هي رحلة الموت التي تصوّر واقع المجتمع العراقي الذي يعاني من شتى الأزمات بعد أن أنهكته سنوات الحرب.
هي رحلة شابة إستطاعت الجماعات المتطرفة أن تسيطر على عقلها وتعميها عن إنسانيتها، إلاّ أن مقابلتها للواقع المرير جعلتها تستفيق وتعي خطأها وتتراجع عن فعلتها.
أقيم مساء الخميس الفائت في الـ4 من الشهر الجاري، العرض الخاص والأول للفيلم العراقي "الرحلة" في سينما ميتروبوليس في سنتر صوفيل في الأشرفية، بحضور مخرج العمل ومؤلفه محمد الدراجي والممثلة اللبنانية العراقية زهراء غندور.
وحضر هذا العرض عدد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية تقدمهم السفير العراقي في لبنان علي بندر العامري والسفير السعودي وليد البخاري وأهل الصحافة والإعلام وعدد من المتابعين.
تدور أحداث الفيلم في العاصمة العراقية بغداد وتحديداً في محطة القطار عام 2006، حيث تنوي "سارة"، أي الممثلة زهراء غندور أن تنفذ عملية إنتحارية في المكان ضدّ قوات الإحتلال الأميركية، من دون ادنى اهتمام بأمر المدنيين المتواجدين لانها تعتبر أنها ستطهرهم من آثامهم وأخطائهم، وتبرر عملها الإرهابي هذا بأن احد الاشخاص حاول التعدي عليها وظنّت أنه أحد المندسين فتورطه معها.
وتتوالى الأحداث التي يصوّرها الفيلم داخل محطة القطار والتي تعكس معاناة الشعب العراقي الإقتصادية والمعيشية والإجتماعية والطبقية والتي تواجهها سارة على أرض الواقع، مما يدفعها إلى التراجع عن ما كانت ستُقدِم عليه وتتّضح الصورة لديها من أنّ ما كانت تنوي فعله هو أمر لا يمت للإسلام أو للدين بصلة.
وعندها تواجه سارة أزمة في التخلّص من الحزام الناسف الذي كانت تلّفه على خاصرتها لتجد نفسها عاجزة عن ذلك، وينتهي الفيلم بمشهد رجل مسنّ ينقل تابوت إبنه الشاب الذي أستُشهد في تفجير إنتحاري. ويجسد المخرج بهذا المشهد المؤثر حال مجموعة كبيرة من الشعب العراقي لاقت نفس المصير وما زالت حتى اليوم.
وعلى هامش هذا العرض الخاص والذي كان حاضراً فيه موقع "الفن"، كانت لنا هذه اللقاءات.
أولاً مع الممثلة زهراء غندور التي وجهّت في البداية الشكر للمواكبة الإعلامية الكبيرة لعرض الفيلم، وأشارت إلى أنها كانت لها الفرصة في خوض هذه التجربة التمثيلية وللمرّة الأولى، حيث عملت على هذا الدور لمدّة سنتين تلتها خمسة أشهر في التصوير.
وعن أهمية هذه التجربة التمثيلية الأولى لها والتي حصدت من خلالها هذا النجاح الكبير. أشارت زهراء إلى أن أي شخص في أي مجال تكون تجربته الأولى بهذا النجاح عليه أن يجعل لنفسه ثقلا إيجابيا وان يقدم دائما الافضل.
وأضافت أن والدتها كان تقول لها دائما إن النجاح صعب لكن المحافظة عليه هي الأصعب، وانها دائماً ما تُبقي هذه الجملة قاعدة لها وهي حالياً أنهت التجربة التمثيلية الثانية لها وهي عبارة ايضا عن فيلم.
اما عن أعمالها المقبلة، فأشارت إلى أنها كانت محظوظة أن فيلمها الثاني كان إنتاجا سويسريا، ألمانيا، بريطانيا وعراقيا في جزء منه وقد انتهت منه، وان اللغة المعتمدة فيه كانت الإنكليزية والعربية وان هذا ما منحها فرصة الانتشار.
وأضافت أن عملها الثالث سيكون باللغة الإنكليزية بالكامل وهو عبارة عن مسلسل بريطاني.
وتحدثنا مع زهراء عن إختيار هذا الفيلم للأوسكار وما يميّزه ليتم إختياره حيث أشارت إلى أنه هناك الكثير من العوامل منها التصوير والممثلين من حيث الأداء ولكن الأهم في هذا الفيلم هي القضية التي يطرحها وخاصةً أنه يطرحها عن طريق إمرأة شابة قررت قتل نفسها وقتل الآخرين إضافةً إلى أن الطريقة التي طرح من خلالها المخرج هذه القضية لم تكن طريقة تقليدية.
وأخذنا رأي زهراء كإمرأة عراقية عن الأحداث المؤلمة الأخيرة التي شهدتها العراق بوفاة خبيرتي التجميل رفيف الياسري ورشا الحسن في ظروف غامضة وآخرهم قتل ملكة جمال العراق تارة فارس، حيث قالت أنها من أكثر النساء والأشخاص حزناً على الحوادث هذه المؤسفة التي تواجهها نساء العراق من مختلف المجالات وذلك على يدّ متشددين، متخلفين يريدون قتل الجمال في هذا البلد.
وأضافت بالتأكيد نحن دائماً لن ننسى سيداتنا اللواتي قتلو وسنتابع عملنا أكثر وأكثر دون تراجع أو خوف.
وأيضاً كان لنا هذا الحوار مع مخرج الفيلم محمد الدراجي الذي أشار إلى أن الفيلم يقدم رسالة مهمة وهي محاربة العنف ولكن ليس بالعنف وإنما بالإنسانية.
وأضاف أن هذا الفيلم هو ثالث ترشيح له إلى الأوسكار مؤكداً أن المسؤولية بالطبع تزداد أكثر وأكثر ولكن دائماً نحن كصناع سينما نسعى إلى الأفضل ووجودنا في بيروت في هذه السينما مهم بالنسبة لنا.
الرحلة هو الفيلم الذي تمّ إختياره ليمثّل العراق في حفل جوائز الأوسكار ولينافس على أفضل فيلم أجنبي في المسابقة.
وقد حقق إنتشاراً واسعاً من خلال مشاركته في العديد من المهرجانات الدوالية والعالمية حظى بعرضٍ عالمي أول بمسابقة المهر الطويل بالدورة الـ 14 من مهرجان دبي السينمائي الدولي، كما نافس في المسابقات الرسمية بمهرجانات لندن السينمائي الدولي وتورونتو السينمائي الدولي وبوسان السينمائي الدولي، وجاء عرضه الأول بالولايات المتحدة الأميركية في مهرجان ميامي السينمائي، كما عرض في أيام القاهرة السينمائية.
وحصل الفيلم على تنويه خاص من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي بالجزائر، وضمن منافسته في مهرجان مسقط السينمائي الدولي فاز الفيلم بجائزتي لجنة التحكيم وأفضل ممثلة، كما حصل أيضاً على جائزة لجنة التحكيم في عرضه الأول بمصر بـمهرجان شرم الشيخ السينمائي. بالإضافة لجائزتين من مهرجان السينما العربية بباريس وهما الجائزة الكبرى لـمعهد العالم العربي لفيلم الرحلة للمخرج محمد الدراجي وجائزة أفضل ممثلة لـزهراء الغندور.
ويشار أخيراً إلى أن الفيلم يشارك في بطولته إلى جانب زهراء الممثل العراقي أمير جبارة وشارك في تأليفه إيزابيل ستيد.
لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً، الضغطهنا.