هند صبري، ممثلة من الطراز الرفيع إستطاعت منذ أول تجربة تمثيلية لها، أن تشدّ إنتباه المخرجين والجمهور. وبقوة شخصيتها تمكنت من أن تؤدي دور المرأة بكل إحتراف، وأن تؤكد على أن المرأة العربية لها مكانة يجب أن تحترم.
مكتبتها الفنية غنيّة بالأعمال، التي تركت أثراً كبيراً في عقول المشاهدين، فهي لطالما أرادت من خلال أدوارها أن ترسل رسالة واضحة وصريحة وجريئة.
وعلى الرغم من بدايتها الفنية التي كانت من بلدها الأم تونس، إلا أنها إستطاعت أن تجعل لها مكانة كبيرة في الوسط الفني المصري تحديداً والعربي عامةً، وان تعرف الانتشار خارج حدود وطنها أيضاً.
من هي هند صبري؟
إسمها الحقيقي هند محمد المولدي الصابري، ولدت في ولاية قبلي التونسية في الـ20 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1979. حصلت على شهادة جامعية في القانون من كلية الحقوق في تونس عام 2001. وفي وقت لاحق أكملت دراستها لتحصل على الماجستير في قانون الملكية الفكرية في عام 2004.
شهدت حياة هند صبري العاطفية إرتباطاً من داخل الوسط الفني مع الممثل السوري باسل خياط ، وبقيا مخطوبين لمدة سنتين ونصف السنة، لينفصلا لاحقاً بسبب غيرة الأخير الشديدة.
بعدها تزوّجت من رجل الأعمال المصري أحمد الشريف في العام 2008، ولديهما إبنتان هما "ليلى" و"عليا".
بداياتها الفنية
بداياتها الفنية وتحديداً التمثيلية كانت من خلال فيلمين تونسيين هما "صمت الصقور " عام 1994 مع المخرجة مفيدة التلاتلي، والتي كررت التجربة معها في العام 2000 في فيلم "موسم الرجال "، ثم توالت أدوارها في عدد من الأفلام التونسية إلى أن جذبت هند انتباه المخرجة المصرية إيناس الدغيدي التي اختارتها لتلعب دور البطولة في فيلم " مذكرات مراهقة " الذي أثار جدلا كبيرًا حوله في العام 2002. هذا الدور شكَّل نقطة تحول في حياتها الفنية ومنحها شهرة واسعة في أنحاء الوطن العربي وفي خلال فترة قصيرة أصبحت هند صبري واحدة من أبرز الممثلات التونسيات في مصر والوطن العربي.
شاركت بعدها في الكثير من الأفلام السينمائية والمسلسلات أبرزها "مواطن ومخبر وحرامي"، "عايزة حقي"، "إزاي البنات تحبك"، "أحلى الأوقات" ، "التوربيني"، "الجزيرة"، "عمارة يعقوبيان"، " لعبة الحب "، "أحلى الأوقات"، "بنات وسط البلد"، و الكنز .
وللوقوف لحظة عند دورها في فيلم " لعبة حب "، فهو شكل حينها صدمة لدى المشاهدين نظراً للدور الجريء الذي لعبته هند صبري فيه اذ تتخلى في مشهد عن ملابسها بالكامل مع الإشارة إلى عدم وضوح أي أجزاء من جسدها للكاميرا ،وذلك أمام الممثل خالد أبو النجا.
قدمت أول أدوارها الكوميدية الناجحة من خلال مسلسل "عايزة أتجوز"، والذي عرض في الموسم الرمضاني عام 2010، لتتوالى مشاركاتها في بطولة عدد من المسلسلات من بينها "فيرتيجو" عام 2012، و"إمبراطورية مين" عام 2014، و"حلاوة الدنيا" في رمضان عام 2017، الذي شاركها فيه بطولة الممثل التونسي ظافر العابدين، وحققت معه نجاحاً كبيراً وحصدا جائزة أفضل ممثل وأفضل ممثلة عن دورهما فيه، ضمن جوائز "الموريكس دور" لعام 2017.
وعن غيابها في الموسم الرمضاني التالي بعد " حلاوة الدنيا "، أعلنت هند صبري أن النجاح الكبير الذي حققته من خلال هذا المسلسل دفعها إلى الغياب في إنتظار الدور المناسب، الذي يليق بهذا النجاح ولكي يشتاق اليها الجمهور لها.
