قلما نسمع عن البكاء وفوائده في دراسات الباحثين ووسائل الإعلام، ربما يعود السبب إلى أن البعض ينظر إلى البكاء على أنه سلوك عديم الجدوى، لكن الأبحاث والدراسات الحديثة أثبتت عكس ذلك تماما.
ونجد أن البكاء له قدرة كبيرة على تسكين الآلام النفسية والبدنية، وتحقيق نتائج أكثر فاعلية من أي مضاد إكتئاب، بالإضافة إلى فوائد أخرى.
وللبكاء تأثير على الحالة النفسية، وانعكاس ذلك على فعالية الإنسان في الحياة وأثناء العمل:
الشعور بالتحسن
قام مجموعة من العلماء بعرض أفلام حزينة على 60 شخص، ومن بين المشاهدين بكى 28 شخصاً، فيما لم يبكِ بقية المشاهدين البالغ عددهم 32 شخصاً، لتكشف هذه الدراسة بأن البكاء يشعر بالتحسن لأنه وبعد عرض الفيلم مباشرةً ، وجد العلماء أن الأشخاص الذين بكوا أثناء الفيلم شعروا بالحزن أكثر من أولئك الذين لم يبكوا، ولكن بعد 90 دقيقة من نهاية الفيلم وجد العلماء، أن الباكين شعروا بتحسن لافت عن نظرائهم غير الباكين، ليس هذا فحسب، بل تحسنت الحالة النفسية للباكين عمّا كانت عليه قبل مشاهدة الفيلم.
مضاد للاكتئاب
كشفت دراسة علمية بأن البكاء علاج طبيعي للتخلص من الإكتئاب، وهو خيرٌ من مضادات الاكتئاب الكيميائية، الأمر ليس ضربا من الخيال إنما مدعوم علميا، إذ تفيد دراسة علمية أجريت في جامعة فلوريدا الأمريكية بأن البكاء أكثر فاعلية من أي مضاد للاكتئاب في السوق. وخلصت الدراسة أيضا إلى أن البكاء الجيد حسّن مزاج 88.8% من الباكين الذين أجريت عليهم الدراسة، وفي المقابل، قال 8.4% من الباكين أن البكاء جعل مزاجهم أسوأ، ويظهر تباين النسب والأرقام التأثير الجيد للبكاء على الحالة النفسية والمزاج، وتقليص الشعور بالاكتئاب، وأضافت الدراسة بأن البكاء يمكنه أن يكون مهدئاً ذاتياً.
يحافظ على الهدوء ويخفف الضغط
أفاد علماء نفس، بأن البكاء ينقل الشخص من حال الحزن والتأثر إلى الانتعاش والتكيُّف مع الحدث والقدرة على نسيانه بشكلٍ أسرع، كما كشفت دراسة علمية هولندية، إلى أنّ الناس أكثر إقداما على الاتصال الجسدي "كالعناق مثلا" مع شخص يبكي عن شخص آخر لا يبكي، وأفادت بأن تلك النوعية من الاتصال الجسدي تخفف التوتر وتحسن المزاج. وفي نفس السياق، قال العلماء بأنه عندما تقوم بتجربة مجهدة، فإن هرمون الضغط "ACHT" والذي يعرف بـ"الهرمون الموجه للقشرة القظرية" الذي ينتشر في الجسم، وعندما يكون في الجسم القدر الكافي من هذا الهرمون، فهو يؤدي إلى تحفيز هرمون يحمل اسم الكورتيزول للانطلاق في الجسم، فيشعر الإنسان حينها بالضغط النفسي.
يقي من المرض ويخفف الآلام
بالإضافة إلى فوائده النفسية والشعورية للبكاء فوائد مادية وطبية قد تحميك من الإصابة بأمراض في العين، وتخفف بعض الآلام البدنية التي قد تصيب الإنسان. إذ تحتوي جميع أنواع الدموع سواء كانت عاطفية "كتلك الناتجة عن ألم نفسي أو بدني" أو دموع انعكاسية "كتلك الناتجة عن قطع البصل"على مادة الليزيوم، تلك المادة الطبيعية التي تتمكن من التخلص من 95% من الجراثيم التي تصيب العين، مما يجعل البكاء كالمطهر والمنظف والغاسل الطبيعي للعين. كما تحتوي الدموع العاطفية على إندروفين يحمل اسم "ليسين-إنكيفالين"، وهو المسؤول عن تقليص الآلام النفسية والبدنية وتحسين المزاج، وبذلك فإن البكاء يلعب دور المسكن الطبيعي للآلام البدنية والنفسية.
فعّال في المفاوضات
البعض من الناس يعتبرون اللجوء الى البكاء أثناء التفاوض على أنه وسيلة "دنيئة" لكسب المفاوضات، ولكنها في الحقيقة وسيلة "فعالة"، وفقا لما كشفته دراسة علمية جاءت تحت عنوان"ابكِ واحصل على المزيد: متى ولماذا الانفعال الحزين فعّال في المفاوضات"؟ وشخّصت الدراسة أربعة مواقف يكون فيها البكاء وسيلة فعالة في التفاوض:
أولا: عندما يكون الباكي في موقف عجز.
ثانيا: عندما يكون الشاهد على البكاء يتوقع رؤية الباكي في المستقبل.
ثالثا: عندما يرى الشاهد أن العلاقة مع الباكي تعاونية.
رابعا: في الحالات التي يكون فيها البكاء مبررا ونابعا عن الحزن وليس الغضب، تلك اللحظات التي لا يستطيع فيها أحد لوم الباكي على بكائه.