هي البلدة التي عانت وأهلها وسكانها الكثير خلال الحرب، فكان لا بد من نهضة قوية تعيد للبلدة رونقها، وبعد الإنماء وإنجاز المهمات الصعبة، ولأن الثقافة أساسية في الحياة، فكان من الضروري وجود صرح ثقافي عريق ينشر العلم والمعرفة ويستقبل أهم النشاطات الفنية والثقافية، ولذلك إفتتح رئيس بلدية الشياح إدمون غاريوس وأعضاء المجلس البلدي، برعاية وزارة الثقافة وحضور الوزير الدكتور غطاس خوري ومجموعة من النواب وفعاليات قضائية وعسكرية وديبلوماسية وبلدية وإختيارية وشخصيات إعلامية وفنية، مسرح البولفار Theatre Du Boulevard المجهز بتقنيات عالية، لتبقى الشياح تضج بالحياة ويبقى أبناؤها من أهل الثقافة.
إفتتاح المسرح الذي يضم 500 مقعداً، بوجود مواقف مؤمنة للسيارات، تم بحفل ضخم أحياه المؤلف الموسيقي وعازف البيانو جورج طنب والأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية، بقيادة الدكتورة جوانا مدور ناشف، حيث أبدع طنب والأوركسترا في تقديم أجمل المقطوعات التي ألفها طنب، وغيرها من المقطوعات الموسيقية.
البداية كانت مع النشيد الوطني اللبناني، ثم أطلت مقدمة الحفل الزميلة رانيا أشقر وقالت :"إذا كل بلدية حققت الأفضل لمنطقتها وأهلها، نصل إلى بلد نموذجي، على هذه القاعدة إختار رئيس بلدية الشياح الأستاذ إدمون غاريويس مع المجلس البلدي أن يحققوا الإنجاز تلو الآخر، والمسرح الذي نحتفل بإفتتاحه اليوم، هو حلقة من سلسلة بدأت منذ سنوات ومستمرة طبعاً، ويشهد عليها أبناء المنطقة، وكذلك تشهد عليها شخصيات سياسية كانت راعية وحاضرة ومباركة لهذا المشروع، وهي تتمثل اليوم بوزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور غطاس خوري الحاضر معنا".
وأضافت :"هذا المسرح سينشّط الحركة الثقافية في الشياح والمحيط، وسيستقبل أعمالاً مدرسية تجسد من جديد، مسرحيات خالدة للأخوين رحباني وشكسبير وموليير وكل الكبار".
وتم عرض تقرير عن المسرح في لبنان، أضاء على تاريخ المسرح اللبناني وعلى أبرز المسرحيين، وأطل خلاله عدد من المشاهير منهم الكاتب مروان نجار والممثلة جوليا قصار والكاتبة والممثلة بيتي توتل والذين أعربوا عن سعادتهم بإفتتاح مسرح البولفار في ظل وجود نقص في عدد المسارح في بيروت.
رئيس بلدية الشياح إدمون غاريوس قال في كلمته :"بإسم منطقة عانت الكثير، ورفضت أن تغرق في إنحطاط ثقافي كادت تسببه مأساة حرب لم ترحم بشراً أو حجراً او قيماً، نحن سعداء جداً بحضوركم معنا في إفتتاح هذا المسرح الموسيقيفي الشياح، إن تدشين مشروع له بعد ثقافي أو تنموي يولد فينا شعوراً مميزاً، خصوصاً عندما يكون الإنجاز من أجل بلدة تعني لنا الكثير، من أجل ناسها ومن أجل الأجيال الشابة فيها، من أجل أن يستمر التجدد في لبنان، ومن أجل المساهمة في بناء وطن، هذا أجمل ما يكون بالعمل في الشأن العام والسياسة".
وأضاف :"إن هدف هذا المجمع الثقافي والرياضي هو بناء فسحة تؤمن تواصل الشباب في ما بينهم، لتتوسع تطلعاتهم وتتعزز ثقافتهم وتعلو طموحاتهم، في هذا المجمّع معهد للفن ومركز للثقافة ونادٍ للرياضة، يمكن لكل فرد الإستفادة منه بكلفة مقبولة جداً، وهو مجهز بتقنيات عالية وبوسائل حديثة، إنها أدوات رائعة لتوجيه الشباب والجيل الجديد نحو الفن والمسرح والرياضة".
