حلول السنة العاشرة على غياب الشاعر محمود درويش لم تكن مجرد ذكرى، بل هي حملت جزءا صغيرا مما يستحقه ويجعل الاجيال الصاعدة تغرف من معرفته وعمق فكره وفلسفته وكِبر قيمة الانسان والحب والوطن والامل في فكره ووجدانه، وهذا ما حدا بالجامعة الحديثة للادارة والعلوم MUBS، لإطلاق كرسي الشاعر محمود درويش، للحفاظ على إرثه الفكريّ القيّم ونقله للأجيال. تغطي هذه لمبادرة إهتمامات الشباب اللبناني والعربي والعالمي وحقّه بالاستفادة من كنوزه وتراثه.
أقيم الاحتفال في قصر الاونيسكو في بيروت، بتنظيم كامل من الجامعة تُشكر عليه وعلى الشكل الذي تمت به فعالياته من ألفها الى يائها. بالتعاون مع السفارة الفلسطينية في لبنان وحضور سفيرها الاستاذ الدكتور أشرف دبّور، وحضور شخصيات سياسية واعلامية وفكرية وفنية ومن المجتمع المدني.
على مسرح تملؤه صور واقوال درويش المعلقة في المكان، وعلى جانب منه عدة عمل الرسام التشكيلي صاحب الريشة الفنية الرشيقة برنارد رنو، الذي وطوال مدة الاحتفال كان يرسم مباشرة لوحة للراحل. انطلق الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني ثم الفلسطيني، ثم كلمة ترحيب من مضيفة الحفل الاعلامية والشاعرة والاعلامية لوركا سبيتي، التي استشهدت اكثر من مرة بكلام وشعر لمحمود درويش الذي لا يمكننا الا ان نشعر بتأثّرها الكبير فيه.
شكرت لوركا كل من ينير قناديل الظلام الدامس وكل من يساهم بنشر الوعي من اي منبر، ورحّبت بأعضاء لجنة كرسي محمود درويش، ومن بين اعضائها امين عام اتحاد الكتاب اللبنانيين الاستاذ الدكتور وجيه فانوس ورئيس مجلس امناء الجامعة الحديثة للادارة والعلوم الدكتور حاتم علامي والاستاذ الدكتور زياد ابو عمرو من مؤسسة محمود درويش، والفنان مارسيل خليفة من اعضاء هذه اللجنة الا انه اعتذر عن الحضور، والدكتورة كلوديا شمعون ابي نادر، وقد اعتلَوا المسرح حيث تم تكريمهم بوشاح لجنة كرسي محمود درويش، وتسليمهم الدروع.
ثم كانت كلمة لرئيس الجامعة الدكتور حاتم علامي، شدد فيها على مبادرة الجامعة بإطلاق كرسي محمود درويش وبأن لامعنى للعلم بلا ثقافة فالعلاقة بينهما هي علاقة الجسم بالروح، الشباب يبحثون عن مواكبة العلم بالعلم، وكرسيه ليس فقط لتكريمه بل لحمل وصيته والعمل دائما على قضية درويش التي لا تموت، هي منبر لتكريم كل الابداعات بمواكبة من مؤسسة محمود درويش ومن جامعة بروكسل. تلت كلمته كلمة لراعي الاحتفال لتعود وتطل كارلا لتقدم الفنانة سمر كمّوج.
اعتلت المسرح الفنانة سمر كمّوج وفرقتها الموسيقية تحت اشراف موسيقي للمايسترو الاستاذ عدنان نمير، حيث غنّت مباشرة أغنية "أحن الى خبز أمي"، من شعر محمود درويش، وبعد غنائها لها والتفاعل الكبير الذي لاقته من الحضور، وجّهت التحية لروح الشاعر درويش والف تحية للفنان مارسيل خليفة الذي ساهم كما قالت بانتشار قصائد محمود درويش في العالم العربي والغرب، مرحبة بالحضور ، ثم قدمت اغنية "ريتا"، التي غناها معها الحضور باحساس كبير.
ثم كانت كلمة لسفير دولة فلسطين الاستاذ الدكتور أشرف دبور، دعا فيها لان يكون كرسي محمود درويش للادب والشعر، محطة لتأليف جبهة للثقافة، وليكن اسمه جوهر انتمائنا، فهو الثائر في شعب والشعب في ثائر، مسيرته مستمرة حتى النصر. ثم كانت كلمة شعر للشاعر شوقي بزيع، "لكأن شعره لا يتلهف بالتشويق بل بالآهات، يأتي اليه الاطفال ليكبروا بظلاله والفقراء ليهتفوا معه نحن نحب الورد ولكننا نحب القمح اكثر، عاش في هذه الدنيا وكأنه ضيفا عليها، لبنان وفلسطين في تزاوج وكأنهما شطران لبيت شعر واحد".
