معجزة النار المقدسة تعتبر من أكثر المعجزات المعترف بها وقد وُثقت المعجزة لأول مرة في العام 1106 ميلاديا. وتُتابع ظهور النار المقدسة شعوب العديد من دول العالم، كما تعمد هذه الدول الى ارسال رحلات جوية خصيصا لاحضار هذا النور الى كل من هذه البلدان للتبرّك منها، حيث تقام إحتفالات حاشدة لاستقبالها.
أما قصة هذه النار المقدسة التي لا تُحرق، فتظهر يوم سبت النور حين يقوم بطريرك الروم الأرثوذكس ومعه رئيس أساقفة الأرمن بمسيرة كبيرة ومعهما كثير من رجال الدين من كل أنحاء العالم يرددون الترانيم والأناشيد. يطوفون ثلاث مرات حول كنيسة القيامة بالقدس ثم يأتي بطريرك اورشاليم أو رئيس أساقفة الأرثوذكس ويقوم بقراءة صلاة معينة ثم يبدأ بخلع ملابسه ويدخل وحده الى قبر السيد المسيح. ويتم فحص البطريرك جيدًا قبل الدخول من قبل السلطات الإسرائيلية للتأكد من انه لا يحمل أي مادة أو وسيلة لإشعال النار كما يتم فحص القبر أيضًا. هذا الفحص كان يتم سابقًا على يد العثمانيين حيث كان الجنود العثمانيين المسلمين يتولون مهمة فحص البطريرك قبل دخوله إلى القبر. ويبقى رئيس أساقفة الأرمن منتظرًا في موضع ظهور الملاك لمريم المجدلية ليبشرها بقيامة المسيح [2]. في حين يردد الجمهور المنتظر خارج القبر كيريا لايسون، اي باليونانية يا رب ارحم. ثم بعد ذلك تنزل النار المقدسة على 33 شمعة بيضاء في رزمة واحدة في القبر ثم يكشف البطريرك عن نفسه ويقوم بإشعال 33 أو 12 شمعة أخرى ليتم توزيعها على المصلين في الكنيسة لتكون شعلة مضيئة بقوة القيامة وبأن المسيح قد قام وهزم الموت. هذه النار لا تحرق أو تؤذي من يلمسها ولا تحرق الشعر أو الوجه.
وبحسب تيودوروس، بطريرك القدس الذي يدخل القبر:
اتجهٌ في طريقي خلال الظلام نحو القبر ثم أركع على ركبتي. هنا اردد بعض الصلوات التي أتت إلينا وعرفناها منذ قرون. ثم أنتظر لبعض الوقت. في بعض الأحيان قد أنتظر بضع دقائق. لكن في العادة تحدث المعجزة فوراً بعد أن أنهي صلاتي. من صميم الحجر نفسه الذي وضع عليه السيد المسيح تخرج النار. وتكون عادةً باللون الأزرق ولكن قد يتغير اللون ويتخذ اشكالا وألوانا مختلفة لا يمكن وصفها لعقل بشري. ضوء وضباب يرتفعان وتخرج الشعلة المضيئة التي تتخذ شكلاً مختلفاً كل عام. في بعض الأحيان يغطي النور الحجر، مكان موضع المسيح فقط، بينما في أحيان أخرى يغطي الضوء الغرفة كلها حتى أن الناس الموجودة خارج القبر تستطيع ان ترى الضوء المنبعث من القبر. وهذا النور لا يحرق حيث لم تحترق لحيتي من النار المقدسة على مدى 16 سنة كنت فيها بطريركاً للقدس. هذا الضوء يكون مختلفاً عن الضوء المنبعث من النار العادية التي تحرق في المصباح الزيتى. في مرحلة ما تنبعث النار وتكون على شكل عمود وتبدو النار ان طبيعتها مختلفة. وأكون قادراً على إشعال الشموع بسهولة ثم أتوجه خارج القبر واعطي النار المقدسة أولا إلى بطريرك الأرمن ثم إلى الأقباط وفي النهاية توزع النار على جميع الموجودين في كنيسة القيامة [4].
الجدير ذكره، انه في صباح يوم سبت النور وقبل مراسم خروج النور المقدس من قبر السيد المسيح، يتم فحص القبر و التأكد من عدم وجود أي سبب بشري لهذه المعجزة، يبدأ الفحص مدة ساعة كاملة تقريبا على يد رجال شرطة اسرائيل ويشرف عليه رئيس الشرطة بنفسه ورئيس المدينة اليهودي ايضا، وبعد التأكد من خلو القبر المقدس من أي مادة مسببة لهذه المعجزة، يتم وضع ختم من العسل الممزوج بالشمع على باب القبر .
كما يتم تفتيش البطريرك الذي يدخل القبر بجلباب ابيض خال من الجيوب ولا يحمل معه أي شيء حتى انه ينزع كل شيء عن رأسه.