وتابع غاريوس :"نحن بحاجة إلى إسقاط الحواجز بين الناس، وإلى التضامن في مجتمعنا وتقوية قدرات شبابنا وتنمية شخصياتهم ليبتعدوا عن الشارع وآفاته ويسلكوا طريق العلم والمعرفة، بالموسيقى والفن والرياضة تسقط الحواجز في النفوس".
وزير الثقافة الدكتور غطاس خوري تحدث وقال :"عندما زارني رئيس البلدية برفقة وفد من البلدية، منذ أشهر، لرعاية هذا الإحتفال، كنت مسروراً لأن الشياح وبلديتها تعنيان لي كثيراً، ليس فقط بسبب وجود أصدقاء وأقرباء لي فيها، بل لأنني سكنت في الماضي في شارع المطاحن في الشياح، ونحن رحبنا منذ اللحظة الأولى ببناء هذا المسرح، خصوصاً وأننا بصدد ترميم قصر الأونيسكو، ووزارة الثقافة أصدرت قراراً في إستملاك قصر البيكاديلي والمسرح العريق الذي حاولنا أن نفتتحه بكل الوسائل الممكنة، حتى لجأنا أخيراً إلى الإستملاك الذي يأخذ وقتاً، ولكن بالنهاية البيكاديلي مرتبط بتاريخ بيروت ولبنان والرحابنة ولا يمكن أن يتحول إلا إلى مسرح عريق كما كان سابقاً".
وأضاف :"إذا كنا نريد أن نقيس النجاح، لابد أن ننظر إلى الخطط الإنمائية لمشروع ما، وإذا ما ربطنا بين الخطط الإنمائية وتنفيذها، لابد أن نبحث عن الرجال الذين يقفون خلف ذلك، نعم الرجال أمثال رئيس وأعضاء المجلس البلدي في بلدية الشياح، إنهم رجال آمنوا ببلدتهم وبمفهوم العمل البلدي الإنمائي وإستشرفوا آفاق المستقبل لهذه البلدة العريقة، لقد إستمد هؤلاء من إسم بلدتهم الشياح، ومعناها الجد في كل شيء، فإجتهدوا بقيادة إبن البلد الصديق إدمون غاريوس، وترجموا المواد المنصوص عليها في قانون إنشاء البلديات إلى مشاريع تنهض بالبلدة حجراً وبشراً".
وإنطلق الحفل الموسيقي وتضمن :
United Against Violence تأليف جورج طنب
Guitta تأليف سمير طنب، توزيع أوركسترالي جورج طنب
Serene Vienne تأليف جورج طنب
If Only تأليف جورج طنب، عزف على التشيللو Noemi Boroka
Spring Of Light تأليف جورج طنب
Cinema Paradisoتأليف EnnioMorricone توزيع موسيقي Bob Nrogstad
Frere Jacques تأليف Jean Philippe Rameau توزيع أوركسترالي جورج طنب
Promise تأليف جورج طنب.
موقع "الفن" عاد بهذه الكلمات الخاصة.
رئيس بلدية الشياح إدمون غاريوس :"مسرح البولفار لديه هدف فني ومسرحي وأوبرالي، لأن التقنيات الموجودة فيه هي تقنيات عالية جداً، وهي توصل الصوت، لكل من يريد العمل على الأوبرا، إلى 500 شخص ومن دون الحاجة الى مكبرات للصوت، وهذه من أهم المواصفات التي يتمتع بها هذا المسرح، وكل الفنانين والمسرحيين يستطيعون العمل براحة كبيرة".
وأضاف :"لدينا مخرجون وممثلون مبدعون كثيرون في لبنان، ولكن نظراً للظروف التي مرّ فيها البلد فالمسرح "منّو آخد حقّو"، فمن الضروري كمؤسسة عامة أن نساهم ونشجع العمل المسرحي في لبنان، وخصوصاً في منطقة الشياح-عين الرمانة التي فيها الكثير من الطاقات والمدارس".
