الليلة، إعادة بث مسرحية "الطائفة 19" على شاشتي LBCI وLDC عند الساعة العاشرة إلا ثلثاً، والتي شكلت نقطة انطلاق لافكار مسرحيات اخرى تشبهها، فهي الوحيدة التي طرحت موضوعاً مهماً كالطائفية، ووجدت له حلاً فأضحت نقطة تحول في عالم المسرح.
فهي أكثر من مجرد عمل مسرحي، هي رسالة ومشروع وطني جعله الأخوان فريد وماهر الصباغ حقيقة، فطرح موضوع الطائفية لم يكن يوماً بهذه الجرأة ولم يسبق ان رأيناه بهذه الطريقة في اي عمل آخر. كيف لا وهو حصيلة 3 سنوات من العمل الذي اكتمل في العام 2014 حين عرضت أول مرة على المسرح. العمل من بطولة يوسف الخال، كارين رميا، نبيل ابو مراد، خالد السيد، نزيه يوسف، اسعد حداد، عبدو شاهين، جيسي عبدو، زاهر قيس وغيرهم، وأحدثت تغييراً كبيراً في نظرة الرأي العام وذلك بسبب طريقة الطرح المميزة، حيث تم فيها وضع الاصبع على الجرح، وألقي الضوء على مشكلة الطائفية الواضحة التي تم ابرازها في قصة تحكي عن مجموعة سجناء اجتمعوا بين 4 جدران وهم من 18 طائفة مختلفة، وعلى هذا الاساس تم اختيار كل ممثل من هذه الطوائف ليمثل طائفته الاساسية في العمل، فتم نقل الصورة الصحيحة لها وبمصداقية، ولهذا السبب تشبه مسرحية "الطائفة 19" وطننا.
وتجرأ الاخوان الصباغ على طرح المواضيع التي تحصل معنا كما هي من دون اي تغيير للواقع، فعرفنا كل طائفة ما هي هواجسها ومشاكلها وكيف تتعامل الدولة معها في سجلاتها، لكن الابرز في هذه المسرحية، هو الحل الذي طرحته لمشكلة الطائفية السياسية، وهذا ما لم نشهده في اي عمل سابق بهذه الطريقة القانونية الفعالة التي قد تغيّر الانظمة جميعها، وهو الاحتيال على السجلات الموجودة في الدولة، فقد كشفت المسرحية مادة في القانون رقم 60 من عام 1936 وهي الحق لأية جماعة تؤمن بنفس المعتقدات ان تتقدم للدولة بطائفة جديدة وذلك لان قانون الاحوال الشخصية في لبنان لن يرضي كل الاطراف، لذلك اتى الحل برفع طلب الى الدولة للاعتراف بالاشخاص الذين يؤمنون بنفس المبادئ الوطنية كطائفة جديدة.
لم يتم تصوير الطائفية للمشاهد كمشكلة بل كحالة مرضية تؤدي الى تراجع في الخلايا الدماغية المسؤولة عن التواصل الاجتماعي، وعندما وجد العالم الياباني في المسرحية حبة دواء تلغي هذا المرض من داخلنا، رفضت الدولة ذلك، ما يثبت ان الزعماء يريدون ان تبقى الطائفية منتشرة فينا ليتحكموا بنا ولمصلحتهم الخاصة.
وفي وجه النفق الاسود، تم أخذنا الى الضوء في آخره وهو الجيش اللبناني، المؤسسة الوحيدة التي ما زالت الامل الوحيد لخرق الطائفية الموجودة في لبنان، اذ ان روح الوطنية هي التي تتغلب على روح الطائفية عند كل جندي. وتحكي المسرحية عن الجسم الاعلامي الذي قد يشبه الجيش في بعض الامور.
من الجميل ان يتم طرح موضوع كهذا ليكون بادرة خير نحو تحقيق الموضوع بشكل جدي اكثر والذي من الممكن ان يصبح مشروعا وطنيا في لبنان.