حقق الفنان التونسي لطفي بوشناق، نجاحات عديدة جعلته احد ابرز نجوم الغناء في العالم العربي ممن يحظون بجماهيرية كبيرة. اذ نوّع في اغنياته بين تلك الحديثة وايضا الموروث الشعبي التونسي حتى انه قدم ابتهالات دينية، والاهم ان كل ذلك لم يجعله يبتعد عن قضايا وطنه والبلاد العربية، فحمل همومها وعبّر عنها على طريقته في اغنياته، وله في هذا الاطار اغنيات عديدة منها "انا مواطن".
لطفي بوشناق، شارك في الدورة المقامة من مهرجان الموسيقى العربية بحفلين، احدهما في دار الاوبرا المصرية بالقاهرة، والثاني بدار اوبرا الاسكندرية، وأطرب جمهور المهرجان بمجموعة من الاغنيات المنوعة.
حول خِياراته الفنية، ورأيه، وتقييمه لحال الاغنية وما اذا كان يخطط لتغيير اتجاهه ويسلك طريقا اخر في عالم الغناء يتناسب مع العصر الحالي، وغيرها من الامور، كان لنا معه هذا الحوار.
لماذا تغيّبت 3 سنوات عن المشاركة في مهرجان الموسيقى العربية؟
بسبب ظروف الاوبرا وامكانياتها المادية الصعبة والتي تعود الى ضعف الميزانية المخصصة لوزارة الثقافة، وهو الحال الذي تواجهه وزارات الثقافة في باقي البلدان العربية فهي الاقل ميزانية بين ميزانيات الوزارات الاخرى، والامر غير متعلق بثورات الربيع العربي التي قامت في السنوات الاخيرة انما هو وضع سابق في اوطاننا وهو ما يؤثر بالتبعية على حال الفن الذي ليس في افضل اوضاعه. فهي مسألة مرتبطة ببعضها، فإذا توافرت ميزانية جيدة سيتم تقديم مجموعة من الاعمال الجيدة والعكس صحيح.
وما الاختلاف بين وقوفك على مسرح دار الاوبرا المصرية ومسارح أخرى اعتليتها؟
في مسارح مصر، اشعر كما لو كنت املك العالم والمنطقة العربية باكملها لما فيها من تاريخ وحضارة طويلة، فنحن كمطربين، تربّينا على الطرب المصري الاصيل واساتذة الفن في هذا البلد، لذا نتحمس كثيرا للوقوف على مسارح الاوبرا بمصر خصوصا اذا جاءت الفرصة مع مهرجان الموسيقى العربية الذي يجمع فنانين متنوعين في مدارسهم فيسمح لنا بتبادل الخبرات والمعرفة وكذلك يفسح الفرصة امام الجمهور للاستمتاع بالالوان المنوعة التي يحضرها وبجرعة الموسيقى والغناء الرفيعة التي يتابعها.
وهل يتغير تواجدك كمطرب بحسب المسرح؟
لا، فالوضع اشبه بالطبيب الذي يجري عملية جراحية لا يهتم بشخصية المريض الخاضع للعملية ولا بمكان اجرائها سواء أكانت مستشفى خاصة او درجة ثالثة انما كل ما يشغل باله هو السعي لانجاح العملية .
وما رأيك بإقامة الدورة الـ26 من هذا المهرجان؟
انه بمثابة جسر يعبر من خلاله الجمهور الى عالم مختلف، كما انه يسمح للمواهب الشابة بعرض قدراتها لهذا الجمهور الذي يتمتع بذوق رفيع جدا ولا يمكن ارضاؤه بسهولة، هذا الى جانب اهتمامه بالاغنية العربية والحفاظ على اصالتها وعراقتها.
وخلال زيارتك لمصر.. ما هي الاشياء التي لفتت نظرك واعجبتك؟
كثيرة هي الاشياء التي لفتتني، الا ان اهل مصر هم الابرز بالطبع، فهي محروسة بهم ولا خوف عليها في ظل وجودهم، لذا أدعو المصريين لمضاعفة جهودهم في سبيل رفع شأنها .
مشوارك الفني يضم مجموعة كبيرة من الاغنيات المميزة، لكن الملفت انك لم تقدم البومات.. ما سر ذلك؟
تقديم البومات غنائية امر بعيد عني ولم افكر فيه، خصوصا لان انتاجها يعني تعاوني مع شركة او جهة انتاج وهذا ما ارفضه تماما اذ سيفرض اصحابها عليّ تفاصيل وطلبات معينة في اغنياتي. وبرأيي ان الفنان الذي يسمح للمنتج بالسيطرة عليه ليس فنانا ولا يستحق ان يكون كذلك فانا ادرى بمشروعي وبما ارغب في تقديمه ليشكل حاضري ومستقبلي.
بعض الفنانين لديهم منهج او طريق يسلكونه لكنهم لا يمانعون التغيير تبعا لمتطلبات العصر.. هل توافقهم الراي؟
اتفق معهم اذ لا امانع خوض تجارب جديدة في عالم الموسيقى والغناء لكن على الّا تؤثر على تاريخي الذي رسمته في ذهن الجمهور انما تضيف لي والا اصبح غريبا او فارضا لنفسي في تجربة لا تناسبني لذلك احترم جدا النجم محمد منير فهو له مشروع محدد يعتمد عليه .
ما هي ابرز ملامح نهجك الغنائي؟
الصدق، فانا اقدم ما احترمه من فن يخرج من صميم قلبي ويُعبّر عن مبادئي، كما انني لا الهث وراء الظهور بشكل مستمر على حساب هذه المبادئ التي لن اتنازل عنها. فمنذ بدايتي رسمت لنفسي مخططا واضح المعالم لم اكذب على نفسي فيه لاكسب حاضري ولا اخسر الماضي وارى ان هذه هي وظيفة الفنان الحقيقي ايا كان مجاله.
وكيف ترى نفسك بين نجوم الطرب العربي؟
اعتبر نفسي تلميذا مجتهدا وسأبقى كذلك دائما، فاذا ما اعتبرت نفسي نجما لا مثيل له، فهذه تُعد بداية فشلي لان الفنان الذي يصيبه الغرور ويسير على درب المفاخرة ستكون نهايته لا محالة الفشل الذريع. واستمرارية الفنان برأيي لا تتحقق الا بصدقه الذي يضمن له الخلود .
ما المعايير التي تعتمد عليها في وصف اغنية ما بالجيدة؟
المعايير كثيرة واساسية منها رقي الكلمات والموضوع الذي تدور حوله الاغنية وجودة اللحن وتميّزه وكذلك التوزيع الجيد، وفي العصر الحالي تمت اضافة عنصر الصورة المرتبطة بالفيديو كليب.
في النهاية، ماذا تحب ان تقول؟
أشكرك كثيرا على هذه المقابلة، و ان شاء الله ستكون هناك مفاجآت في الفترة المقبلة.