نجمة مصرية قديرة سجلت حضورها السينمائي بالكثير من الأفلام التي مازالت محفورة في وجدان الشعب العربي وذلك على مدى أكثر من خمسين عاما من العمل بمجال الفن، ومن أبرز اعمالها "لا تسألني من أنا"، "الخطايا"، "الإرهابي"، "أمير الإنتقام" و الكثير من الأعمال التي قاربت على المئة، وقد أُصيبت بجلطة منذ شهور طويلة مازالت تمنعها من السير على قدميها مع تطورات أخرى في حالتها الصحية.. هي الفنانة القديرة مديحة يسري، التي تتحدث لـ"الفن" من داخل إحدى دار الرعاية بمصر، عن حالتها الصحية، ودَور نقابة المهن التمثيلية في الوقوف إلى جانبها ومن يزورها من أصدقائها في الفن، وتكشف أسباب لومها الجمهور المصري وتفاصيل كثيرة عن ما واجهته في حياتها الفنية ووضعها الحالي، في الحوار التالي:
في البداية.. موقع "الفن" يُقدم لكِ التمنيات بالشفاء العاجل، ودعينا نتحدث عن حالتك الصحية؟
أشكركم على سؤالكم وإهتمامكم، وأنا الحمد لله أشعر بإستقرار بعض الشيء بالنسبة لحالتي، فخلال الاشهر الماضية كُنت أعاني من ضيق في التنفس وعالجوني منذ هذا الأمر من خلال جلسات بخار وأكسجين إستمريت عليها لأيام، ولكن معاناتي الكبرى أتت من الجلطة التي أصابتني منذ فترة ولا أستطيع السير بسببها، فأنا أدعو الله أن تتحسن حالتي وأتمكن من السير على قدميّ من جديد، فأنا موجودة في إحدى دور الرعاية الطبية في مصر على طريق إسكندرية الصحراوي، ويقدمون لي رعاية يومية ولكنني لا أشعر بتحسن كبير في حالتي، ومازلت آمل ان أقف على قدميّ مُجددا وأتمنى من جمهوري أن يدعو لي.
متى تعرضت لتلك الجلطة التي منعتك من السير على قدميكِ؟
تعرضت لهذا الأمر منذ أكثر من 28 شهرا وبقيت في إحدى مستشفيات القوات المسلحة لاشهر وشعرت بتحسن اثرها ولكن تم نقلي بعدها الى دار أخرى ومازلت أتواجد فيها حتى الآن.
هل تلومين من لا يقومون بزيارتك؟
لا ألوم احدا لأنني موجودة في مكان بعيد بعض الشيء عن العاصمة، وقبل ذلك كنت في إحدى مستشفيات منطقة العجوزة بالجيزة وكان يقوم الكثيرون بزيارتي. أنا اعذر الجميع بسبب المسؤوليات الملقاة على عاتق كل في عمله. أشكر من زاروني ولست حزينة من تقصير البعض.
من يزورك من الفنانين في الوقت الحالي؟
بعض الفنانين مازالوا يزورونني من حين لآخر، ومن بينهم نبيلة عبيد وميرفت أمين ومحمود سعد والحاجة ياسمين الحصري وأبنائها، بالإضافة إلى بعض الأشخاص اللذين لم اعرفهم وهم من الجمهور زاروني مؤخرا وعبّروا عن حبهم لي وهذا الأمر ترك في نفسي أثرا إيجابيا للغاية.
من خلال حديث صحافي لك، وجّهت اللوم للجمهور المصري لعدم زيارته لكِ.. لماذا؟
أنا بالفعل قُلت ذلك لأنني وجدت بعض الأشخاص من بلدان عربية وغيرها، لا أعرفهم ويقدمون لي أنفسهم عبر الهاتف للإطمئنان على حالتي الصحية من بينهم من هم في البحرين والكويت وكندا والخليج، ولكن جمهوري المصري الذي لطالما كُنت أعمل من أجله طوال سنوات عملي لم يفعل ذلك، كما أنني كُنت حريصة على تقديم واجب الفرح والحزن في كل المناسبات لكل الأشخاص من حولي، ومما لاشك فيه أن حديثي عن الجمهور المصري جاء بسبب حبي الشديد له وتقديري ولأن زيارته لي وسؤاله عني يرفع من معنوياتي وليس لأي أسباب أخرى.
