في زمن الإستهلاك الفني والغوغائية التي شهدتها الساحة الفنية على مدى سنوات طويلة، برز إسم مروان خوري حالة فنية فريدة ومتفرّدة تسير عكس التيار، قوامها الموهبة الفطرية المتعددة الاتجاهات وسلاحها الدراسة الموسيقية وشعارها تقديم الكلمة الموزونة والمتوشحة بالرومانسية والمتوّجة بأسلوب السهل الممتنع، أما سحرها فيتجسد في صوت شجي تتراقص مع أوتاره آلاف العبارات والعبرات... مروان خوري، بحر من التميّز الفني في التأليف والتلحين والغناء، لا تخيفه العواصف ولا تنكسر أمواجه إلا عند صخور التألق والإبداع... ومن هنا، إستحق وبجدارة لقب "الفنان الشامل".
نشأته وشغفه بالموسيقى
في 3 شباط/فبراير عام 1968، ولد مروان خوري في قرية مزرعة التفاح في شمال لبنان، وعاش في كنف عائلة مترابطة تتألف من والده طانيوس خوري، ووالدته نسيمة وأشقاؤه لينا، منى، كلود، وداني.
منذ نعومة أظفاره، عشق الموسيقى ونهل من مخزونها حتى الثمالة، وكانت والدته هي الداعم الأول له كونها تهوى الطرب الأصيل. وعندما كان بسن الثانية عشرة، قدّم لوالدته أغنية خاصة من كلماته ولحنه لمناسبة عيد ميلادها وجعل من أشقائه كورالاً له.
شغفه بالموسيقى جعله يلتحق بجامعة الروح القدس الكسليك، حيث درس العزف على البيانو والسولفيج وتاريخ الموسيقى، وتخرّج منها عام 1986. وخلال سنوات دراسته الجامعية، نال مروان الجائزة الأولى في حياته الفنية والتي حصدها خلال مسابقة للتلحين وتسلّم الجائزة من ممثل رئيس الجمهورية الشيخ أمين الجميل آنذاك.
مسيرته الفنية الحافلة
بدأت رحلة مروان خوري الموسيقية مع الاحتراف باكراً، إذ لم يكن قد تجاوز عامه السّابع عشر عندما كان يشارك كعازف في إحياء الحفلات الفنية، قبل أن يقود الفرقة الموسيقية في برنامج "ليلة حظ" الذي قدّمه الإعلامي د. زياد نجيم في أواخر الثمانينيات، تحت قيادة المخرج سيمون أسمر على شاشة LBCI، كما شارك كعازف في فرقة الراحل رفيق حبيقة في برنامج "استديو الفن" عام 1993. وقد عمل كقائد الفرق الموسيقية لعدد من النجوم في مقدمتهم الشحرورة صباح، وائل كفوري ونور مهنا.
لم يكتفِ مروان خوري بالعزف، بل اتجه نحو التأليف والتلحين والغناء، فأبصر عمله الأول "كاسك حبيبي" النور عام 1988، وكان يتضمن خمس أغنيات من ضمنها أغنية "كاسك حبيبي"، وهي دويتو غنائي جمعه في ما بعد مع الفنانة باسمة.
عام 1994، أصدَرَ أغنية منفردة بعنوان "فيك يمّا بلاك"، ليتبعها عام 1997 بأغنية "لاصبر على ويله".
عام 1999، بدأ العمل مع النجوم، وقدّم حينها للفنانة نوال الزغبي أغنيتين هما "تيا"، و"الدلعونا".
عام 2001، أصدَرَ مروان خوري ألبومه الرسمي الأول "خيال العمر"، ويتضمّن: "خيال العمر" وهي دويتو مع الفنانة كارول عون، "يا شوق" التي صوّرها عام 2002 على طريقة الفيديو كليب مع المخرج باسم كريستو، "متلك ما حدا"، "لاصبر على ويلي"، "فيك يمّا بلاك"، و"يا رايح"، التي أعادت نوال الزغبي تقديمها بصوتها في ما بعد.
عام 2004، أصدَرَ مروان خوري ألبوم "كل القصايد"، ويتضمّن: "كل ساعة"، "خدني معك"، و"كل القصايد" (جميعها مصوّرة على طريقة الفيديو كليب ومن إخراج شقيقه كلود خوري)، بالإضافة إلى "بدي"، "ارجعلي حبيبي"، "نصيبي"، "بعدك يا هوى" و"البنت اللبنانية" وكان الألبوم بأكلمه من توزيع الفنان بلال الزين.