وتابع :"بنفس المجمع هنا لدينا نادٍ رياضي وجمنازيوم كبير جداً والأسعار معقولة جداً، وذلك الأمر بالنسبة لتكلفة إيجار المسرح فهي معقولة جداً بالنسبة للمسرحيين والفنانين وللحضور، فعملنا الأساسي هو أن نؤمن هذه الخدمة وهذه الثقافة لتكون في متناول كل طبقات المجتمع، كما أدعو كل الشباب والأشخاص الذين لديهم مشاريع مسرحية أن يقدموها للجنة المسؤولة عن المسرح ونحن نشجعهم، وفي هذا المجمع الثقافي والرياضي هناك أكثر من 1500 شخص من الذكور والإناث يتواجدون يومياً في هذا المبنى".
الدكتورة جوانا مدور ناشف :"أنا إبنة المخترع اللبناني ميشال مدور الذي إخترع الساعة الناطقة، وكانت ساعاته موجودة في كل لبنان، وكانت لديه ساعة الزهور في وسط البلد، ووالدتي هي المرنمة يولا مدور صوتها سوبرانو، هي التي علمتني وشجعتني".
وأضافت :"هاجرت إلى أميركا منذ 42 عاماً، ولكن آخر مرة جئت فيها إلى لبنان كانت منذ أربع سنوات حين قدمت حفلاً للأوركسترا في بيروت وعزفنا مقطوعة لجورج طنب، وأنا سعيدة جداً بحفل اليوم الذي نفتتح به المسرح حيث سيتمكن الناس من رؤية الأمور الجميلة التي ستجعل الصغار والكبار يشتاقون دوماً إلى أن يتثقفوا".
المؤلف الموسيقي وعازف البيانو جورج طنب :"مسرح البولفار مهم حداً للبنان لأننا نحتاج إلى المزيد من المشاريع الثقافية في البلد، وهناك الكثير من اللبنانيين الذين يحبون هذه الموسيقى التي قدمناها في الحفل، فعلينا أن ندعم أكثر هذا المستوى الموسيقي، ونشجع أكثر الأوركسترا اللبنانية".
وعن أهمية إحيائه حفلات في لبنان في ظل إحيائه حفلات في الخارج، قال طنب :"الأمر مهم جداً، فهذا الحفل يأتي بعد أربع سنوات من الحفل مع الأوركسترا في بيروت، وهنا يأتي دور المهرجانات التي ليس عليها أن تنتظر الفنان لينطلق من الخارج لتعطيه بعدها الفرصة، لأنه يجب أن ينطلق الفنان من بلده قبل أن يصل إلى الخارج، فأنا سافرت وإنطلقت من الخارج، وتلقيت دعماً كبيراً في أوروبا خصوصاً، ومن أميركا، واليوم عدت إلى لبنان".
وعن مشاريعه المقبلة، قال لنا طنب :"لدي موسيقى تصويرية لأفلام في هوليوود وإنكلترا، وأحضر لموسيقى باليه في لندن، فهذا العام مهم جداً بالنسبة لعملي، وأتمنى من وزارة الثقافة أن تدعم أكثر كل النشاطات الثقافية في البلد، وكل ما له علاقة بالمسرح وبالموسيقى وبالأوركسترا، لأن هناك قدرات رهيبة في البلد ولكن ليس هناك من تشجيع، فعدم وجود التشجيع يجعل الشخص الذي لديه قدرة يخسر حلمه".
رئيس الكونسرفتوار بسام سابا :"تعرفت على جورج مؤخراً، وكان لديه إهتمام كبير في أن يتعاون مع الكونسرفاتوار ويستعين بالأوركسترا، وأخبرني عن مشاريعه، هو شاب لديه إهتمام خاص جداً بالموسيقى، فهو لديه معلوماته الموسيقية وإنجازاته، ولازال يدرس الموسيقى بواسطة بعض الأستاذة في أوروبا، وأنا كنت حاضراً خلال تمارين جورج مع الأوركسترا لهذا الحفل، فهناك الكثير من الأمور الجميلة والذكية التي يقوم بها، أتمنى له النجاح الدائم".
