هو ليس شاعراً تقليدياً كتب الغزل والرثاء والحب والثورة، بل إنه أكثر شاعر أثار الجدل والضجيج من حوله، فمنهم من أحبوه وآخرون أبغضوه والبعض احتقره، أما البعض الآخر فأصبح مهووساً به.
تنوّعت قصائده في الغزل بين من اعتبره إباحياً وآخرون رأوا في جرأته، خوضاً لكينونة المرأة التي هي جسد وروح، نظم في السياسة ، في الوطن، في كل ما استفزه، دافع عن المرأة على الرغم من أنه أخذ عليه أنه عراها في شعره، لكن للمرأة قيمة خاصة عنده حتى لقب بشاعر المرأة ومن النقاط المؤثرة في طفولة وحياة نزار كان انتحار شقيقته رافضة الزواج التقليدي بغير إرادتها، ويقول نزار إن ذلك الحدث قد يكون له الأثر الأكبر في طبيعة أشعاره التي تدافع عن الحب والمرأة.
نشأته
هو نزار قباني الذي ولد في الواحد من عشرين من آذار/مارس عام 1923 في مدينة دمشق عاصمة سوريا، لعائلة أدبية تجارية فوالده توفيق قباني كان مالكا لمصنع شوكولا، بينما الكاتب والمسرحي أبو خليل القباني هو أحد أقاربه. كان له أختان: وصال وهيفاء وثلاث أخوة: معتز، صباح ورشيد.
درس بين عامي 1930-1941 في مدرسة الكلية العلمية الوطنية وتابع نزار دراسته في جامعة دمشق في كلية الحقوق، وأثناء فترة دراسته تأثر بمعلمه الشاعر خليل مردم بك.
عمل نزار قباني في الحقل الدبلوماسي وذلك بعد تخرجه من جامعة دمشق عام 1945 وبالتحديد في وزارة الخارجية السورية حيث كان سفيرا في عدة مدن مثل إسطنبول، ومدريد، والقاهرة ولندن.، وكانت القاهرة اوّل محطَة له، وتنقل بين لندن وبيروت وتركيا ومن ثم سافر إلى الصين، وفي عام 1966م قرر اعتزال العمل الدبلوماسي، والتفرغ لكتابة القصائد، حيث انه أسس دار نشر في بيروت.
أشهر من غنى لـ نزار قباني
جعلت سهولة لغة قصائد الشاعر الراحل والإيقاعات التي تفيض بها قصائده، مطربين كبار يطلبون غناءها بدءاً بأم كلثوم وفيروز ونجاة الصغيرة وعبد الحليم حافظ وفايزة أحمد وماجدة الرومي ليس انتهاء بكاظم الساهر الذي ارتبط اسمه ارتباطاً وثيقاً باسم نزار قباني حيث غنّى له أكثر من 20 قصيدة كانت السبب الأول في شهرته.
ولا تقتصر القصائد المغنّاة لـ نزار قباني على قصائد الحب بل تعدّتها إلى القصائد الوطنية على رأسها "أصبح عندي الآن بندقية" التي صدح بها صوت سيدة الغناء العربي عام 1968.
إنجازات نزار قباني
قال نزار قباني : تعلمت أن كل كلمة يرسمها الشاعر على ورقة، هي لافتة تحد في وجه العصر، ان الكتابة هي احداث خلخلة في نظام الأشياء وترتيبها. هي كسر قشرة الكون وتفتيتها"، هو من الشعراء القلائل التي انسجمت مبادؤه وأفكاره مع شعره، فقد. بدأ نزار كتابة الشعر منذ مراهقته وخلال دراسته الجامعية وتحديدا عام ألف وتسعمائة وأربعة وأربعين نشر أول ديوان شعري له بعنوان "قالت لي السمراء"، قصائد هذا الديوان أثارت الكثير من الجدل في المجتمع السوري والدمشقي فقد كان المحتوى جديدا عليهم، ورغم ذلك فقد دعمه وزير الثقافة منير العجلاني وسمح بنشر الديوان.
بين عامي 1948-1950 نشر نزار قباني 3 دواوين جديدة هي "طفولة نهد"، و"سامبا" و"أنت لي"، ثم نشر عام ألف وتسعمائة وستة وخمسين ديوان "قصائد" والذي اعتُبر أحد أهم أعماله الأدبية.
