إعلامية متمرّسة بخبرة ومهنيّة، هي الصامدة على أثير إذاعة كانت بالأمس القريب عرضة للإضطهاد وتحت مجهر القمع . بقيت، وإستمرّ الأثير يستمدّ من صوتها شغف مهنة الحقيقة لحوالى 25 عاماً.
كإسمها، بقيت على وعد الوفاء للبنان الحرّ، وبقيت الإذاعة وفيّة لها إلى حدّ قربة الدم والروح.
هي الإعلامية وفاء شدياق المتخصصة بالأدب العربي، والتي برعت في الإعلام وخصوصاً في برنامجها "نجوم الضهر"، والتي تحل ضيفة على موقع "الفن" في هذا اللقاء.
نعيشُ في مجتمعٍ متعلّق بعناوين التعريف، كيف تُعرفين عن نفسك: مذيعة؟ إعلامية؟ صحافيّة؟
الجواب التقليدي من قبل الفنانين والإعلامين هو أنّ الإسم هو تعريفٌ وافٍ، ولكن أنا أقول إنني إعلاميّة، و ذلك لسبب محدد وهو أنني أعمل في المجال الإذاعي في مضمار السياسة والفن. عملت في الصحافة المكتوبة في عدة مجلات، كما عملت في مجال إعداد البرامج التلفزيونيّة، وكانت لي تجربة التقديم التلفزيوني بمشاركة الزميل طوني خليفة في برنامج "لمن يجرؤ فقط" . لذا أعتقد أنني أستحقّ لقب إعلامية بعد هذه الخبرة الطويلة التي تمتدّ لـ 26 عاماً في الإعلام. وها أنا ذا أثابر بالعمل لكي أحافظ على هذا اللقب.
هل رصدتِ في الآونة الأخيرة وضع الصحافة الفنيّة؟
للأسف، أعتقد أن 60 % من الصحافيين الفنيين، أخجل أن أتواجد معهم بنفس المكان. "شي بيخجّل" ، كمثل خجلي من نفسي كإمرأة عندما أتواجد بنفس المكان مع إمرأة فاقدة للخُلق و للثقافة.
من ضمن الـ 40% من الصحافيين الفنيين الحقيقيين، من تذكرين؟
يوجد الكثيرون، أولاً هلا المرّ التي نتعلّم منها الكثير، روبير فرنجيّة رجل مُثقف و متابع صاحب أخلاق عالية و عمق. جمال فياض، باتريسيا هاشم، نضال الأحمدية، وريما رحمة.
هل صحيح أن التلفزيون هو عقدة حياة كل مذيعة راديو؟
صحيح، بالنسبة لمعظمهنّ.
وبالنسبة لكِ؟
كلا، وإلا لكنت شاهدتني على التلفزيون، فقد تلقيت الكثير من العروض و لا أزال، لكنها ليست فُرصاً و إنما "فُريصات" ايّ مُصغّر فرص. وأنا طموحي أكبر من هذه الفرص. فإما أن أنتقل إلى التلفزيون بفرصة كبيرة بكبر مجهودي وعملي أو لا أنتقل إلى التلفزيون. فأنا صنعت إسماً في الإعلام المسموع.
لماذا يفضلّن التلفزيون على الراديو؟
ببساطة لأنه صوت و صورة.
فقط، أو لأنهن يعملن بالإعلام حباً بالمهنة و الرسالة الإعلامية؟
"أيا رسالة أيا بلوط؟"، فقط لأنهنّ يتلقيّن الأعمال الإضافية أكثر وذلك من كل وجهات النظر. و أنا أتحدّث هنا عن قسم من المذيعات اللواتي لديهنّ عقدة التلفزيون. عندما تمّ إفتتاح عدة محطات تلفزيونيّة، كنت أتلقى النصائح التي تدعوني إلى تقديم طلب لدى تلك المحطات، كنت أجيب و أقول: أنا لست موظفة مصرف، أنا مذيعة على الهواء، يعرفونني جيداً، من يريدني أن أعمل معه يمكنه أن يطلب مني ذلك، أنا لا أقرع الأبواب. وأنا أنسانة قدريّة، أؤمن بالقدر فكل شيء يأتي في حينه.
في زمن الإعلام الجديد، أيّ زمن وسائل التواصل الإجتماعي، هل إنتهى زمن الراديو؟
ابداً، لا بل عاد ليأخذ حيزاً كبيراً من جديد، و ذلك بسبب زحمة السير الكبيرة التي يمرّ بها المواطن يومياً بحيث لا يجد أمامه سوى الراديو ليرفّه عنه، فيحب أن يسمع الأغنيات، الأخبار، البرامج. لذا زمن الراديو لم ينتهِ أبداً.
هل تؤمنين بمقولة "الإذاعة الأولى"، كل إذاعة تدّعي أنها الأولى على الهواء. من يُصنّفها كأولى؟
أصحابها هم من يصنفونها.