وماذا عن دور نقابة المهن التمثيلية في محنة مرضك؟
النقابة تؤدي دورها على أكمل وجه ولم أجد أي تخاذل أو تقصير من قِبلها منذ بداية مرضي منذ أكثر من عام ونصف، فهم يتابعون حالتي الصحية بشكل مستمر وفي سعي دائم لأن أحصل على أفضل رعاية صحية، وسبق أن طلبت منهم نقلي لإحدى مستشفيات القوات المسلحة وهم في سعي دائم لتحقيق هذا الطلب، وأشكر القائمين على النقابة لتأديتهم دورهم على أكمل وجه ومن دون اي تقصير.
وهل تذكرين فترة عملك في مجلس الشورى والذي لبّيتِ من خلاله نداء بلدك مصر؟
بالتأكيد.. أذكر هذه الفترة وقد رشّحني حينها الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي طلب مني العمل بالمجلس ولم أستطيع الرفض وخضت ذلك بحب كبير لبلدي، علما بأن مجلس الشورى لم يدخله من الفنانين سوى أنا ومن قبلي الفنانة القديرة الراحلة أمينة رزق، وطوال أكثر من خمسة اعوام في عملي بالشورى أمضيت أياما سعيدة لا أستطيع نسيانها حتى الآن.
هل تُتابعين ما يدور على الساحة الفنية في الوقت الحالي؟
لا أتابع كثيرا ولكنني أحيانا أُشاهد بعض الأفلام السينمائية التي يتم عرضها على القنوات الفضائية، ولكن الحقيقة أنني لا أٍتمتع بها ولا يكون لدي الصبر لمتابعة هذه الاعمال حتى النهاية.
وهل تُشاهدين أعمالك القديمة؟
هذ هي الحالة الوحيدة التي أستمر فيها في مشاهدة أفلام السينما، حين يكون هناك عمل فني لي أو لنجوم جيلي، فنحن كُنا نُقدم فنا مازال يعيش بين الناس حاليا، وليس على غرار الفقاعات التي تطير وتفقع سريعا.
إعتزلتِ الفن منذ سنوات طويلة وكأنكِ كُنتِ تتوقعين إنقلاب أحوال الفن، هل هذا صحيح؟
هناك علاقة قوية بيني وبين رب العالمين، وحين قدمت فيلم "الإرهابي" شعرت بأن هذا هو الوقت المناسب لعدم المشاركة في أي أعمال فنية ولم أعلن إعتزالي وقتها بل أعلنته بعد سنوات طويلة من هذا الفيلم لأن أحوال الفن في ذلك الوقت كانت جيدة مقارنة مع الوقت الحالي والسنوات الأخيرة.
ولماذا صرحتِ بأنك قصدتِ أن يأتِ إعتزالك (والذي لم تعلني عنه وقتها)، بعد فيلم "الإرهابي" الذي شاركتِ فيه مع الفنان عادل إمام ونخبة من النجوم؟
لأن هذا الفيلم كان هادفا ويدعم الدولة في الوقت الذي كان الإرهاب ينتشر في مصر، ومشاركتي بهذا العمل أتت من أجل دعم بلدي وتقديم عمل فني يحمل رسائل مجتمعية مهمة للناس من خلال توعيتهم، وسعيدة بأن هذا الفيلم هو آخر أعمالي الفنية.
وفي النهاية..ما رأيك بتكريم النجوم بعد مماتهم من قِبل العديد من الجهات الفنية المصرية؟
أعتقد أن التكريم في الاساس قائم على العامل المعنوي ولا قيمة له لتقديمه للفنان أو أسرته بعد وفاته، فهناك الكثير من القيم الفنية الكبيرة لم يتم تكريمها خلال السنوات الأخيرة، وأنا لا أتحدث عن نفسي لأنني حصلت على تكريمات كثيرة في حياتي، ولكن من الضروري رفع الروح المعنوية لدى بعض النجوم اللذين لم يتم تكريمهم من قِبل المهرجانات السينمائية الكبيرة خلال السنوات الأخيرة، لأن في هوليوود، التي نحاول تقليدها، نجد الكثير من كبار النجوم من المسنين الذين استمروا في المشاركة في الأعمال الفنية حتى اللحظات الأخيرة من حياتهم وكانت لهم أدوارا مميزة تناسبهم ولم تُقلل من قيمتهم، نجدهم يُكرّمون ويأخذون حقّهم من التقدير المعنوي والامتنان على ما قدموه، ولكننا لا نجد ذلك في العالم العربي حيث الحقيقة هي غير ذلك!