مرة أخرى يدفع الاعلام ثمن الحريات التي باتت مكتومة القيد في بلد لطالما جاهرنا فيه بحرية الرأي والتعبير...
وفي زمن يقارب فيه العالم غزو الفضاء واستثمار طاقاته ما زلنا على مقربة هنا من تقييد الحريات وكم الأفواه وخصوصاً تلك الأفواه التي باتت مصدر سعادة الرأي العام العالق نصفه في شرنقة التبعية والنصف الآخر منقسم على لقمة عيشه ومنكب على تحصيلها في جلباب البطالة المرعب.
فبعد ادعاء النيابة العامة التمييزية على مقدم البرامج والممثل هشام حداد على خلفية تطرقه لولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، وبعد رده من خلال حلقة الثلاثاء الماضي من برنامجه "لهون وبس"، يواجه حداد من جديد القضاء اللبناني حيث طلب مجلس القضاء الأعلى إجراء المقتضى حول الحلقة الأخيرة " التي قدم فيها أغنية قاضي يا حمودة" والتي اعتُبرت تعرض لشخص النائب العام لدى محكمة التمييز، وصولاً الى تحريك دعوى الحق العام تجاه ذلك الفعل وفقاً للأحكام القانونية المرعية الإجراء".
وأمام هذا التحرك لا يسعنا الا البكاء على اطلال ما تبقى من الحريات الاعلامية او الانتفاضة على هذا الواقع والذي قد نُلاحق عليه ايضا بتهمة النيل من هيبة القضاء وهذا ما لا نرغب فيه احتراماً منا لهيبة الجسم القضائي في لبنان.
انما الحريات الاعلامية لم تعد في مأمن على الاطلاق في خضم التطويق المحكم على برنامج ذنبه الوحيد أنه أراد ان يكون فسحة من الابتسامة على ثغر المواطن اللبناني الذي يعاني الأمّرين. وذنب هشام انه تمكن من تحويل هموم المواطن اليومية إلى مرتع من الضحك المتواصل طيلة ساعتين من الوقت.
فقد تمكن هشام وبرفقة فريق عمله من ان يجعل من وجع الناس أملاً في الغد ابتسامة. فهو يغوص في صميم الوجع الذي يتهددنا يومياً ليرفعه على مسرح الشاشة ويجعلنا نضحك ونموت من الضحك بدلا من الاماتة بمصالح البلد على حساب جيوب خاصة.
إنما وبمزيد من الأسف واللوعة لقد بلغنا مرحلة ننعى فيها الضحك الذي بات حكراً على الاقلية الغائبة عن الواقع الاليم وجعلت من الغيم مسكنها.
صحيح أن هشام الذي يبدع من خلال تقديم الحلقات التي يقدمها يجرؤ حيث لا يجرؤ الآخرون لكنه لم يشكل في المادة التي يقدمها وقاحة او تمادياً على بعض المقدسات. فهو يجيد جيداً كيفية تدوير الزوايا بطريقة كوميدية ساخرة تضحك ولا تخدش.
ألا يكفي انكم جعلتم من ابتسامتنا مقبرة لمطامعكم ومصالحكم... ولذلك ومن وجهة الحق والحقيقة ورأفة بالمواطن اللبناني دعوا هشام حداد يستنبط الكثير من مكايدكم ليضعها تحت مجهر ساخر لنمعن في رؤية الحقيقة اكثر وإنما بطريقة الحداد التي باتت حالة ولن تتكرر... لذلك حرروا هشام لنتحرر معاً صوب دولة ديمقراطية حقة لا مقنعة خلف الايادي المشبوهة.