المؤلف الموسيقي الدكتور سمير طنب :"شجعت جورج وأدخلته إلى الكونسرفاتوار الوطني حين كان عمره 5 سنوات، هو أخذ الموهبة الموسيقية عني بالوراثة، ومنذ أن كان صغيراً، كان يعزف كهاوٍ وقبل دراسة الموسيقى، وأول أغنية عزفها بصغره كانت "للصبية الملكة تاج وصولجان"، وبعمر الثماني سنوات بدأ بالتلحين، وتعلم في الكونسرفاتور التأليف والتوزيع الموسيقي، وألحانه لا تشبه ألحان أحد، طبعاً أنا أعطيته كل أسرار المهنة من حيث التلحين والتوزيع، ولكنه إنطلق بمفرده".
وأضاف :"كل مقطوعة يؤلفها جورج يسمعني إياها، فأعطيه رأيي فيها، وهو يخاف أن يسرق منه أحد ألحانه، وأنا أشجعه على نشرها، وما يميزه عن غيره هو أن لديه ألحاناً جديدة بكثرة لأنه لم يتأثر بأحد، جورج البالغ من العمر 26 عاماً من الجميل جداً أن يقوم بالتوزيع الموسيقي لأوركسترا فيلهارمونية تضم 120 عازفاً، وبمجرد أن قبلت الأوركسترا الفيلهارمونية الإيطالية في إيطاليا وبقيادة المايسترو العالمي أتاردي، بأن تعزف المقطوعات الموسيقية التي ألفها جورج، فهذه شهادة بحد ذاتها".
المايسترو أندريه الحاج :"يكفي أن جورج هو لبناني ويؤلف موسيقى تعزفها الأوركسترا الكلاسيكية، فأنا أشجعه كثيراً أينما يكون لأنه لبناني ويمثل وطني، وبالنسبة إلى الموسيقى التي يؤلفها جورج، فهي كلاسيكية طبعاً لأنه تخصص بها، ولكنك تشعر بأن النمط الشرقي موجود فيها، لأن جورج في النهاية لبناني، فحين يعزف جورج مقطوعاته في أوروبا يعرفون هناك أنه ليس أوروبياً، وهذا أمر يضيف إلى الأوروبيين، رغم أن جورج أوروبي من ناحية دراسته وخبرته، لكن هناك نفحة شرقية جميلة في موسيقاه".
الفنانة رونزا :"لدي ضعف تجاه جورج وتجاه موهبته، أعتبر أن الله أعطاه هبة كبيرة جداً وهي موهبة التأليف الموسيقي التي يملكها، وأظن أنه ليس من السهل إيجاد مثل هذه الموهبة، وأقول، وبكل موضوعية، إن جورج نابغة في التأليف الموسيقي، وأنا على تواصل يومي معه وأتابع أعماله، وأحياناً يسألني ويستشيرني ويرسل لي مقطوعات موسيقية ويطلب رأيي فيها لأنه يثق برأيي الموسيقي، كما يطلب رأيي والده سمير الذي أخذ عنه الموهبة، وأنا أنصحه قدر الإمكان، ولكنه في النهاية أصبح ناضجاً ويعرف ماذا يريد، ويعرف كيف يسوّق لنفسه ولأعماله".
الفنانة فادية طنب الحاج :"لم أعد أتحدث عن موهبة جورج لأنه أثبت نفسه، ومستواه الموسيقي عالٍ جداً، موهبته فيها شيء من التفرد والعبقرية، ونقطة قوته لا تكمن فقط في أنه يؤلف موسيقى جيدة ويعزف على البيانو، بل تكمن أيضاً في أنه شاطر في العلاقات العامة، وأنا أهنئه على هذا الأمر".
وعن النصيحة التي توجهها له، قالت لنا فادية :"حتى لو نجح وألف موسيقى تصويرية للأفلام وإغتنى من عمله، فلتبقى أذناه مفتوحتين على ما يحصل في العالم من ناحية التطور الموسيقي وعمل غيره، وهذا الأمر يبقيه متواضعاً ويجعله يقوم بنقد ذاتي على المدى الطويل، ويقوم بخطوات أكتر ويتقدم ويبقى نجاحه مستمراً، لأن الأصعب هو الإستمرارية بالنجاح، وجورج يعرف أن نجاحه ليس لأنه تعلم لوقت طويل، بل لأنه يعمل كثيراً على نفسه، أتمنى له النجاح الدائم".
لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً إضغط هنا.