مسيرته الفنية حافلة بالإنجازات على مدار أكثر من خمسين عاما قدم فيها نوادر السينما والدراما المصرية، وعمل نقيبا للممثلين لفترة كانت من أزهى عصور النقابة وأسس نادي نقابة المهن التمثيلية، فهو من جيل المحترمين الذين يحبون الفن ويعشقونه ولا تُرضيهم أوضاع الفن في الوقت الحالي، ورغم شفائه من مرضه وتعافيه، إلا أن الجميع من حوله قرر التخلي عنه فآثر الإعتزال والامر لم يلق اي رد إعتبار من صُنّاع الفن والقائمين عليه.
... هو الفنان يوسف شعبان، الذي يتحدث لـ"الفن" عن أسباب اعتزاله وعلاقة مرضه بهذا الأمر، لاسيما في ظلّ انتقاده الأوضاع الحالية ونقيب الممثلين أشرف زكي، ويكشف لنا الكثير من الأسرار والتفاصيل في لقاء شيّق لموقعنا:
في البداية.. بعد أكثر من خمسين عام من العمل في مجال الفن، لماذا قررت الإعتزال؟
الحقيقة أنني وجدت المصالح الشخصية تملأ الساحة الفنية ولا أحد ينتبه للقامات الفنية الكبيرة ولّلذين قدّموا للفن الكثير الكثير، اعتزالي جاء إحتراما لنفسي ولبلدي التي أحبها وأكن لها كل الحب والتقدير. فالقائمون على صناعة الفن وعلى رأسهم وزير الثقافة لا يكترثون لما يجري على الساحة الفنية.
ولماذا أشعر بإستياء شديد في حديثك عن الفن اليوم، بعيدا عن قرار اعتزالك؟
أنا بالفعل مستاء مما يجري على الساحة الفنية خصوصا أننا افتقدنا للأدب في أعمالنا وأصبحت القصص التي نراها على الشاشات وفي السينما مستنسخة من أعمال أجنبية أو من الجرائم والحوادث الواقعية، فأين أدب نجيب محفوظ وكبار الكتاب؟ أصبح المؤلف يستسهل الكتابة ولا أحد يهتم لوضع الفن المصري رغم أننا هوليوود الشرق ولنا مكانة كبيرة على خارطة الفن في العالم العربي، وأحيانا أشعر بأن هناك تعمّدا لتخريب الفن في مصر من دون القيام بأدنى المحاولات للنهوض به.
وهل صحيح أن مرضك هو الشرارة الأولى وراء قرار اعتزالك الفن؟
هذا غير صحيح وليس هناك أي علاقة لمرضي بقرار اعتزالي، خصوصا أنني تعافيت من مرضي الذي هو إبتلاء من الله عز وجل وفي الوقت نفسه ليس هناك ما يمنعني من ممارسة فني سوى الوضع المتدني في ايامنا وعدم الإهتمام بالفنانين الكبار وهذا ما لا أقبله، لذا فضّلت أن أعتزل، خصوصا أن النصوص والأعمال غابت عني ولم تُعرض علي أيّة أعمال منذ فترة طويلة.
تهاجم الأعمال الفنية التي يتم عرضها، فهل شاهدت ما تم عرضه خلال شهر رمضان الماضي؟
لا أستطيع مشاهدة كل الأعمال المعروضة أو عملا كاملا بل أشاهد بعض المشاهد من هذه الأعمال، كما أنه ليست كل الأعمال مميزة بل أن الاغلبية تفتقر لمستوى الجودة والكثير من الأعمال مستواها متدنّ للغاية.
كُنتَ جريئاً بالهجوم على واقعة غادة عبدالرازق ومحمد سامي وما حدث بينهما من خلاف على خلفية مسلسل "حكاية حياة"؟
بالفعل، لست راضيا عن الكثير مما يحدث داخل الوسط الفني ولا أقبله، ما يحدث لا يرضيني أنا أو غيري، فهناك إستهانة من الفنانين أنفسهم بقيمة ما يقدمونه وعملهم في مجال الفن، والمفروض أن الفنان قدوة لجمهوره ولابد أن يراعي كل الظروف من حوله.
وهل صحيح أن نقابة الممثلين تحدثت إليك عقب قرار إعتزالك؟
هذا غير صحيح، ولم يتحدث لي أحد سواء من نقابة الممثلين أو من أي هيئة تابعة للفن.
عملت نقيبا للممثلين لفترة كانت من أزهى العصور.. كيف تُقيّم أداء أشرف زكي في الوقت الحالي؟
أشرف زكي سمح لكل من هب ودب بالعمل في مجال التمثيل على الرغم من أن هذا لا يصح لأن التصريحات لمن يعملون بهذا المجال لا تتم إلا بعد إختبارات أمام مجلس النقابة وهذا ليس هو الحال اليوم بالتأكيد ،حتى اختلط الحابل بالنابل وأصبحنا نرى أشخاصا لا يمتلكون الموهبة وغير مؤهّلين على الإطلاق، موجودين ولديهم أعمالا يقدمونها، لاسيما وأن إنشغاله بالمشاركة في الأعمال الفنية يشغله كثيرا عن عمله الأساسي كنقيب للممثلين!
لقد اتخذت قرار الإعتزال بطريقة علنية على الرغم من ان كثيرين من أبناء جيلك إلتزموا منازلهم وكأنهم يعتزلون أيضا ولكن بطريقة غير علنية أملا في تحسن الأوضاع.....
هذا بالفعل حقيقي، فالكثير من المخرجين والفنانين يلتزمون الجلوس في منازلهم ولا يعجبهم حال الفن في الوقت الحالي وابتعدوا كثيرا عن الساحة، فهذا الجيل الذي تتحدث عنه لا أستطيع الا أن أصفه بالإحترام. هذا الجيل لم يكن يقبل بألفاظ خادشة أو مشاهد غير مقبولة بل كان يكن كل الإحترام للجمهور. أنا أحترم إبتعادهم وخوفهم وحبهم للفن.
هل تشعر بالحزن إزاء قيامك بأشياء عظيمة وقت تولّيك منصب نقيب الممثلين، وإزاء عدم رد الجميل من النقابة في الوقت الحالي؟
لست حزينا على شيء فكل شيء في الدنيا قدر ونصيب. أنا قمت بعمل نادي لنقابة المهن التمثيلية وحصّلت أموالا كثيرة للنقابة رغم أن وقت استلامي لها كانت مديونة. لقد اعتدت أن أؤدي عملي على أكمل وجه في اي مكان أكون فيه، انا لم أُقصّر ابدا في حق منصبي وكنت أعمل بكل ما لدي من جهد.
وهل من الممكن أن تتراجع عن قرار اعتزالك؟
لست مستعدا للعدول عن هذا القرار، ولكن لو وُجدت تغييرات جذرية في أوضاع الفن بشكل عام، قد أعدل عن قراري.
ختاما... ما هي نوعية الأدوار التي تحبها في الفن؟
أعشق اللون الصعيدي وأتمنى مشاهدة الكثير من القصص الصعيدية في الدراما والسينما. فالصعيد مليء بالقصص التي تستحق أن يتم تقديمها للجمهور بدلا من الإستنساخ في القصص وعدم وجود افكار جديدة في السوق، فهناك أعمال كثيرة مازالت في الخيال والوجدان من دراما الصعيد وكبار الفنانين تألقوا في الأدوار الصعيدية لأنها حقيقية وواقعية وصعبة وتستحق التقديم بالفعل.