برزت موهبة الممثلة السورية مي سكاف والملقّبة بـ"الفنانة الحرة" و"أيقونة الثورة"، وهي من مواليد 13 نيسان/أبريل عام 1969.
عندما كانت طالبة في قسم اللغة الفرنسية بجامعة دمشق، شاركت في مسرحيات وأنشطة فنية جامعية، وهو ما لفت إنتباه المخرج السوري ماهر كدو، الذي سرعان ما إختارها لبطولة فيلمه "صهيل الجهات" عام 1991.
ومع إنطلاق الأحداث في سوريا في العام 2011، أعلنت تأييدها لـ"الثورة السورية" وشاركت في العديد من التظاهرات والإعتصامات التي شهدتها دمشق، وتعرضت للإعتقال مراراً قبل أن تضطر إلى مغادرة سوريا عام 2013، حيث إستقرت في فرنسا، ولديها إبن يبلغ من العمر 20 عاماً، وكان يقيم معها في باريس.
مي سكاف والصعود والنجومية في الساحة الفنية السورية
سجّل فيلم "صهيل الجهات" حضوراً فنياً لافتاً لـ مي سكاف ، التي إختارها كذلك، المخرج عبد اللطيف عبد الحميد، لتلعب دوراً في فيلمه "صعود المطر"، لتحقق سكاف المزيد من الصعود والنجومية في الساحة الفنية السورية، إذ اختارها المخرج الراحل نبيل المالح لمسلسله السينمائي "أسرار الشاشة".
وتنوعت أدوارها لاحقاً بين المسرح والتلفزيون والسينما، ولقبت في الوسط الفني السوري بـ"بطلة الأدوار المركبة والصعبة"، ولاسيما بعد أدائها لشخصية تيما في "العبابيد" للمخرج بسام الملا.
وبعد دورها في مسلسل "البواسل" مع المخرج نجدة أنزور، شاركت في مسلسل "بيت العيلة" من تأليف دلع الرحبي وإخراج هند ميداني، بعد ذلك ظهرت في عمل مختلف، بمسلسل بعنوان "لشو الحكي" للمخرج رضوان شاهين، وأدت في هذا العمل العديد من الأدوار في حكايات منفصلة.
وكانت مي سكاف تجتهد في تنوع أدوارها، وتسعى إلى مراكمة النجاح، عملاً تلو الآخر، وقالت في حوار سابق معها: "يجب ألا يقف الفنان عند دور معين إن كان دوراً ناجحاً أو فاشلاً، يجب أن يتجاوز نفسه وقدراته إلى الأفضل، وأن يعيش منطلقاً مع الجديد في حالة من التحدي الإيجابي".
أسست في عام 2004 "معهد تياترو" لفنون الأداء المسرحي في صالة صغيرة في ساحة الشهبندر، وسط دمشق، وبعد ذلك ولضيق المكان تم نقل المعهد إلى "ساحة القنوات"، حيث أقامت العديد من العروض المسرحية.
إنحازت لـ"الثورة السورية"
ومثلما كانت بداياتها قوية في مجال الفن، كذلك لمع نجمها على المستوى السياسي، عندما انحازت مي سكاف بكل حماسة إلى "الثورة السورية"، التي اندلعت في عام 2011.
وشاركت على خلاف الكثير من الفنانين والممثلين، في التظاهرات والاعتصامات التي شهدتها دمشق، وتعرّضت للإعتقال مراراً قبل أن تضطر إلى مغادرة سوريا عام 2013، حيث إستقرت في فرنسا.
وبدت منشغلة في سنواتها الأخيرة بتطورات الأزمة السورية وتداعياتها المأساوية، حتى أن استضافتها على الشاشات كانت تأتي للتعليق على الأحداث السياسية في بلدها، لا للحديث عن تجربتها الفنية.
ورغم أنها عادت في عام 2017 إلى عالم السينما، من خلال المشاركة في فيلم قصير تم تصويره في العاصمة الفرنسية باريس بعنوان "سراب"، إلا أن الأحداث في سوريا بدت طاغية على يومياتها في السنوات الأخيرة.
وكانت مي سكاف أثارت عام 2015 ضجة، وغضب الموالين للرئيس السوري بشار الأسد، حين وجهت رسالة قاسية عبر صفحتها الخاصة على احد مواقع التواصل الإجتماعي، لزميلتها الراحلة رندة مرعشلي، قالت فيها: "رندة مرعشلي.. ماذا ستقولي لربك إنك هتفتي باسم طاغية كان يقتل الأبرياء؟"، في إشارة إلى تأييد مرعشلي للرئيس السوري بشار الأسد.
وبسبب مواقفها الجريئة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، أظهرت تقارير إستيلاء السلطات السورية على منزلها في "جرمانا" بريف دمشق، كما صدرت بحقها أحكام قضائية بتهم تمس "أمن الدولة"، وفق الرواية الرسمية السورية.
رحيل مي سكاف : "لن أفقد الأمل"
توفيت مي سكاف عن عمر ناهز 49 عاماً في العاصمة الفرنسية باريس ليل الأحد 22 تموز/يوليو عام 2018، وأشارت نتائج التشريح الطبي إلى أن الوفاة حصلت بسبب تمدد الأوعية الدموية في الدماغ (aneurism).
وكشف الفنان السوري سميح شقير، قيام السلطات الفرنسية بختم بيت مي سكاف بالشمع الأحمر، مؤكداً أنها كانت تتمتع بصحة جيدة قبل فترة قصيرة من إعلان نبأ وفاتها.
وآخر التعليقات التي شاركت مي سكاف متابعيها إياها على إحدى صفحاتها الخاصة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي جاء فيه: "لن أفقد الأمل ... لن أفقد الأمل .. إنها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد".