من الصعب كتابة مقدّمة عن نجمٍ لا تختصره عبارات لأن الكلام أمام الأفعال هزيل. طوني أبو جودة، كوميديٌّ في بلدٍ درامي، عرفته الساحة و حفظته الذاكرة، معه تُرسم إبتسامة و بحضوره تليق بنا الضحكات. يغيّر في الأمكنة و لا يتغيّر في الموهبة، برنامج تلفزيوني، مسرحية، فيلم، برنامج هواة... أماكن ترك فيها بصمة و تركت له سجلاً حافلاً بالنجاحات، وآخرها مسرحية laugh story مع هشام حداد، جاد أبو كرم و بونيتا سعادة. ومن بعد الضحك المستمر كان لنا معه هذا اللقاء .
مبروك المسرحية، ماذا يتغيّر في طوني أبو جودة مع تغيير الفرقة والزملاء؟
بصراحة، ما يتغير هو طريقة التعامل مع كل شخص، نحن نعرف بعضنا البعض منذ الأساس، نحن "متعوّدون" على بعض لذا لم يتغيّر الكثير. الزملاء في المسرحية كعائلتي، هناك تفاهم كبير بيننا . تغيّرت الأفكار، لأننا نبحث عن التجدد فالناس عرفوا الكثير من الأعمال السابقة لنا جميعاً لذا حاولنا أن نقدّم الجديد للناس. هذا أول تعاون لي مع جاد وهذا جديدٌ أيضاً.
هنا يُطرح السؤال، أنت إسم كبير في الكوميديا، لا تمتلك عقدة العمل مع أشخاص جدد في المجال كجاد و بونيتا، ما هو سرّ هذا الطبع في طوني؟
طوال حياتي لم أكن أعاني من هذه العقدة أو من طريقة التفكير ، كل انسان يجب أن يساعد الطامحين من الجيل الجديد. نحن كنا "صغار" في البدايات وكل إنسان يبدأ صغيرا، ودائماً في البدايات يمتلك الإنسان الطموح للتشبّه بأشخاص يحلم أن يحذو حذوهم في المجال. أنا مررت شخصياً في هذه المرحلة لهذا السبب مدرك لقيمتها جيداً، كنت أطمح أن أقابل بعض الفنانين الكبار أو أن أعمل معهم و أمثّل أمامهم ، لذا أقدّر للمبتدئين كيف ينظرون إليّ بإحترام ، و كلنا سوف نصل لمرحلة نصبح فيها "معلمين" أو أساتذة، و اللقب يعني أن الشخص "يُعلّم" بالآخرين و هو ليس بلقب يُطلَق على الشخص من دون ان يحمل معنى، هذه هي الحياة.
هذه أوّل مرة نشاهد فيها مسرحية كوميديّة بعيدة عن تقليد السياسين على غرار النمطيّة المعهودة في مسرحيات الكوميديا، لماذا؟
لأنها و كما قلت، أصبحت نمطيّة و كل المسرحيات تقوم على تقليد السياسيين، وهؤلاء لم يتغيّروا حتى أننا وصلنا إلى جيلٍ يقلّد مقلّدي السياسيين، يتمرّنون على الشخصيّة من دون أن يعرفوها فيقلّدون المقلّد وقد بلغ السيلُ الذبى . شخصياً أعطيت هذا النمط الكثير من حياتي أكثر من عشرين عاماً وأنا أقلّد السياسيين، ولم تعد هذه الطريقة تعنيني لذا أعمل على التطوّر في مجالات أخرى.
صرّح الفنان المصري "إدوارد" بأن الكوميديا المصريّة أفضل من اللبنانيّة، لأن الأخيرة مرتبطة حصرياً بالسياسة، هل توافقه الرأي؟
مئة في المئة، لأن الكوميديا الإجتماعيّة ممكن عرضها في كل الأمكنة و بكل اللهجات و يفهمها الجميع. يمكن أن نقدّمها بلهجتنا اللبنانية و يفهمها كل عربي. أقول لك هذا بعد التجربة التي عشناها من خلال تقديم مسرحيتنا في الأردن، كنا نلمّح بعض التعليقات عن بعض السياسين في لبنان، لم يعرفهم أحد حتى السياسين الاردنين الحاضرين لم يعرفوا سياسيي لبنان.
المسرح جميل، لكن التلفزيون يوسّع بيكار الشهرة أكثر. ما رأيك؟ هل تنتمي إلى هذا التفكير؟
هذا واقع، التلفزيون يُشهرك أكثر من المسرح، و أنا حققت شهرتي عبر إنطلاقتي في التلفزيون و هذا ما ساعدني في عملي المسرحي. هناك الكثير من الجمهور العربي لا يعرف أنني اقدّم أعمالا مسرحيّة و أقدّم عبرها شخصيات عدّة، لأنهم عرفوني من خلال برنامج "يا ليل يا عين". فعرفوني كمذيع اكثر من ممثل. وهنا تكمن قوّة التلفزيون، لكن الأن "خلص" وصلت إلى مرحلة حيث إستغليت كل الشهرة التي يجب أن أكتسبها ، وأصبح من الضروري أن أستفيد منها للأعمال المسرحيّة، والأهمية هي بأن يشتاق لك جمهور التلفزيون.
هل صحيح أن عصر التلفزيون إنتهى، و اليوم هو عصر التواصل الإجتماعي؟
صحيح، لكن الموضوع بحاجة إلى وقت بعد، التلفزيونات في لبنان "عم بتعضّ على الجرح".
التلفزيونات تتعاطى ب"عنجهيّة" إنكار الواقع، صح؟
صحيح، هناك تلفزيونات تعتبر أن الزمن لم يتغيّر بعد ، و لكن بالحقيقة الزمن تغيّر كثيراً. و أنا ألوم بعض التلفزيونات التي دخلت عصر الإعلام الجديد بطريقة خاطئة ، فقد استغلوّا "فوعة" مواقع التواصل الإجتماعي و الأشخاص الذين ينتمون إلى هذه الفوعة وهم أشخاص "عاديون". بمعنى أن هناك من إشتهر عبر مواقع التواصل الإجتماعي، "إنغشّوا فيهم" المحطات و أعطوهم مساحة على التلفزيون و إعتقدوا أنهم سيقدّمون شيئاً إضافياً عبر التلفزيون ، لكن الحقيقة هي أن التلفزيون هو عالم و السوشيل ميديا هي عالم آخر بحدّ ذاته. كما أن هناك أشخاص كبار في العمر، لا يتعاطون بمجال التواصل الإجتماعي لا يمكنك أن تفرض عليهم هذا الواقع.
ماذا تقول لكل من سئم من المسرحيات الكوميديّة في لبنان، و كيف تشجعه على حضور مسرحية laugh story ؟
أقول له، من الجميل أن يكون هناك مسرح في لبنان، وهذا دليل عافية للبلد. في حال توقّفوا عن تشجيع المسرح، تكون الثقافة قد توقّفت هي أيضاً. نحن جزء من الثقافة، حتى و لو أن فحوى المسرحيّة ليس بثقافي ، بالمعنى الشيكسبيري للكلمة، لسنا كمسرح الرحابنة. لكن نحن من الشعب، نحن نمثّل الشعب، وهذا الأخير ينتظر أعمالنا و أقوالنا، لاننا نقول ما هو يريد البوح به. أنا أشجعهم على أن يشاهدونا و يشاهدوا غيرنا أيضاً، فهذا دليل العافية في البلد، و شكراً لكم.