لكن، هل صحيح أن هناك "رايتينغ" بين الإذاعات؟
إلى حدٍ ما، لا يمكنك أن تعرف الان بسبب الشحّ الإعلاني، هناك شحّ كبير في السوق الإعلاني، و بسببه لم يعد يمكننا أن نرصد نسبة الإستماع.
بإستثناء إذاعة لبنان الحر، ما هي الإذاعة الأولى في لبنان ؟
كل إذاعة تُقدّم مادة جيدة تكون الأولى ضمن الفترة التي تُقدّم فيها هذه المادة. مثلاً اذا كان هناك برنامج جيّد عند الساعة الثانية عشر ظهراً على تلك الإذاعة، تكون هذه الإذاعة هي الأولى بهذا التوقيت، وهكذا دواليك.
من هي المذيعة الأولى؟
نفس المبدأ ينطبق على المذيعات.
لكن بالفترة الصباحية مثلاً، من هم الأوائل؟
الموضوع هو الأول، المادة هي الأولى، الأغنية هي الأولى.
كم إختلف المذيعون اليوم عن مذيعي الأمس؟
كثيراً جداً، الجيل الجديد في المجال لا يعمل على تطوير نفسهِ، وعلى مستوى ثقافته، كما أنه يخجل من طرح الأسئلة. نستقبل الكثيرين من خريجي كليات الإعلام، وبمعظمهم لا يكتبون الخبر بشكلٍ صحيح، كل ما يرغبون به هو الشهرة من وراء المايكروفون كما كسب المال.
لكن في العمل الإذاعي لا توجد مكاسب مالية!
أبداً، اقصد أن الشهرة هي ممر و جسر لصنع المال.
ماذا تذكرين من معاناة إذاعة لبنان الحر خلال فترة الوصاية السورية؟
كنا نعمل من دون أيّ مردود مالي، تعذبنا كثيراً.
لماذا بقيتِ ولم تتركي الإذاعة؟
لأنني مؤمنة بقضية القوات اللبنانية، كما أنني مؤمنة بمعاناة الدكتور سمير جعجع الذي كان سجيناً تحت سابع أرض لمدة 11 سنة، مهما ضحيّت شخصياً، فإنه لا يمكن مقارنة تضحيتي مع تضحيته. فبقينا وصمدنا و لا نأسف على تلك الفترة ابداً .
هل مررتِ بلحظة ضعف في تلك الفترة، قلت فيها لنفسكِ، يا ليتني لست قوات لبنانية؟
أبداً، أبداً. أنا أحترم قناعات الناس أجمعين، فأنا أؤمن بأن عمليّة النسبيّة هي التي تحكم الكون، لهذا السبب أنا لا أُدين، فلكل إنسان ظروفه الخاصة، وحتى من ينقل البارودة من كتفٍ إلى أإخرة قد فعل ذلك لظروفٍ معيّنة حتّمت عليه ذلك. أما أنا فقد عملت وفقاً لقناعاتي، وقررت أن أبقى في إذاعة لبنان الحر، ونجحت في تخطي مرحلة الأزمة المالية وذلك بمساعدة والدي حفظه الله .
هل تعرضتِ في تلك الفترة لإضطهاد أو تهديد شخصي؟
لا أبداً.
هل مُنعت من قول أيّ كلامٍ على الهواء؟
كنا نمشي بين السطور، لكي لا نورّط الإذاعة بأيّ إشكالٍ.
هل تعرّفت على سمير جعجع قبل سجنه أو بعده؟
بعد خروجه.
ماذا تقولين له؟
أكرر ما قلته في عشاء تكريم مذيعي لبنان الحر في إحدى الحفلات، حيث أهديت الخمسة وعشرين عاماً من المسيرة الإعلامية للأحد عشر عاماً التي قضاها في السجن.
هل تخافين من أن تصلي إلى مرحلة لا تجدين فيها مادة جديدة للتقديم؟
أبداً، فضمن مجال السياسة مثلاً نجد كل يوم حدثا جديدا و مادة جديدة. كما أنني أستمدّ موضوعات جديدة دائماً من ضيف "نجوم الضهر"، وهذا سرّ الإستمراريّة.
من هو الضيف الذي أثّر بك كثيراً؟
الممثل السوري "قيس الشيخ نجيب"، وذلك بسبب روحانيته العالية و التي سمحت لي أن أدخل معه بعمق الحديث الوجداني.
كلمة أخيرة
أريد أن أشكرك بيدرو، هناك أناس تُظلم في البداية، وأنا من ضمن هؤلاء، فهناك من يحكم عليّ سلباً في البداية، لكن بعد أن يتقربوا منّي يكتشفون شخصيتي الحقيقيّة. وأنت كانت صورتك المطبوعة في ذهني غير الصورة الحقيقية التي إكتشفتها بعد أن تقرّبت منك. لذا أقول للناس لا تظلموا، تقرّبوا من الآخر و حاولوا أن تحبوا.