نشر الكاتب اللبناني مروان نجار، منشوراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هاجم فيه المخرج والمنتج نديم مهنا، وقال:
- إلى الراغبين في معرفة نقديّة رصينة
هكذا تعرّض النص لمحاولة اغتيال
في أصول الكتابة الروائيّة بكامل أنواعها ما يُعرَف بـ"نقطة الوسط" midpoint حيث يتكوّن لدينا انطباع عن انكسار البطل من جهة فينشغل بالنا عليه، وعن مخزونه الذي، من جهة متفائلة، سيقوده نحو ذروة التأزُّم climax تمهيدًا لبلوغ الحلّ falling action في ختام كارثيّ أو توافقي (catastrophic أو reconciliatory).
في حالة "سكت الورق" انطلقت الحبكة من "انعطاف أوّل" plot point 1 قاد البطلة إلى بلدة "جدّتها" المظلومة حيث وجّهت تحدّيًا إلى الأهالي.
بين حبيبٍ يناصرها ونسيبٍ يساندها وجوٍّ عامّ يناصبها العداء، ستمضي الحبكة في سلسلة حتميّة من التأزُّم المستمرّ، يقابلها عدد من العناصر الداعمة لموقف البطلة كي تواجه العراقيل مستندة الى عنادها وتصميمها، وسرّ اللص الملتحي والغامض الذي لا تهابه ولا يؤذيها، ودفاتر جدّتها الملأى بالحقائق القديمة.
وعندما تدرك أنّ ورق الدفاتر لن يكشف لها سرّ البلدة التي ظلمت جدّتها، تكون قد استفزّت الأهالي المضلَّلين كفايةً كي يلصقوا بها صفات الشعوذة نفسها التي كانوا قد ألصقوها بجدّتها.
وتكتمل "هزيمة" البطلة حين ينجح المحرّضون في تكريس التهمة وجمع حشد كبير ليقوموا برجم "الساحرة" و"التخلّص من شرورها".
هنا تكمن "نقطة الوسط" الرهيبة.
وإذ تقاوم البطلة ظلمهم وحكم الأهالي عليها وترمي بدفاتر جدّتها بين يدي صديقة الجدّة اللدود، تكون قد رسمت خطًّا متناميًا لانتصارها الآتي، غير أنّ حيويّة المعسكر المناوئ تبلغ بنا ذروة التأزُّم فيقوم المزارع المهووس والمختلّ بإطلاق النار على البطلة.
صديقة الجدّة تتلقَّى صدمتين:
١- الدفاتر أتت خالية ممّا يبرّئ الجدّة التي كتبت ذكرياتها، وذلك حفاظًا على سرّ الصديقة اللدود رغم ما سبّبته لها ولمصداقيّتها من أضرار...
٢- تعرّض "الحفيدة" لمحاولة قتل ظالمة بسببها.
فهمت الصديقة حجم الظلم الذي أوقعته بالجدّة في الماضي وبالبطلة الآن فيبدأ الحلّ.
كلّ هذا ما كان ليحصل لو لم نبلغ الهزيمة المحوريّة بظلم البطلة إلى حدّ محاولة رجمها في تظاهرة غضب جماعيّ.
ماذا فعل المخرج الألمعي؟
ألغى مشاهد التجمُّع لرجم البطلة.
ألغى قلب المرحلة الحيويّة والأساسيّة من الحبكة المحوريّة.
ألغى الـ midpoint.
وضاع المشاهدون بالمحبوسين الذين لم نشهد جرمهم ولم نشاهد تحريضهم ولا عشنا لحظة منعهم واقتيادهم الى المخفر.
وراح المخرج "يذهلنا" بعضلاته التصويريّة لتدريبات "أكشنيّة" تضعه في منافسة مباشرة مع كبار مخرجي هوليوود.
وفي المقابل... لا build up ولا إيقاع ولا جدليّة "سبب ونتيجة". لكن...
المناظر جميلة والكاميرا حديثة والنهر لطيف والشجر أخضر والقرميد خلّاب على سطح البيوت: إخراج رائع.
بذل الممثِّلون جهودًا رائعة فليتها كوفئت بإخراج يفي موهبتهم وعلمهم وإحساسهم بعض ما يستحقّون.
أمّا النص فكان سلاحًا صارمًا بيد سائق لا يميّز بين "لحظة دراميّة" و"التشفيط على الاكواع".