تعد الممثلة السورية أنطوانيت نجيب من رواد الحركة الفنية السورية، مجسدة من خلال أعمالها دور الزوجة والأم والمعلمة والحماة في أعمال ناجحة لاقت رضا محبيها وجمهورها، لكنها غالباً ما كانت تجسد دور الأم الحنون حيث تعمل على إبقاء صورتها أمام المشاهد الذي عرفها بأدوار المرأة الطيبة البسيطة والأم المخلصة والحنونة الذي همها في الحياة نجاح أولادها.

حققت أنطوانيت نجيب تأثيراً كبيراً منذ انطلاقة الدراما السورية وتوسع إنتاجاتها، وصارت القاسم المشترك لأغلب الأعمال، وفي أدوار دخلت عمق الوجدان الإنساني، وصارت لصيقة بالمتابع، ومن منا ينسى دورها في مسلسل "الفصول الأربعة"، والذي أعطت من خلاله روحاً إضافية لهذه المهنة التي تقوم بها. وعملت في المجال الفني عندما كان من الصعب جداً على المرأة أن تعمل كنجمة سينما ومسرح ثم تلفزيون، فتمردت على واقعها لتحجز لنفسها مكاناً بارزاً في الساحة الفنية السورية. شاركت في أكثر من 150 عمل بين الفنون الثلاث، وتزوجت في عام 1962 من الفنان يوسف شويري حتى وفاته في 2005.

مسيرة غنية

ولدت أنطوانيت نجيب عام 1930 وانضمت إلى نقابة الفنانين عام 1968، وتعد من أوائل الفنانات المنضمات لهذه النقابة.

أطلت أنطوانيت نجيب للمرة الأولى عبر الشاشة الكبيرة عبر فيلم "عاريات بلا خطيئة" عام 1967، واستمرت في تقديم العديد من الأفلام، منها "امرأة تسكن وحدها" و"واحد + واحد" عام 1971، ثم شاركت في فيلم "شقة الحب" 1973 و"امرأة حائرة" 1974، قبل أن تطل تلفزيونياً للمرة الأولى في مسلسل "صح النوم" الشهير مع دريد لحام ونهاد قلعي في العام نفسه، ثم شاركت بعده في فيلم "الحب الحرام" 1976 قبل أن تغيب ست سنوات وتعود عبر مسلسل "السعد وعد"، وعام 1982 عادت نجيب إلى التمثيل من خلال مسلسل "السعد وعد".

ومن أشهر مسلسلاتها "هجرة القلوب إلى القلوب" عام 1991 بشخصية "أم سالم" و"الجوارح" 1995 بشخصية "أم الباشق" و"حمام القيشاني" 1997 بشخصية "وصال"، ولعل أبرز شخصية قدمتها كانت "نعيمة" في مسلسل "الفصول الأربعة" بجزأيه.

ومن مسلسلاتها أيضاً "أحلام كبيرة" و"مرزوق على جميع الجبهات" و"فسحة سماوية" و"ممرات ضيقة" و"الهاربة" و"بيت جدي" و"قلبي معكم" و"مطلوب رجال" و"آخر أيام الحب" و"الدبور" و"العشق الحرام" و"الولادة من الخاصرة" و"طوق البنات" و"عطر الشام" و"صدر الباز" و"خاتون" و"وردة شامية".

وفي المسرح حظيت أنطوانيت نجيب بشهرة واسعة في منتصف خمسينيات القرن الماضي، وذلك بعد أدائها العديد من الأدوار المسرحية، مثل "حط بالخرج" و"شغلة فاينة" و"تموت واقفة" و"سراديب الصنايعية".

رفضت حضور جنازة نجاح حفيظ

في أحد لقاءاتها التلفزيونية، أكدت أنطوانيت نجيب أنها رفضت حضور جنازة مواطنتها نجاح حفيظ، لأن الأخيرة لم تقدم لها واجب التعازي عند رحيل زوجها، مشددة أنها غير نادمة لأن الراحلة هي السبب إذ أن علاقاتها بالوسط الفني، لم تكن على أفضل حال.

واعتبرت أنطوانيت نجيب أن حفيظ كانت "مهووسة" لأنها كانت تظن أنها الوحيدة التي تستطيع تقديم دور الأم، وبأنها تأخذ الأدوار منها.

دراما الحرب

في حديثها عن الدراما السورية خلال السنوات الثمانية الماضية، تقول أنطوانيت نجيب : "ظُلمنا كثيراً بالحرب خصوصاً من ناحية التسويق، من المفروض أن الحرب لا علاقة لها بالفن لكنهم أدخلوه في دهاليزها، فتأثرت الدراما من ناحية التسويق ولم يعد يأخذوا أعمالنا بالرغم من أن الأعمال السورية مُحببة في كل البلاد العربية.

وأضافت: خلال فترة الحرب أثبتنا قوتنا فكنا نقوم بالتصوير على وقع القذائف والرصاص، لكن طبعاً أرى بريق أمل في المستقبل إن شاء الله.

نصيحة للشباب

في إحدى مقابلاتها، نصحت أنطوانيت نجيب الفنانين الشباب أن يكونوا متواضعين وأن يكون إحساسهم موجه بالاتجاه الصحيح وليس فقط من أجل المال، وأضافت: كنا نعمل أحياناً من دون مقابل مادي، المهم أن نقدم ما لدينا للفن، طبعاً لا أقصد العمل مجاناً، فكل فرد له قدرة معيشية معينة لكن لا يجب على أحد تشويه صورته الفنية لأجل المال.

معلومات قد لا تعرفونها عن أنطوانيت نجيب

كان لـ أنطوانيت نجيب دوراً كبيراً بدخول حفيدها فادي الشامي مجال التمثيل، حيث ظهر أول مرة في مسلسل "الخوالي"، عندما كان طفلاً. أكثر ما يخيف أنطوانيت نجيب في الحياة هو المرض، وأن تصبح طريحة الفراش.

قالت أكثر من مرة إنها ضد كل فنان غادر سوريا خلال الحرب.

وفاتها

توفيت أنطوانيت نجيب في 17 آب 2022 ونعتها نقابة الفنانين : "فرع دمشق لنقابة الفنانين ينعي اليكم رحيل الزميلة الفنانة القديرة انطوانيت نجيب ونوافيكم لاحقا بموعد التشييع والدفن وموعد التعزية إنا لله و إنا إليه راجعون فليكن ذكرها مؤبدا".

وكانت قد تدهورت الحالة الصحية للممثلة الراحلة خلال السنوات الأخيرة حيث أنها تضطر لدخول المستشفى مرتين كل أسبوع لتجري غسيلاً للكلى.