كل يوم تُبهرنا الممثلة اللبنانية القديرة رندة كعدي أكثر، فهي تختار أدوارها بعناية.
ولا مجال للتكرار في دور الأم إلا عندما يحمل قضية فريدة من نوعها لم يسبق أن أدّته من قبل. ملأت أرشيفها الفني بأدوار طُبِعت في أذهاننا لا بل تربينا عليها. هي الأمّ المثالية التي تخاف على أولادها وتحاول التوفيق بينهم. هي اليوم تشارك في دور مميز لم يسبق أن أدّته من قبل في مسلسل "أوتيل فانتازيا" للكاتب والممثل غابريال يمين والمخرج أسد فولادكار. بلوك جديد أطلت علينا رندة كعدي بعد أن حرصت على أدقّ التفاصيل في إطلالتها، مرّت من أمامنا ولم نعرفها كل ما لفتنا الشعر الأحمر لسيدة تؤدي دور الأمّ القوية. وإذ بها تقترب أكثر لنتعرّف عليها أكثر ونتفاجأ بإنها الممثلة رندة كعدي هي نفسها "أم الشهيد" بحلّة جديدة. وقد خصّتنا بهذا الحوار لموقع الفن في كواليس تصوير المسلسل.
أهلا وسهلا بك عبر موقع الفنّ... انا شخصيا سعيد جدا بإجراء هذه المقابلة معك. أخبرينا ما سرّ هذا اللوك الجديد؟
هذا لوك خماسية "أوتيل فانتازيا" من كتابة غبريال يمين وإخراج أسد فولادكار. اختاروني لأؤدي فيها دور "لولوا"، أم لثلاثة أولاد شابين وبنت يريدون الميراث. قبلت هذا الدور لأنني رأيته بصورة أنني لست أما بل أمّ تحمل قضية وتبرهن أن الشكل ليس الجوهر ولكن القضية هي الجوهر. اذ يمكنها أن تكون بشعر أحمر ولكن بجوهر ثمين، المظهر الخارجي لا يعكس دائما نفسية وحقيقة الإنسان. أردت أن أحمل هذه القضية الى النساء اللبنانيات والعربيات كي أقول أن الشكل ليس الأولوية وأن الأم عقلانية أيضاً وليست عاطفية فقط تتحدّى أولادها كي تبنيهم ويصبحون أبناء يستطيعون بناء مستقبلهم بأنفسهم، مستقلين ويحملون المسؤولية.
الدور يختلف تماما عن الأدوار التي لعبتها مؤخراً مثل "مارتا" إم الشهيد، بريجيت وثمينة وأدوار أخرى علقت في ذهن المشاهدين عن الأم الطيبة والأم اللبنانية. وهذا الدور قبل أن أؤديه للناس أردت أن أثبت لنفسي أنني ممثلة وأستطيع أن أؤدي أي دور حتى تخرج الشخصية "صحّ"، لأنني لا أريد أن ألعب الأدوار نفسها التي نجحت فيها من قبل. الممثل عليه أن يخوض جميع التجارب.
أليس هذا تواضعا منك عندما تقولين أنك تختبرين نفسك الآن من جديد؟
لا هذا ليس تواضعا بالطبع هناك إضافة، أديت دور الأم السلطوية بـ "كفى" والأم المعنّفة بـ "وين كنتي" وكذلك أديت دور الأم الطيبة في "أحلى بيوت رأس بيروت". على مدى ثلاثين سنة من العمر لم تبقَ شخصية واحدة لم ألعبها إلى ان توجت اعمالي بدور "إمّ الشهيد". أردت أن أثبت لنفسي أنني لن أقف عند هذا الدور وسأظلّ أختبر وأجرّب فربما تخرج "لولوا" أنجح من أي دور آخر والتي أكسر فيها الصورة النمطية فلا أريد فقط دور "الماما الطيبة". "لولوا" في شكلها الخارجي لا تعكس ما في داخلها وتحمل قضية مختلفة وهي أم عقلانية ولا تعرف كلمة "حبيبي" أو "تقبرني يا إمّي".
يعني هذه المرّة الدور لا يشبهك بالمرّة؟
"صحّ ولا شويّ". والمخرج أسد فولادكار هو الذي رسم هذه الشخصية وتناقشنا كثيراً حتى اقتنعت برؤيته وأحاول تنفيذها بحذافيرها كما يتخيّلها أسد.
أخبرينا عن التعامل مع المخرج أسد فولادكار
رائع جدًّا، تعاملت معه للمرّة الأولى في فيلم سينمائي بعنوان "بالحلال" بمشهد واحد وهذا المشهد عمل "طنّة ورنّة" عندما ضربت البطلة وهي امرأة مطلقة تقوم بعلاقة مع رجل متزوج بطريقة غير شرعية.