داخل القبر المقدس، يصلّي بطريرك الروم الأرثوذكس وهو راكعاً و يذكر الطلبات الخاصّة التي تطلب سيّدنا يسوع المسيح أن يرسل نوره المقدّس. و يغلف المكان سكون و صمت شديدين لآن الجميع يترقب خروج النور. بعد صلاة البطريرك يسمع الحاضرون صوت صفير و يخرج برق أزرق وأبيض من الضوء المقدّس الذي يخترق المكان بأكمله، ويضيء الجميع شموعهم من هذه النار المقدسة.
اول كتابة عن انبثاق النور المقدس في كنيسة القيامة ظهرت في اوائل القرن الرابع، حيث نجد في مؤلفات القديس يوحنا الدمشقي و القديس غريغوريوس النيصي، ان الرسول بطرس رأى النور المقدس في كنيسة القيامة ،و ذلك بعد قيامة المسيح، وذلك سنة 34 للميلاد.
القديس جرجس النسكي جاء في كتاباته أن القديس بطرس الرسول قد شاهد حدوث هذه المعجزة سنة 34 م وهذا جاء في كتاب
The second word about Resurrection. Ioann Damaskin. Oktoih
In the second word about Resurrection write about apostle Peter see Holy Light
ايضا المؤرخ ايفسيفي من القرن الرابع اشار الي ان في زمن البطريرك ناريسيس من القرن الثاني حصلت معجزة اذ لم يكن هناك زيت كاف لايقاد المصابيح فملأ رجل مصباحه من ماء بركة سلوام وفجأة اشتعل هذا المصباح بالنور المقدس واستمر مشتعلا حتى نهاية خدمة القيامة.
وايضا في العام 395 م، وفي دلالة على فيض هذا النور. زار الملك فيودوسي سرا اورشليم ودخل كنيسة القيامة ورأى اشتعال كل المصابيح. وفي هذا الوقت اعلن الملاك للبابا ان الملك موجود متخفيا.
وفي سنة 1187 بعدما أخذ المسلمون القدس تحت قيادة صلاح الدين الأيوبي قرر صلاح الدين في هذه السنة أن يحضر أحتفال المسيحيين بعيد القيامة، على الرغم من كونه مسلما إلا أنه ذهب إلى الكنيسة يوم سبت النور. وبحسب جاوتير فينيسوف: “عند وصول صلاح الدين الأيوبي، نزلت النار من السماء تضيء شموع الكنيسة ، وبدأ مساعديه في التحرك من الخوف .. و أبتدأ المسيحيون فى تمجيد الله، المسلمين قالوا بأن النار سببها خدعة .. لذلك مسك صلاح الدين شمعة أشتعلت من النار التي نزلت من السماء، وحاول ان يطفيء هذه الشمعة، كلما أطفأها أنطلقت النار المقدسة منها مرة أخرى، وتكرر ذلك اكثر من مرة حتى أيقن أنها معجزة .. فأنهار وبكى وهو يقول: قريبا سأموت أو أنني سأفقد القدس، وقد تحقق كلامه ومات في زمن الصوم الكبير التالي.
شهادة أحمد بن علي المقريزي في كتابه "اتعاظ الحنفا"، حيث قال: فإذا كان يوم الفصح واجتمع النصارى بقمامة ونصبت الصلبان وعلقت القناديل في المذبح تحيلوا في إيصال النار إليه بدهن البيلسان مع دهن الزئبق فيحدث له ضياء ساطع يظن من يراه أنها نار نزلت من السماء.
كما يذكر المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار"، تحت عنوان جامع آق سنقر : "وصارت المملكة كلها من أحوال الجيوش وأمور الأموال وغيرها متعلقة بالفخر إلى أن غضب عليه السلطان ونكبه وصادره على أربعمائة ألف درهم نقرة وولى وظيفة نظر الشيخ قطب الدين موسى بن شيخ السلامية ثم رضي عن الفخر وأمر بإعادة ما أخذ منه من المال إليه وهو أربعمائة ألف درهم نقرة فامتنع وقال: أنا خرجت عنها للسلطان فليبين بها جامعًا وبنى بها الجامع الناصريّ المعروف الآن بالجامع الجديد خارج مدينة مصر بموردة الحلفاء وزار مرّة القدس وعبر كنيسة قمامة فسُمع وهو يقول عندما رأى الضوء بها: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا
وغيرها الكثير جدا من الشهادات التاريخية على حدوث هذه المعجزة التي تدحض بشكل قاطع التشكيك حول عجائبيةْ هذه النار، وخصوصا استخدام الفوسفور في هذه الحيلة! فكيف يُعقل ان يكونوا قد استخدموا
الفوسفور الابيض قبل اكتشافه بستة عشر قرنا؟؟ انه سؤال برسم المشككين.
كم انت عظيم يا الله وكم هي عظيمة اعمالك، شكرا لك على الايمان الذي انعمت علينا به.
أعاد الله هذا العيد على الجميع بالخير والبركات والايمان...
المسيح قام حقا قام.