يُعتبر الممثل المصري عمر الحريري واحداً من أهم نجوم الوسط الفني في مصر، فهو له تاريخ فني كبير جداً، وقد شارك في عدد كبير من الأعمال الفنية الرائعة، التي كانت محط إعجاب الكثيرين من الجمهور، سواء داخل مصر أو خارجها، وهو ما جعلة يحظى بجمهور كبير جداً في الشرق الأوسط.

نشأته وعشقه للفن

ولد عمر محمد صالح عبد الهادي الحريري في 12 شباط/فبراير عام 1926، وعشق الفن منذ الصغر، فكان يحرص والده على إصطحابه معه للعروض المسرحية، التي كانت تقدمها فرق (جورج أبيض) و(زكي طليمات) و(الكسار) و(الريحاني) و(فاطمة رشدي) و(يوسف بك وهبي)، لأن والده كان مدمناً على المسرح الراقي.

والطريف أن والده إصطحبه لمشاهدة أول فيلم مصري ناطق، وهو "أولاد الذوات"، الذي تم إنتاجه عام 1933، وكان عمره في ذلك الوقت 7 سنوات، ولذلك أحب الفتى الصغير الفن منذ صغره وإشترك بفريق التمثيل في المدرسة، وأنشأ فريقاً ناجحاً للتمثيل نافس كل فرق المدارس الأخرى.

وظهر في سن الخامسة عشرة في مشهد صامت قصير جدا في فيلم "سلامة في خير"، الذي قام ببطولته نجيب الريحاني عام 1937.

وبعد حصوله على شهادة الثانوية إلتحق بالمعهد العالي لفن التمثيل العربي، وتخرج منه عام 1947 وهي الدفعة نفسها التي تخرج منها الممثل الراحل شكري سرحان، وبعد تخرجه شارك في عدد كبير من البرامج الإذاعية ولحسن حظه شاهده زكي طليمات وإختاره للإنضمام لفرقته.

مسيرة فنية حافة بالنجاحات

شارك عمر الحريري في 103 أفلام سينمائية، منها: (الوسادة الخالية) و(سكر هانم) و(الناصر صلاح الدين) و(الخائنة) و(أهل القمة) و(نهر الحب) و(معالي الوزير)، ولكنه لم يقم بالبطولة المطلقة إلا في فيلم واحد هو (أغلى من عيني)، من تأليف وإخراج عز الدين ذو الفقار عام 1955.

كما شارك في عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية، منها: (أحلام الفتى الطائر) و(خالتي صفية والدير) و(ساكن قصادي) و(السيرة الهلالية) و(شيخ العرب همام)، إضافة إلى مسرحيات منها (شاهد ما شافش حاجة) و(الواد سيد الشغال)، مع الممثل المصري عادل إمام.

وشارك أيضاً في فوازير رمضان، منها "ألف ليلة وليلة" (مع شريهان) في عام 1985، وفي قصة عروس البحور والأمير نور قام بدور شهبندر مدينة جور الشيخ منصور، وفي عام 1986 في قصة الأميرة وردشان وماندو ابن الزبال قام بدوره الأجمل وهو دور السلطان الصالح كهلان.

ونال عمر الحريري عدداً من الجوائز عن بعض أدواره، كما كرمه المهرجان التاسع للسينما المصرية عام 2003، وصدر عنه كتاب (عمر الحريري.. قوس قزح) للناقدة زينب عزيز.

زيجاته الثلاثة

تزوج عمر الحريري وهو في سن المراهقة من السيدة أمال السلحدار، وكان هذا الزواج بناء على طلب والده، الذي أراد تحصينه من الوقوع في الخطأ، وقد أثمر هذا الزواج عن بنت واحده هي "نيفين". والطريف في هذه الزيجة أن زوجته كانت تغار عليه بشدة، لدرجة أنه طلقها مرتين ثم عاد لها، وظلت على ذمته حتى توفيت، وعلى الرغم من أن زواجهما لم يكن نتيجة قصة حب، إلا أن الحريري حزن كثيراً لوفاتها، وبسبب ذلك أضرب عن الزواج لعدة سنوات، حتى إلتقى بالسيدة نادية سلطان في إحدى الحفلات العامة.

وقد تحدّث عن هذه الزيجة قبل وفاته، قائلاً: "التقيت بنادية في إحدى الحفلات فقد كانت رحمها الله سيدة مجتمع من الدرجة الأولى ويشهد الجميع برقيها وثقافتها ودارت بيننا مناقشات ولقاءات عديدة ووجدتها متميزة ومختلفة عن الأخريات فتزوجنا وأنجبت منها ابنتي الثانية (ميريت) ولا يمكن أن أنسى السنوات الجميلة التي قضيتها معها، حتى بدأت أيضاً الخلافات بنفس الشكل الذي عانيته في الزيجة الأولى ووصلت العلاقة لطريق مسدود، فإتفقنا على الانفصال بهدوء ودفعني هذا لعدم التفكير في خوض التجربة والتفرغ لفني فقط".

أما الزيجة الثالثة والأخيرة في حياته، فكانت من الفنانة المغربية رشيدة رحموني، التي تزوجها في بداية التسعينيات، ويقول عن هذه الزيجة: "حضرت رشيدة لمصر مثل كل الفنانات العربيات اللواتي حضرن للبحث عن فرصة للتواجد والإنطلاق كفنانة وممثلة، وتعرفت عليها في أحد المسلسلات وبادرت هي بالإقتراب مني ونجحت في إختراقي، وبعد فترة من التعارف شعرت أنني لا أستطيع الإبتعاد عنها وتم الزواج.

وأضاف: "رغم فارق السن الذي تجاوز 35 عاماً، إلا أنني لم أشعر بأي أحاسيس مؤلمة ولم تشعرني هي بهذا". وفي عام 1997 أنجبا إبنتهما "بيريهان"، على الرغم من أنه كان قد تخطى السبعين من عمره، إلا أن فرحته كانت لا توصف.

قصة مرضه ووفاته

إشتد المرض على عمر الحريري في عام 2007، وذهبت إبنته " ميريت " معه إلى الطبيب ليخبرها بأنه مريض بسرطان العظام، الأمر الذي سعت جاهدة لإخفائه عن أبيها، ورفضت أن يتم علاجه بالطريق الكيماوي أو إخباره بأنه مريض، لأنه يبلغ من العمر 81 عاما، وسيموت من الصدمة إذا علم بإصابته بذلك المرض.

إنتقل عمر الحريري للعيش مع إبنته عام 2008، وكان يأخذ مسكنات للمرض وبقي لا يعلم بمرضه لمدة 4 سنوات، إلى أن وافته المنية في الـ16 من تشرين الأول/أكتوبر عام 2011، في مستشفى الجلاء العسكري، وذلك بعد تعرضه لحالة من الأعياء الشديد على خشبة المسرح، وهو يقدم عملاً مسرحياً للأطفال، برعاية وزارة الثقافة، وبذلك يكون قد حقق عمر الحريري حلمه بأن تنتهي حياته وهو على خشبة المسرح.