد سواء، ووضعها في قائمة أفضل 10 مخرجين في مهرجان صندانس السينمائي، وفي عام 2008 منحتها وزارة الثقافة والإعلام الفرنسية شارة فارس ووسام الفنون والآداب.
فيلم هلأ لوين-2011
وهو الفيلم الثاني الذي أخرجته وألّفته، ولعبت فيه دور البطولة نادين لبكي ،تناولت فيه قضية المشاكل الطائفية التي يعاني منها وطنها لبنان وذلك من خلال قصة مجموعة من النساء مسيحيات ومسلمات من قرية لبنانية واحدة، يتجاور فيها المسجد مع الكنيسة، يحاولن بكل الوسائل منع تجدد الحرب الدينية في قريتهن.
تم عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان كان السينمائي بفئة "Un Certain Regard" نظرة خاصة عام 2011، وقد حقق الفيلم نجاحاً محلياً ودولياً فسجّل رقماً قياسياً بين الأفلام اللبنانية، إذ شاهده خلال الأيام الأربعة الأولى لعرضه أكثر من 21 ألف مشاهد.
كما نال جائزة اختيار الجمهور بمهرجان تورنتو السينمائي الدولي، وحصد هذا الفيلم أيضاً العديد من الجوائز الأخرى في المهرجانات حول العالم مثل: مهرجان كان ومهرجان سان سيباستيان الدولي ومهرجان ستوكهولم السينمائي، وقد تم أيضاً ترشيح الفيلم لجائزة أفضل فيلم أجنبي، باختيار النقاد في لوس أنجلوس.
فيلم كفرناحوم-2018
وهو الفيلم الثالث لـ نادين لبكي من حيث التأليف والإخراج والبطولة، والتجربة الثالثة التي أكدت وأثبتت جدارة هذه المرأة اللبنانية في تمثيل الواقع الإنساني المعاش، من خلال تناول قضايا إنسانية منوّعة تمسّ المجتمع بكل أطيافه.
قصة الفيلم تتمحور حول حياة طفل يعيش في قرية فقيرة، ويقرر التمرد على نمط الحياة الذي يخضع له، حيث يقوم برفع دعوى قضائية ضد والديه، لأنهما أنجباه ولم يستطيعا توفير حياة بها أقل المقومات الحياتية، وتكون نادين لبكي محاميته.
وكما الفيلمان السابقان إستطاعت نادين لبكي أن تستحوذ على المشاهد اللبناني، الذي أصبح ينتظر أعمالها بفارغ الصبر لأنه أصبح على يقين بأنها ستفاجئه بجديدها وسيتعاطف معها.
ولكن المميّز بهذا العمل أنه إستطاع عالمياًَ الإنتشار أكثر، فهو إضافة إلى ترشحه ومشاركته وفوزه بالعديد من الجوائز في المهرجانات الدولية، منها لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي الدولي وجائزة الجمهور في مهرجان سراييفو الدولي في البوسنة والهرسك، وجائزة الجمهور في مهرجان ملبورن بأستراليا وجائزة لجنة التحكيم في مهرجان النرويج السينمائي الدولي، وجائزة الجمهور الذهبية في مهرجان MILL VALLEY في أميركا. إلا أن كل تلك الجوائز لم تكن هي ما ميّزته، بل أنه كان له وللمرّة الأولى ثلاثة ترشيحات مهمّة، الأول وصوله للقائمة القصيرة لترشيحات جوائز الأوسكار، في فئة أفضل فيلم أجنبي والثانية ترشّحه لجائزة الـ"غولدن غلوب"، وآخرها ترشحه لجائزة الـBAFTA.
أوبرا وينفري تشيد بفيلم كفرناحوم
أعربت الإعلامية الأميركية أوبرا وينفري عن إعجابها الشديد بفيلم نادين لبكي "كفرناحوم"، ونشرت عبر صفحتها الخاصة على أحد مواقع التواصل الإجتماعي صورة من الفيلم وأرفقتها بتعليق قالت فيه إنه يستحق المشاهدة مضيفةً :"أنّ فيلم كفرناحوم يجعلك تفكّر بالأطفال الذين يعيشون هذه القصة في حياتهم اليوميّة".
وبدورها ردّت نادين لبكي على كلام وينفري هذا، قائلةً :"هذا يعني لي الكثير".
أفلام أخرى
كان لـ نادين لبكي مشاركات أخرى في التمثيل في بعض الأفلام اللبنانية والعالمية والعربية وهي "رصاصة طايشة"، "THE FATHER AND THE FOREIGNER"، "Rock the Casbah"،"Rio, I Love You (Rio, Eu Te Amo)" ، "Mea Culpa" و"يا طير الطاير".
حياتها الخاصة
في عام 2007 تزوجت نادين لبكي من الموزع الموسيقي خالد مزنر، وفي عام 2009 أنجبت طفلها الأول وليد، ورزقا بطفلتهما الثانية "ميرون" في العام 2016.
عملها السياسي
كانت نادين لبكي مرشحة على لائحة "بيروت مدينتي" في الإنتخابات البلدية لبيروت، التي جرت في شهر أيار/مايو 2016، لكن لم يحالفها الحظ في النجاح.
معلومات إضافية
أختيرت نادين لبكي كعضو لجنة تحكيم، قسم نظرة خاصة Un Certain Regard بمهرجان كان السينمائي لعام 2015 .
في عام 2016 تسلمت نادين لبكي الشهادة الفخرية من الجامعة الأميركية ببيروت، وكانت المتحدثة رقم 150 في حفل التخرج.
تعد لبكي متعددة اللغات، فهي تتحدث العربية والفرنسية والإنكليزية والإيطالية بطلاقة.