ومن هنا غابت هند صبري خلال العام 2018 كلياً، لتعود في عام 2019 بقوة من خلال 4 أفلام هي "نورا تحلم" الذي عرض دولياً في العديد من المهرجانات، وحصد حتى عام 2020 إجمالي 8 جوائز، 4 منها لـ هند صبري، كان آخرها جائزة أفضل ممثلة عربية من "مؤسسة الفيلم العربي".
فيلم "الممر" والذي شاركها بطولته الممثلين أحمد عز، أحمد رزق، إياد نصار، أحمد فلوكس، محمد فراج، أحمد صلاح حسني، محمد الشرنوبي وغيرهم، وحقق نجاحاً كبيراً.
كما قدمت خلال عام 2019 فيلمين هما الجزء الثاني من فيلم "الكنز" والجزء الثاني من فيلم "الفيل الأزرق" الذي فازت من خلاله بجائزة أفضل ممثلة سينما لعام 2020 حفل توزيع جوائز السينما العربية "ACA" الذي أقيم عبر"يوتيوب".
كما تشاررك هند صبري في مسلسل "هجمة مرتدة"، الذي يجمعها بالممثل أحمد عز، وفيلمي "كيرة والجن" مع الممثلين المصرين كريم عبد العزيز وأحمد عز وروبي وأحمد مالك، والجزء الثالث من "الفيل الأزرق"، بالإضافة لإنضمامها لعائلة منصة "نتفليكس"، من خلال عمل درامي كوميدي ستتولّى بطولته وتنفيذ إنتاجه.
وكذلك، شاركت في أعمال أخرى، ومنها برنامج الرسوم المتحركة "قصص النساء في القرآن" عام 2013، بالإضافة إلى بعض المسلسلات الإذاعية، ومنها "قلقان في مصر" و"سهم الزيتون طلع"، كما قدمت برنامجين تلفزيونين هما "الشقة" عام 2010 و"عالم سمسم" عام 2010، بالإضافة الى تقديمها برنامج "مش مسلسل هند صبري" عبر قناتها على "يوتيوب" وعلى صفحاتها على مواقع التواصل الإجتماعي، والهدف منه التواصل مع الأشخاص الذين منعهم تفشّي فيروس كورونا من تحقيق حلم ما كان يراودهم أو تنفيذ مشروع ما، ومحاولة التخفيف عنّهم وبثّ مشاعر السعادة والتفاؤل بنفوسهم في هذه الأوقات الصعبة.
نشاطاتها الإجتماعية
إلى جانب نشاطها ودورها كممثلة أثبتت مكانتها، عملت هند صبري على إثبات مكانة لها كناشطة إجتماعية في مجال مكافحة الفقر، وفي العام 2013 إختارتها مجلة CEO Middle East ضمن قائمة أقوى 100 إمرأة عربية، والتي تصدرها المجلة، وضمت القائمة مجموعة من النساء العربيات صاحبات بصمات مؤثرة في مجالات الثقافة والسياسة وتنمية المجتمع.
وإضافة إلى هذا الجانب الإنساني، نشطت على صعيد دعم المرأة، وكانت واحدة من أبرز 4 نساء قمن بالإسهام في الترويج لحملة إنتفاضة المرأة في العالم العربي على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي، وهي حركة مستوحاة من ثورات الربيع العربي، وتطالب بحق المساواة بين الجنسين طبقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر من الأمم المتحدة، كما تنادي بضمان الحرية والاستقلال والأمان للنساء العربيات.
أسست ومعها مجموعة من الشخصيات العامة والبارزة في المجتمع المدني التونسي، داخل البلاد وخارجها، جمعية "مفيد" لدعم محافظة "قبلي "بالجنوب التونسي (427 كلم عن العاصمة تونس)، وهي المدينة التي تنحدر منها أصول عائلتها. وهي جمعية أهلية الغرض منها تنمية المجتمع سواء ثقافياً أو مجتمعياً أو صحياً، وتقوم أيضا بدور تنموي وتوعوي في إطار أفكار المواطنة، التي تحكم المجتمع التونسي.
بعض إنجازات هند صبري الإنسانة والفنانة والمرأة
تم تعيين هند صبري سفيرة لمكافحة الجوع ضمن برنامج الأغذية العالمي في كانون الثاني/يناير عام 2010، وذلك بعد تطوعها للعمل بالبرنامج منذ فبراير لعام 2009.
وأُعتبرت هند صبري في العام 2020 واحدة من الأشخاص الذين نالوا جائزة نوبل للسلام، وذلك بعد فوز البرنامج بهذه الجائزة، بالتالي تُعتبر جزءاً من الذين تقصدهم نوبل بالتقدير.