عام 2005، طرح ألبوم "قصر الشوق" وتضمّن 9 أغنيات هي: "قصر الشوق"، "عندي شعور"، "لا تفكر"، "ما عندك خبر"، "خايف لا تروحي"، "يا من بدمعي"، "خلينا نعيش"، "وبقلك شو"، و"حلوة الحياة".
عام 2008، أصدَرَ مروان خوري ألبوم "أنا والليل"، وتضمّن 10 أغنيات وهي: "أنا والليل"، "لو فيي" التي أعادها بصوته بعدما أدّاها الفنان غسان صليبا، "ليل مبارح"، "خاينة"، "قولك"، "دواير" التي استخدمت في فيلم "أوقات فراغ"، "خليك"، "القرار"، "لولا الهوى"، و"يا رب" التي كانت عبارة عن ديو مع الفنانة كارول سماحة.
عام 2010، طرح ألبوم "راجعين" وتضمّن 10 أغنيات هي: "راجعين"، "رقصة"، "تمّ النصيب"، "تعوّدت عليك"، "الحدود"، "أدري"، "فكرت نسيت"، "مش كل مين غنّى"، "وطي صوتك"، و"مش خايف علبنان".
بعد تحضير دام 4 أعوام، طرح ألبوم "العد العكسي" عام 2014، تضمّن الألبوم 15 أغنية وهي: "العد العكسي" و"لعبة الحياة"، اللتان استخدمتا كتيترات البداية والنهاية في مسلسل "لعبة الموت"، "محتاج لإلك"، "الليلة ليلتنا"، "لما بشوفك"، "مش عم بتروحي من بالي"، "إنت ومعي"، "لو تعرف"، "صلاة فنان"، "قلبك على قلبي"، "حدا قلّك"، "لحن قلبي"، "إيه أحبه"، "كنا اتفقنا"، و"بعشق روحك" وهي ديو مع الفنانة ألين لحود. كما طرح أيضاً "أنا بصراحة"، "مش انت حبيبي"، "دقوا على الخشب" ديو مع الفنان الإماراتي حسين الجسمي، "لا تخاف من شي"، "كمل حياتك"، "مش مرتاحة".
عام 2016، فاز مروان خوري بالإجماع برئاسة نقابة الموسيقيين المحترفين في لبنان، كما تمّ تنصيبه رسمياً كعضو في جمعية " Sacem " الفرنسية للمؤلفين والملحنين في العام نفسه.
إبداع لا محدود مع زملائه النجوم
إذا كان النجاح حليف أعماله الخاصة، فإن بصمته الإبداعية تركت أثراً واضحاً في أعماله لزملائه الفنانين، سواء كمؤلف وملحن في الوقت نفسه أو كمؤلف أو كملحن على حدة، وتمكن من إثبات نظرية عدم تفرّده بالأعمال الناجحة لنفسه، معتمداً أسلوب تقديم الأغنية المناسبة للفنان المناسب. وخلال مسيرته الفنية، نجح مروان خوري في التعامل مع عدد لا يحصى من النجوم، منهممنهم ماجدة الرومي، صابر الرباعي، نوال الزغبي، نجوى كرم، أصالة، فضل شاكر، إليسا، باسمة، كارول سماحة وغيرهم.
تفوّق في تترات المسلسلات
أبدع الفنان الشامل مروان خوري في إضفاء لمسته الخاصة على الأعمال الدرامية، المحلية والعربية، ونجح بتفوّق في تصدّر المراتب الأولى لتترات المسلسلات، سواء تلك التي قدّمها بصوته أو بأصوات نجوم آخرين. ومن هذه الأعمال: "حبي الأناني" و"أكبر أناني" لمسلسل "تشيللو"، "ناطر" من مسلسل "علاقات خاصة"، "قلبي دق"، "الحب رجائي" من مسلسل "قابل للكسر"، "يا بتكوني لإلي" من مسلسل "مذكرات عشيقة سابقة"، "العد العكسي" و"لعبة الحياة" من مسلسل "لعبة الموت"، "لو" بصوت الفنانة إليسا، "حبيني" بصوت الفنان راغب علامة لمسلسل "24 قيراط"، و"مش أنا".