وكذلك تعاونا في مسلسل "لآخر نفس" لكارين رزق الله من اخراج أسد في شخصية "بريجيت"، وهي كانت أول نقلة نوعية في مسيرتي الدرامية، حيث أضاء دوري على الجانب الكوميدي لديّ وكشف عن الأم اللبنانية المهضومة. والآن نكسر الأدوار ونتّجه نحو الأمّ المتسلّطة. وأعتبر أن النقلات النوعية في مسيرتي هي من أعمال المخرج الأستاذ أسد فولادكار. ودور "لولوا" دور رائع الأم المتسلّطة عن غاية وهدفها جمع أولادها ومع أن الدور مؤثر لم تنزل لي دمعة.
هل تعتبرين أن الممثل ليس بمساحة الدور بل بحسب ما يقدّمه؟
هذا الفيلم "بالحلال" أكبر شاهد على ذلك، اذ وبمشهد واحد في الإعلان الترويجي للفيلم، ان الممثل حتى إذا كان دوره صامتاً يستطيع من خلال فتح مسكة الباب ان يجعل يده تتكلم.
إذا ماذا تقولين للممثلات اللواتي يعطين أهمية الى حجم الدور؟
هنّ بحاجة للأضواء كي يعرفنَ ما في داخلهنَّ. أمَّا بالنسبة لي فمرّ الضوء وانتهى وأعرف ما يوجد في داخلي.
ما هي الأدوار التي ترغبين في تجسيدها حقاً؟
أرغب في أدوار المرأة التي تحمل قضية معيّنة مثل أمّ المسجون، لا أحد يعرف ما هي حرقتها وكيف تفكّر؟ هل هي السبب الذي دفع إبنها نحو الإجرام؟ أريد قضايا مثل دور "أم الشهيد" أو أي إمرأة غير متزوّجة.
فعلاً يجب على الكُتّاب إدراك هذه القضايا بسبب جهلهم للسوق. العنوان العريض هو "الماما"، لكن ماذا يوجد تحت هذا العنوان من شخصيات، هنا يُطرح السؤال، أريد أن ينسوا أنني الماما.
هل يمكن أن تخوضي تجربة الكتابة؟
لا أجرؤ وأخاف من أن أتعدّى على مهنتي كممثلة وأهنئ من يستطيع التعدّي على مهنة أخرى. لا أتجرأ أن أكون إلا ممثلة وممثلة وممثلة. وفي الحياة الطبيعية أنا أم وزوجة وربة منزل وأعلّم في المدرسة وفي الجامعة.
كيف تصفين التعامل مع الكاتب غابريال يمين؟
هو كاتب واستاذ ومحترف ومبدع وهذه أوّل مرّة أؤدي دورا من كتاباته. يكتب بطريقة فلسفية ولا يلجأ الى الكتابة السهلة البسيطة وهو بمخزونه إضافة الى الدراما كل يوم يستطيع أن يكتب مسلسلا.
أتعتقدين أننا في لبنان بحاجة الى كتّاب أجانب لنهضة الدراما اللبنانية؟
علينا ان نظهر الطاقات المثقفة والمنتجة والمبدعة وكفانا حصر الامر بعدد من الأسماء المتداولة في كتابة المسلسلات، "حلو التنوّع". وهذه المواهب تحتاج الى فرصة وأنتم الصحافة من الضروري أن تسلطوا الضوء على أناس جدد. الأستاذ غابريال هو شيخ المهنة لكنّه الآن بدأ يبرز عن قدراته وعن إبداعه الخيالي في كتابة هذا السيناريو الجميل.
يعتبر البعض أن ثنائية التعامل بين الممثلين الأجانب واللبنانيين يساعد في تطوّر الدراما، ما رأيك؟
شاركت مرّة في عمل مشترك اسمه "روبي" لبناني سوري مصري ولم أكرّر التجربة لأنني شعرت بأنني لم أبرز أمام الأسماء الكبيرة وانا متمسكة بتعبي بعد كل هذه السنين فلا أقبل أن يذهب سدًا من أجل تسليط الإهتمام على شخص آخر. فآثرت أن أكون الأولى في بلدي ولا العاشرة في بلد آخر. أما عندما يكون التصوير في البيئة نفسها والمحيط نفسه، نستطيع أن نتبادل الخبرات ليكونوا إضافة لنا. هذا رأيي وقد يكون لغيري رأي مختلف.
الى جانب دور "لولوا" في "أوتيل فانتازيا" هل تصوّرين اي عمل آخر؟
في المبدأ لا، أقرأ العديد من النصوص فأنا عندما أختار نصا معيناً أبقى لفترة طويلة حتى أحسم قراري. فدور "لولوا" مثلا تطلب مني شهرا ونصف الشهر حتى وافقت عليه فأنا أتعمّق في النّصّ وأدرس أبعاد الشخصيات مع دوري إذا كانت تتناغم وتنسجم معه.
كلمة أخيرة لموقع الفن
أشكر موقع الفن لأنه يرافقني دائماً بكل أعمالي ويضيء عليها قبل أن يطلع الضوء.
لمشاهدة ألبوم صور كواليس تصوير مسلسل "أوتيل فانتازيا" كاملاً، إضغطهنا.