وعلّقت على الموضوع قائلةً: "فخورة أنني جزء من عائلة برنامج الأغذية العالمي والتي أتشرف بكوني سفيرة لهم على مدى أكثر من عشرة أعوام. وأهنئ نفسي وزملائي في المنظمة عبر العالم لحصولها اليوم على جائزة نوبل للسلام، وهي تأكيد لنا جميعاً أن السلام العالمي لن يتحقق إلاّ بالقضاء على الجوع في كل مكان".
شاركت في اليوم العالمي لمناهضة عمل الطفل بصفتها سفيرة لبرنامج الأغذية العالمي لمكافحة الجوع، فقد يستفيد حوالى 400 ألف طفل وأفراد أسرهم من مشروعات التغذية المدرسية، التي ينفذها برنامج الأغذية العالمي في 11 محافظة تعد الأفقر في مصر، بينها محافظات بني سويف والمنيا وسوهاج وقنا وأسيوط، بالإضافة إلى محافظة الفيوم.
كما حصلت على الكثير من الجوائز منذ بداية إنطلاقتها وإلى اليوم، ومنها جائزة " دير جيست " مرتين كأفضل ممثلة في الشرق الأوسط، مرة في العام 2012 عن دورها في فيلم "أسماء"، والمرة الثانية في عام 2014 عن دورها في فيلم "الجزيرة 2".
وحصلت أيضاً على وسام الفنون والآداب برتبة فارس، كتكريم لها من قبل وزارة الثقافة الفرنسية، وهو واحد من أعرق التكريمات الثقافية الفرنسية، وسلّم لها السيد جان لوك لافو، مستشار التعاون والنشاط الثقافي ومدير المعهد الفرنسي بمصر.
إستطاعت هند صبري أن توصل بلدها الأم تونس إلى الأوسكار، وذلك بعد أن رشحت وزارة الثقافة الفرنسية فيلم "زهرة حلب"، التي تقوم ببطولته إلى لائحة الجوائز.
خاضت أولى تجاربها الإنتاجية، وعمدت إلى تأسيس شركة إنتاج خاصة بها "Salam PROD"، بهدف تنفيذ أعمال معينة تحلم بها، من دون أن تلتزم الشركة بتقديم أعمال بشكل منتظم سنوياً.
ندمت على العمل مع خالد يوسف
أعربت هند صبري عن ندمها على التمثيل في فيلم "ويجا"، وقالت إنها نادمة على العمل مع المخرج المصري خالد يوسف فيه، مؤكدة أنها لن تغامر بتكرار التجربة، وذلك لمبالغته في تصوير المشاهد الجريئة، وأنها لا تستطيع أن تحجر على حريته، إضافة إلى عدم وجود كيمياء بينهما.
وقالت خلال مقابلة تلفزيونية: "ما فيش حد ماقدمش تنازلات، زي أفلام كان ممكن ماعملهاش في ظروف أخرى، كنت محتاجة أشتغل علشان اتعرف وانتشر".
وبمواجهة خالد يوسف في مقابلة بفيديو هند صبري تقول فيه إن هناك مشاهد إعترضت عليها معه بسبب أنها ليست في السيناريو فرفضت تقديمها، وخالد تفهم ذلك، ليرد:" هند صديقتي جدا وأحبها، لكن هي لا تقول الحقيقة باختصار لأن الحقيقة المشاهد موجودة بالسيناريو، وعندما اعترضت عليها في التصوير قلت لا بد تتنفذ وبالفعل نفذت المشهد بينها وبين محمد الخلعي".
الإعتزال
عمّا إن كان ممكناً أن تفكر هند صبري في الإعتزال، بعدما صرّحت أنها شعرت بعد مسلسل "حلاوة الدنيا" بالإكتفاء، لفتت بمقابلة في أحد البرامج إلى أن "خطوة الاعتزال غير واردة في الوقت الحالي، فهي لا تزال لديها المزيد لتقديمه".
وعن اعتزالها للأدوار الجريئة، تشير الى أنها تعتبر فيلمها "أسماء" جريء، وكذلك شخصيتها في "حلاوة الدنيا"، فالجرأة هي تقديم شخصية مختلفة وصادمة، وهي تبحث دائماً عن أفكار بعيدة عن النمطية وهذا ما تعمل عليه في اختياراتها، وما شجّعها أيضاً على أن تؤسّس شركة الإنتاج الخاصة بها كي تنفذ من خلالها الأعمال التي قد لا يتحمّس لها منتجون آخرون، وليس شرطاً أن تكون هي بطلة العمل.