وخلال فترة الستينيات نشر نزار ثلاثة دواوين هي "حبيبتي"، و"الرسم بالكلمات" و"يوميات امرأة لا مبالية"، وفي عام ألف وتسعمائة وستة وستين استقال قباني من اسلك الدبلوماسي ليتفرغ لعمله الأدبي.
في عام 1967 أنشأ دار نشر خاصة به في بيروت باسم "منشورات نزار قباني"، لاحقاً في العام نفسه حدثت نكسة حزيران التي هُزمت فيها الجيوش العرب أمام إسرائيل وهو ما شكل نقطة تحول في حياته ولوَّن الكثير من قصائده بعد ذلك، وأهمها قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" التي سببت منع بث أغنيه وأشعاره في مصر ووصلت حد منعه من دخول البلاد.
وقد وجّه نزار قباني رسالة إلى الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر وحققت مبتغاها وعادت قصائد نزار قباني تردد في الإذاعة والتلفزيون المصريين، وكان يقول عن هذا "كسرت الحاجز بين السلطة والأدب".
نشر خلال فترة السبعينيات مجموعة من الدواوين منها "كتاب الحب"، و"مئة رسالة حب"، و"قصائد متوحشة"، و"أشعار خارجة عن القانون"، و"إلى بيروت الأنثى، مع حبي"، و"أشهد أن لا امرأة إلا أنت" و" كل عام وأنت حبيبتي".
تعد فترة الثمانينيات من الفترات الغزيرة شعرياً بالنسبة لـ نزار قباني ،فنشر ما يقرب من اثني عشر ديوانا شعريا منها: و"هكذا أكتب تاريخ النساء"، و"قاموس العاشقين"، و"قصيدة بلقيس" التي كتبها في ذكرى زوجته بلقيس الراوي، و"الحب لا يقف على الضوء الأحمر"، و"قصائد مغضوب عليها"، و"سيبقى الحب سيدي"، و"تزوجتك أيتها الحرية"، و"الكبريت في يدي ودويلاتكم من ورق"، و"ثلاثية أطفال الحجارة"، و"لا غالب إلا الحب" و"الأوراق السرية لعاشق قرمطي".
في عقد التسعينيات، نشر نزار قباني دواوين و"هل تسمعين صهيل أحزاني"، و"هوامش على الهوامش"، و"أحلى قصائدي"، و"أنا رجل واحد وأنت قبيلة من النساء"، و"خمسون عاما في مديح النساء"، و"تنويعات نزارية على مقام العشق"، و"أبجدية الياسمين"، و"الأعمال السياسية" و"لا".
نساء في حياة نزار قباني
مرّت في حياة نزار قباني الكثير من النساء، اذ إنه تزوج من زهراء أقبيق، وأنجبت له ابنة تدعى هدباء، وتوفيق الذي توفي عام 1973، الا انه و في عام 1970 تزوج نزار قباني مرة ثانية من سيدة عراقية اسمها بلقيس الراوي التي كانت حب حياته فما إن التقى بلقيس حتى أحبها من النظرة الأولى وتقدّم لخطبتها في عام 1962 إلا أن عائلتها رفضت لما تسمع عن نزار من أنه شاعر النساء والغزل والحب، ولكن نزار بقي على حبه وتقدم لها مرة ثانية بعد سبع سنوات وتزوجا وعاشا في بيروت، وأنجبت له زينب، وعمر، لكنّ فرحته لم تكتمل ، حيث انها كانت ضحية تفجير السفارة العراقية في بيروت عام 1981، وكتب نزار لها قصيدة بلقيس، والتي تعتبر من أروع قصائد الرثاء في الشعر العربي.
وفاته
بعد رحيل زوجته بلقيس الذي أثر عليه كثيراً، قرر نزار قباني أن يسافر إلى لندن ليستقر فيها، وفي آخر سنوات حياته، ظل يكتب العديد من القصائد الجميلة أثناء وجوده في لندن، حتى عندما بدأت تظهر عليه أعراض مشاكل صحية في القلب، وهكذا حتى توفي يوم 30 نيسان/أبريل عام 1998، وطلب في وصيته أن يدفن في دمشق، ودُفن بجانب والده توفيق قباني، وإبنه توفيق نزار قباني.