من قطر، الكويت وسلطنة عُمان، إلى جانب وفد من مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي ووسط حضور حاشد من شخصيات ناشطة في الحقل الاجتماعي، ومحاميات وعضوات روابط وجمعيات المرأة في قطر، بالإضافة إلى طلاب في كليات الإعلام والدراما والمسرح، ناقش عدد من نجوم التمثيل والإعلام الخليجيين قضية العنف ضد المرأة، التي لطالما اختلفت أساليب معالجتها درامياً وفتح لها الإعلام أبواب برامجه وتحقيقاته، وذلك خلال ملتقى خاص نظّمه مركز الحماية والتأهيل الاجتماعي "أمان" في أحد الفنادق في الدوحة.
ومن خلال محاوره الثلاثة المتمثلة بالعنف ضد المرأة في: الدراما، الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي... هدف ملتقى "العنف ضد المرأة في الإعلام والدراما" إلى رصد وتحليل الرسائل الضمنية للعنف ضد المرأة في الأعمال الدرامية، وتعزيز الجهد الإعلامي التوعوي، واقتراح ميثاق شرف أخلاقي للدراما والإعلام، واستشراف المستقبل نحو تعزيز صورة المرأة في الإعلام والدراما ليس فقط في الخليج، بل في العالم العربي ككل.
عند الساعة التاسعة صباحاً، بدأ المدعوون والمشاركون بالتوافد إلى بهو الفندق، قبل أن تعلن الممثلة سحر حسين عن بدء فعاليات الملتقى بعرض فيلم وثائقي عن العنف في الدراما الخليجية، تلته كلمة خاصة للمدير التنفيذي لمركز "أمان" السيد منصور السعدي جاء فيها: "أن الإحصاءات المعلنة دولياً تشير إلى أنّ نسبة العنف ضدّ النساء في بعض البلدان تبلغ نحو 70%، وأنّ37% من النساء في العالم العربي تعرّضن لعنف جسدي أو جنسي لمرّة واحدة في حياتهن على الأقلّ. وتشير الإحصائيات إلى أنّ النسبة هي في الحقيقة أعلى، حيث أن 6 من كلّ 10 نساء معنّفات لا يخبرن أحداً، فيما الجزء الآخر يتحدّث عن الأمر للعائلة أو الأصدقاء... وليس للشرطة". وتابع بالقول: "مع هذا كله، تغفل غالبية الدول العربية الإشارة إلى العنف الأسري. وفي ظل الثقافة المجتمعية السائدة، يظلّ العنف ضد المرأة أمراً عائلياً بحتاً، ولا يتمّ التبليغ عن معظم حالاته، وفي حال تمّ، غالباً ما يفلت الجاني من العقاب".
أولى جلسات الملتقى تناولت محور العنف ضد المرأة في الدراما، وذلك بمشاركة الممثل غانم السليطي، الممثلة باسمة حمادة، الكاتبة هبة مشاري، والممثل غازي حسين، وتحت إدارة الإعلامية الكويتية إيمان النجم. ناقشت الجلسة الخطاب الدرامي الخليجي ودوره في نشر صور العنف ضد المرأة أو الترويج له بشكل متعمد أو غير متعمد وتداعياته على الأسرة، فضلاً عن أهمية تعزيز المسؤولية الإجتماعية والأخلاقية لصنّاع الدراما. ومن خلال إدارة الإعلامية إيمان النجم المتمكنة للجلسة ولعبها دور المحاور الذكي الذي يبرع في توزيع الأدوار، تمّت مناقشة ظاهرة العنف ومدى انعكاس الواقع على الدراما، ودور صنّاع الدراما في مناهضتها ومعالجتها، وكيفية محاكاة الدراما الخليجية للعربية والعالمية، وحدود العنف المشروع في الدراما، وغيرها. في حين تناولت الجلسة الثانية محور العنف ضد المرأة في وسائل الإعلام وكيفية تغطية الأخيرة لقضايا المرأة ومشاكلها، وتحليل مضامين المواد الإعلامية الخاصة بالمرأة، ودورها في التوعية بقضايا العنف وآلية التصدي له، وذلك بمشاركة الممثلين محمد المنصور وعبد العزيز جاسم وعبد العزيز المسلم وأسمهان توفيق، وتحت إدارة الممثل سعد بورشيد. أما الجلسة الثالثة فدار خلالها حوار مفتوح بين المشاركين والجمهور بغية الوصول إلى رادع أخلاقي للحد من العنف في المواد الإعلامية المقدّمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بمشاركة الممثل خالد أمين، الممثلة بثينة الرئيسي، والإعلاميين خالد العجيرب ويعقوب بوشهري، وتحت إدارة الإعلامي علي نجم.
وعلى هامش الملتقى، إلتقى موقع "الفن" الممثل القطري القدير عبد العزيز جاسم الذي أكد نجاح الملتقى وأهميته الكبيرة، مضيفاً: "فاجأني عدد كبير من الجمهور المتواجد والذي نادراً ما تجدينه في هذا النوع من اللقاءات، بالإضافة إلى الممثلين المشاركين أصحاب الباع الطويل في المجال الدرامي. من المهم جداً أن نلتقي زملاءنا الفنانين في هذه المحافل بغية تبادل الآراء والأفكار". كما التقينا الكاتبة الكويتية هبة مشاري حمادة التي قالت: "في هذا المنعطف من تاريخ العالم ككل، وفي هذه الظروف العامة المليئة بالعنف البصري والإجتماعي والثقافي، ثمة حالة إقصاء عامة للمرأة في أكثر من مجال في الحياة ومنها الدراما التي حاولت بدورها توسيع دائرة التلقي عن طريق عرض أكثر من حالة تعنيف". أما الإعلامية الكويتية إيمان النجم فأكدت بالقول: "العنف ضد المرأة مرفوض بتاتاً، وموضوع غير قابل للنقاش. ما حدث اليوم ليس لمناقشة الموضوع بل لفتح الباب على مصراعيه لخطوة جدية لمنع تعنيف المرأة سواء لفظياً، جسدياً، أو بأي أشكال أخرى للعنف".