أربع سنوات مرت على رحيلها ولم نستوعب الامر بعد، فهي حتماً لم تغادرنا الا بالجسد، ولازالت موجودة معنا في كل اغنية وعمل وفيلم. الشحرورة صباح وان لم نستطع لمسها الآن ولا التكلم معها فهي لم تفارق تفكيرنا، ورفضت ان يكون الموت أقوى منها، فأصبحت ذكراها خالدة الى الأبد.
في مثل هذا اليوم، 26 تشرين الثاني/نوفمبر، انطفأت احدى شعلات الفن الجميل، ارتجت عواميد بعلبك راثية حبيبتها، ونعى الفن اللبناني والعالمي صباحه التي لم تشأ ان يكون الوداع الاخير كأي يوم حزين أسود. اتذكر ذلك اليوم حين امتزجت الدمعة بالابتسامة وتحول يوم ابتعادك عنا بالجسد الى حفل وعلت أغنياتك وراح محبوك يرقصون.
نلومك يا صباح لأنك جعلتنا نحبك الى درجة اننا لم نتوقع انه سيأتي يوم من الايام ونتكلم عنك في صيغة الماضي، وكأنك عبرت بقربنا ولم نرك، فشعرنا فقط بنسيمك الذي كان دوماً خفيفاً بالحضور وعلى القلوب.
اليوم لا نتذكر رحيلك، بل نشدد على بقائك معنا يا من علمتنا الفرح في الحزن، والقوة وعدم الاستسلام، فرغم المصاعب التي واجهتها لم تنكسري وبقيتي قوية كما عرفناك، فملأت الدنيا حياة والفن عطاءً مع ما يقارب الـ 83 فيلما ، 27 مسرحية، وما يزيد عن 3000 أغنية.
هذا الارث الكبير جعلك اسطورة لن تتكرر ولن تُنسى فكيف ننساك وانت كنت دوماً قريبة، لم يسيطر عليك الغرور رغم النجاح الباهر الذي حققته، أحببتِ من دون مقابل وتجردتِ من نفسك من أجل الآخر، ورغم الصفعات الكثيرة لم تنهزمي ولم تديري ظهرك لكل من جاء إليك طالباً للمساعدة. خطف منك الفن أغلى ما تملكين، فحتى خصوصياتك لم يحترمها البعض، فجرّحوا فيك واستغلوا طيبتك وحتى في آخر ايامك ظلوا مجندين خلف السكوب الذي سيحصلون عليه من خلالك.
أما اليوم وانت قرب الملائكة، نطلب منك السماح بإسم كل من احزنك في احد الايام، ونعلم جيداً انك حزينة بعد ان هدم بعض المتطفلين القاعدة المتينة التي بنيتها من اجل الفن اللبناني والعربي، ونعلم انك تعتبين على أقلام الصحافة التي لم تعطك حقك في الماضي، أما اليوم فتلقي الضوء على ادق التفاصيل التافهة الخاصة بفستان فلانة وسفرة فلان.
في هذا اليوم غادرتنا جانيت فغالي الانسانة، أما صباح الفنانة فهي دائماً معنا محفورة فينا وفخر لنا، لربما سنلقاك في السماء حيث ستكون الامور عادلة ولن يستطيع احد ان يبعدنا عنك.