في زمن انحاز فيه الفن عن شروطه الأساسية، ليصبح في غالبية الأحيان مادة مثيرة لجذب المشاهدين لا أكثر، وفي وقت أصبح محبّو الطرب الأصيل قلائل، فوجئنا بكثرتهم في العاصمة بيروت من أجل سماع صوت الفنان التونسي لطفي بوشناق، الّذي أبدع بأدائه أمام الآلاف الّذين توافدوا من مختلف المناطق من تونس ولبنان.
فبرعاية وحضور وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور غطاس خوري، أقيم حفل تكريم للفنان التونسي لطفي بوشناق والاوركسترا في مهرجان "ربيع بيروت" في دورته العاشرة للعام الحالي.
ما إن فتحت ستائر المسرح، حتّى علت أصوات الحاضرين تصفيقا، وشرعت الأوركسترا بالعزف على أهم الآلات الموسيقية التي أطربت آذان الجمهور حتّى منتصف الليل.
ما إن اعتلا لطفي بوشناق المسرح، حتّى وقف له الجمهور احتراما لما قدّمه من مسيرة فنية ناجحة في حياته، واحتراما لعطاءاته المميزة.
افتتح بوشناق المهرجان بأغنية "عجبي منك ومني"، ليتحوّل بعدها الجمهور إلى كورال غنّى معه أجمل أعماله الفنية.
بوشناق الّذي لم يغفل يوما عن القضايا العالمية والعربية، غنى للوطن، ولفلسطين.
وغنّى التراث الشعبي والاندلسي والمووايل التي صدحت بسماء بيروت، وأخذت الحاضرين برحلة إلى عالم منسجم مليء بالرومانسية والمشاعر القوية.
وبمقابلة خاصة أجريناها مع بوشناق، وعند سؤاله حول ماذا يعني له المسرح اللبناني بعد مسيرة فنية طويلة وما اذا كان يشعر بمسؤولية تجاهه بشكل خاص؟ قال إنّه يقول دائما إن كل يوم هو بداية جديدة له فالفن هو بحر ومحيط، والوقوف على مسرح في بيروت هو كما على اي مسرح، فالمسارح بالنسبة اليه جميعها مقّدسة، مثل طبيب الجراحة الّذي يهدف دائما إلى إنجاح العملية التي يجريها تحت أي ظرف وفي أي مكان إن في المستوصف أو في المستشفى. الجرّاح يمكن أن يقتل شخصا، أمّا الفنان إذا فشل فيقتل شعبا، متمنيا أن يكون دائما صادقا مع جمهوره ومع الرسالة التي يريد إيصالها.
وعما إذا كان يفتخر بعروبته في ظل الضغوطات التي تمارس بحق القضية الفلسطينية والعرب الصامتين في غالبية المواقف؟ قال إنّه عربي أصيل وبأصالته تكمن علّته، وإنه لا يمكن قياس الزمان بعشرة أو عشرين سنة، فتاريخ الأمم هو عبارة عن مئات السنوات. مشيرا إلى أنّ لديه ثقة كبيرة في الشعب العربي.
وخلال المقابلة، لفت بوشناق إلى أنه افتقد للعديد من أساتذة الفن الكبار، مثل الرحابنة، وأستاذه الفنان وديع الصافي، والسيدة فيروز، التي تمنّى أن يتواصل معها وابنها الفنان زياد الذي قدّم له تحية كبيرة.
وفي ختام المهرجان، تم تقديم درع تكريمي من قبل الوزير لبوشناق احتراما لعطائه الفني ومسيرته الناجحة.
لكن، هنا لم تتوقّف أحداث هذا المهرجان، فلاحظنا خلال إجرائنا المقابلة مع بوشناق طريقة تعامل سيئة من قبل الحرّاس مع أهل الصحافة الّذين حضروا لتغطية هذا الحفل احتراما لحضوره إلى لبنان، ونتمنّى كسلطة رابعة أن يتم احترام الصحافة بعدما قامت بتلبية دعواتكم.
لمشاهدة ألبوم الصور كاملاً، إضغط هنا .