ليلقي بعده كلمة مؤسسة محمود درويش الاستاذ الدكتور زياد ابو عمرو، الذي ذكر كم من الناس العرب والاجانب يرتادون ضريح درويش في بلدته البروة وخصوصا من الجليل ومن مختلف الاعمار، هو من يأخذنا بقصائده الى اماكن لم يرتدها احد من قبله، مؤسسته تقيم الندوات واللقاءات على الدوام وتقدم جائزة ثانوية لارباب العلم والفكر لتخليد ذكراه وفكره، هو الذي بنى علاقة وثيقة مع القراء. رسالتنا لكم اننا صامدون فنحن وكما قال شاعرنا الكبير مصابون بأمل لا شفاء منه ولا مفر امامنا الا ان نحاصر حصارنا حتى تصبح ارضنا مستقلة، فهي ام البدايات وام النهايات، وعلى تلك الارض ما يستحق الحياة.
تلت كلمته، كلمة امين عام اتحاد الكتاب اللبنانيين الاستاذ الدكتور وجيه فانوس عضو لجنة كرسي محمود درويش، الذي اعلن عن انطلاق اعمال هذا الكرسي والذي قال ان درويش انطلق على بعد امتار من هنا من كلية التربية في العام 1968، واليوم ذكراه العاشرة وها هو ينطلق من جديد، انها عضوية الالتحام بين لبنان ومحمود درويش.
ثم قدمت فرقة الكوفية للفنون الشعبية الفلسطينية، عرضا جميلا راقصا على موسيقى وكلام لدرويش، بلغ ذروته على مقطع من اغنية "سقط القناع" للفنانة ماجدة الرومي ايضا من كلمات محمود درويش، والتي بثت الحماس وروح الوطنية لدى الحاضرين. تلتها عودة ختامية للفنانة سمر كمّوج التي قدمت اغنية للقدس اختارتها على الرغم من انها ليست من كلمات الشاعر درويش الا ان كلماتها وكأنها كُتِبت للزمن الحالي، كما قالت.
وكان تكريم لسمر فالرسام برنارد رنو الذي انهى لوحته التي حملت صورة رائعة للشاعر الراحل، وتكريم ايضا للاعلامية لوركا سبيتي التي قدمت الحفل بمستوى عال من الابداع والاحتراف.
وفي حديث خاص الى موقع الفن، قالت الفنانة سمر كموج انها شاركت في هذه المناسبة مع ان اطلالاتها الفنية ليست بكثيرة لانها لبت الدعوة حين طُلب منها ذلك، وهذه المناسبة رسمية، كما ان لا احد يمكنه ان يرفض الغناء لمحمود درويش فهذا بمثابة اضافة لعملي الفني ان اغني للشاعر الكبير محمود درويش، علما انني غنيت من اعمال عدد كبير من الشعراء، الا انني غنيت سابقا لدرويش في مهرجان جرش وتسعدني المشاركة الليلة التي لها خصوصيتها والتي تشكل بالنسبة لي المشاركة الثانية في اعماله.
ماذا تقول عن هذه المناسبة اليوم وكم يُعوّل عليها؟
نحن سعداء كثيرا بهذا الحدث والمشاركة، والامر يتطلب جهدا كبيرا وتعاونا ودعما لانجاحه، ونحن نعلم ذلك لكي نضمن استمرار وتطور هذا المشروع. نحن جاهزون لادخال فكر محمود درويش في منهاجنا بدءا من الخريف المقبل وذلك ضمن دراسة للادب والشعر خلال الحقبة لزمنية التي عاشها محمود درويش ، هذا في الجانب الاكاديمي. اما في الجانب الثقافي، فاللجنة هي بصدد وضع رزنامة سنوية للنشاطات والتي تشمل مروحة في مختلف النشاطات في النثر والشعر والرسم والمسرح لتكريم المبدعين وفتح باب الحوارات حول فكر محمود درويش، وهذا سيشكل حافز وفرصة للتعرف علىيه كل هذا الفكر والتراث، فهو ليس حالة منعزلة عن كل التطور الذي حصل لذلك من المناسب درس هذا النتاج بإطار السياق التاريخي وهنا يكمن الفاعل بتسليط الضوء اكثر على فكر محمود درويش.
لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً، إضغط هنا .