تجربة درامية وحيدة
إستكمالاً لإبراز مواهبه المختلفة، شكّلت تجربة مروان خوري الدرامية الأولى، والوحيدة حتى اللحظة، قفزة نوعية في حياته الفنية ربما لم يتوقعها الكثيرون. فقد وقف خوري عام 2015 أمام عدسة المخرج صفوان نعمو ليؤدي دور البطولة في قصة "حنين"، إحدى ثلاثيات مسلسل "مدرسة الحب"، والتي جمعته مع الفنانة الجزائرية أمل بوشوشة.
أكاديمية للموسيقى والفنون
تأكيداً على حرصه على تنمية المواهب الموسيقية وصقلها، أعلن مروان خوري عام 2015، إفتتاح أكاديمية مروان خوري لتعليم الموسيقى والفنون المختلفة.
من فنان شامل إلى... مُحاور
مرة جديدة، أكد مروان خوري للجميع بأنه فنان متعدد المواهب ومقدام في الوقت نفسه، ولديه العزيمة والاندفاع لخوض غمار تجارب جديدة عليه... وهذه المرة كانت من خلال انضمامه عام 2017 إلى قافلة الفنانين الذي قدّموا برامج فنية تلفزيونية، وتقديمه برنامج " طرب " على شاشة التلفزيون العربي، وهو من إخراج وليد ناصيف.
مروان خوري والمشاكل الفنية
على الرغم من شخصيته الهادئة وطباعه المتزنة، إلا أن لـ مروان خوري حصة وافرة من الخلافات وإن لم تكن مقصودة بمعظمها، والبداية مع الفنانة باسمة التي حققت معه نجاحات كبيرة في ألبوميها الأولين، لكن الخلاف بدأ بينهما عندما منح مروان أغنية "اتطلّع فيي" للفنانة كارول سماحة لإعتباره أن باسمة وضعتها "في الجارور" ولم تصدرها لفترة طويلة، بينما أعادت الأخيرة السبب إلى إنجابها ابنتها غايا وتفرّغها لرعايتها. واستمرّ الخلاف سنوات عديدة حتى وفى مروان خوري بوعده لها، وقدّم لها أغنية خاصة بعيد الأمهات.
المشكلة نفسها تكررت عام 2006، ولكن هذه المرة بسبب أغنية "كرمالك" التي أصدرتها الفنانة إليسا ضمن ألبوم "بستناك"، الأمر الذي أثار حفيظة الفنانة المعتزلة أميرة، فأسرعت وأصدرتها بصوتها بعدما كانت قد حصلت على حقوقها من مروان قبلها بسنوات، لكن ظروفها العائلية أجبرتها حينها على الاعتزال.
خلاف مع روتانا و إليسا معاً
هذه المرة جاء دور أغنية "تعبانة منك" لتكون سبباً جديداً في الخلاف مع روتانا، ومع إليسا أيضاً، فبعدما رفضت شركة روتانا إصرار مروان خوري على الحصول على الحقوق المادية والمعنوية للمؤلف والملحن، عمدت إلى سحب الأغنية من الألبوم. وعندما غضّت إليسا النظر عن إصدار الأغنية على حسابها الشخصي، على العكس من الفنان فارس كرم الذي أنتج أغنية "لبنان" بنفسه حينها، قدّم مروان الأغنية للفنانة ريم نصري، شقيقة الفنانة أصالة، فثارت الثائرة من جديد.
ورغم الخلاف بينهما، عزّت إليسا مروان خوري بوالدته الراحلة، التي توفيت خلال شهر تموز/يوليو عام 2019.
مقاطعة للموريكس دور
على الرغم من حصوله على جائزة الموريكس دور أولاً كأفضل ملحن ومن ثم جائزة الفنان الشامل، إلا أن تلبيته لطلب القائمين على الجائزة واستلامه جائزة أفضل أغنية "لو" بدلاً من إليسا الغائبة، أوقعه في مطب التراشق الكلامي عبر وسائل التواصل الإجتماعي مع معجبي إليسا ورفع من وتيرة الخلاف بين النجمين، ما دفع خوري إلى اتخاذ قراره بمقاطعة الموريكس دور في نسخته التالية.
العازب الرومانسي الأشهر
ويبقى القول إن مروان خوري عاشق الكلمة واللحن ومعشوق النساء وعشاق الرومانسية، لا يزال العازب الرومانسي الأشهر، ولم تنفع علاقاته العاطفية في تغيير هذا اللقب!