غيّب الموت اليوم، الشاعر الكبير جوزيف الهاشم، المعروف باسم "زغلول الدامور"، بعد صراع مع المرض.
والراحل من أشهر شعراء الزجل في لبنان، ولد في البوشرية- قضاء المتن سنة 1925، ووالده مخايل الهاشم من الدامور.
تلقى علومه في مدرسة جديدة المتن الكبرى التي كان يديرها الخوري الشاعر يوسف عون، وكان من التلاميذ المجلّين.
في سن التاسعة، بدأ بكتابة الشعر وبترداده، حتى أصبح معلموه ورفاقه يقولون فيه: "هيدا الصبي ابن الداموري مزغلل وعم يكتب شعر"، ومن يومها عُرف بلقب "زغلول الدامور".
عاصر زغلول الدامور الزجل منذ بداياته، ويُعتبر من أركانه الأوائل، ألّف جوقته الأولى عام 1944 ورئسها حيث غنى في كل قرية ومدينة في لبنان، وقام بأكثر من 120 رحلة إلى بلاد الاغتراب، وفاقت شهرته جميع الشعراء.
الزجل كان أهم شيء في حياته، خاض غماره باكراً جداً مع مجموعة من المحيطين به مثل فيليب مسعود البستاني، أستاذه في مدرسة "جديدة المتن الكبرى"، والده، وجدته لوالده. والده هو من حرّضه على تمزيق قصيدة الشاعر وليم صعب "بلبل الأرز" التي وضعها بين يديه الخوري يوسف عون، مدير المدرسة، كي يتلوها على المسرح في حفلة تسلم الشهادة المتوسطة.
في تلك الليلة، منعه من تناول العشاء قبل أن يكتب قصيدته الخاصة التي سيلقيها في الاحتفال وقال زغلول عن هذه الذكريات: "كنت أرتعد على المسرح وأنا ألقي القصيدة لشدّة خوفي من ردّ فعل الخوري، إلى أن لمحته يضحك ملء فمه، فتنفست الصعداء".
طوال حياته، مارس الزغلول شغفه بإخلاص والتزام، وبنى شهرته برويّة وبصبر. لا يزال يذكر يوم أطلقت الإذاعة اللبنانية مسابقة شعر عام 1945 لاختيار عشر قصائد. لم يشترك يومها بقصيدة واحدة، بل تقدّم بعشر قصائد وربح. بعد مرور الزمن، لا يزال ذلك الشغف حاضراً في صوته الذي كلّما صدح في ذلك المنزل الدافئ في بلّونة، يأخذنا في رحلة إلى الزمن السعيد.